تعرض مصطلح العولمة لهجوم ضاري من بعض الذين يظنون أنفسهم أنهم يدافعون عن الدين وعن الثقافة العربية والإسلامية. وعلى الرغم من أن مصطلح العولمة تعرض للهجوم من جانب كل المدافعين عن الأديان والثقافات المحلية خارج دائرة العالم الإسلامي والثقافة الإسلامية إلا أن الغريب أن الهجوم علي هذا المصطلح في المجتمعات الإسلامية اتخذ شكل الدفاع عن العقيدة الإسلامية وكأن العولمة هى المرادف المضاد للإيمان أو كلمة تعني الخروج عن الإسلام وتعاليمه، ولكن هل وردت إشارات للعولمة في القرآن الكريم؟ وهل فعلا الإسلام لا يعرف العولمة ولا يعترف بوجود ثقافة عالمية واحدة ؟ وهل المسلم الصالح هو الذي ينكفئ على ذاته فلا ينفتح على الثقافات الأخرى ؟
اقرأ ايضا : الحوار بين الأديان.. هل هو دعوة لدين إنساني مشترك بين أتباع كل الأديان؟
لقد وردت إشارات للعولمة في القرآن الكريم من خلال تكرار كلمة العالمين في أكثر من موضع من كتاب الله الكريم، وبلغت عدد الآيات التي وردت فيها كلمة العالمين في القرآن الكريم نحو 38 موضع، منها قول الله تعالي : الحمد لله رب العالمين ﴿٢ الفاتحة﴾
اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين ﴿٤٧ البقرة﴾ اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين ﴿١٢٢ البقرة﴾ إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين ﴿١٣١ البقرة﴾ ولٰكن الله ذو فضل على العالمين ﴿٢٥١ البقرة﴾
إن الله اصطفىٰ ادم ونوحا وال إبراهيم وال عمران على العالمين ﴿٣٣ ال عمران﴾ إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك علىٰ نساء العالمين ﴿٤٢ ال عمران﴾ ومن كفر فإن الله غني عن العالمين ﴿٩٧ ال عمران﴾ وجعلكم ملوكا واتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين ﴿٢٠ المائدة﴾ ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين ﴿٢٨ المائدة﴾ فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين ﴿١١٥ المائدة﴾ فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين ﴿٤٥ الأنعام﴾ قل إن هدى الله هو الهدىٰ وأمرنا لنسلم لرب العالمين ﴿٧١ الأنعام﴾ وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين ﴿٨٦ الأنعام﴾ قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ﴿١٦٢ الأنعام﴾ ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين ﴿٥٤ الأعراف﴾ قال يا قوم ليس بي ضلالة ولٰكني رسول من رب العالمين ﴿٦١ الأعراف﴾ قال يا قوم ليس بي سفاهة ولٰكني رسول من رب العالمين ﴿٦٧ الأعراف﴾ أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين ﴿٨٠ الأعراف﴾ وقال موسىٰ يا فرعون إني رسول من رب العالمين ﴿١٠٤ الأعراف﴾ قالوا امنا برب العالمين ﴿١٢١ الأعراف﴾ قال أغير الله أبغيكم إلٰها وهو فضلكم على العالمين ﴿١٤٠ الأعراف﴾
واخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين ﴿١٠ يونس﴾ لا ريب فيه من رب العالمين ﴿٣٧ يونس﴾ قالوا أولم ننهك عن العالمين ﴿٧٠ الحجر﴾.
وفي كل الآيات السابقة وردت كلمة العالمين في سياق مختلف وبعضها ورد على لسان أنبياء مختلفون، وقد يشير ذلك إلى أن المولى سبحانه وتعالى ، وله المثل الأعلي، ينظر إلى جميع الناس على أنهم عالم واحد، هم أمم مختلفون ولكنهم في النهاية يمثلون عالم واحد. قد يختلفون في الثقافة وفي الدين وفي العرق، لكن يجمعهم وحدتين، الوحدة الأولى هى وحدة الإنسانية وهى الرابط المشترك بين جميع الأديان، والرابط الثاني هو وحدة الألوهية بصرف النظر عن اختلاف كل تصور في كل دين عن طبيعة الإله الذي يعبده أتباع هذا الدين. وهو ما يؤشر إلى أنه يمكن التعامل مع مصطلح العولمة على أنه مصطلح إيماني يجمع الناس حول فكرة الإله الواحد بصرف النظر عن اختلاف فكرة كل دين والتصور الذي يضعه لأتباعه عن الله