بالفيديو.. «الجورنالجي والرؤساء».. علاقات ما بين الصداقة والعداء

 

توقفت محطات عمر الكاتب الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل ، في المحطة

93 ليرحل عن دنيانا، صباح اليوم الأربعاء، بعد رحلة صحفية كبيرة استطاع من خلالها صناعة

اسم من الصعب نسيانه سواء علي مستوي المؤيدين لمواقفه السياسية أو المختلفين معها.

 

استطاع هيكل علي مدار حياته التقرب من الرؤساء مؤثرا بمواقفه فما بين

الصداقة والمشاركة في صنع القرار السياسي وما بين التوتر والفتور والعداء انطلقت رحلة

هيكل في دهاليز الرؤساء.

 

السيسي والجورنالجي

وصف الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل في حوار تليفزيوني الرئيس عبد الفتاح

السيسي بأنه مرشح الضرورة، وأن خلفيته العسكرية هي الأنسب لمصر، مضيفا أن السيسي قادم

من المؤسسة العسكرية التي تعد المؤسسة الوحيدة القادرة على مواجهة المخاطر في اللحظة

الراهنة، مؤكدا أنه لا توجد لديه أي حساسية من الخلفية العسكرية للسيسي، بل يراها هي

الأنسب والأكثر ضرورة.

 

مرسي رئيس تكفيري

في الأول من يوليو الماضي، تحدث "الأستاذ" للمرة الأولي عقب

فوز المعزول محمد مرسي، بمنصب رئاسة الجمهورية، كأول رئيس مدني للبلاد، وقال في حواره

مع صحيفة "صنداي تايمز البريطانية": إن مرسي رجل طيب جدا على المستوى الشخصي،

لكننى لست متيقنًا من مدى معرفته بالعالم العربي، والسياسة المصرية".

 

اعتقد هيكل في حواره أن النجاح لن يكون حليفًا للإخوان، ومع ذلك يؤمن

بضرورة منح مرسي والحركة الإسلامية التي يمثلها الفرصة، قائلا "لقد ظلوا في مسرح

الأحداث ردحا طويلا من الزمن، وهم يشكلون تيارا يظن البعض أن فيه الخلاص".

ولكن عقب ثورة 30 يونيو تغيرت الأحوال وصف هيكل المعزول بالرئيس التكفيري،

وحمله مسئولية قتل الشيعة .

 

مبارك والأستاذ

أعلن هيكل عن تأييده الشخصي لمبارك في البداية، ودعا كل المواطنين لمساندته

لينجح في أداء مهمته بنجاح، وفقا لما أورده هيكل في كتاب "مبارك من المنصة إلى

الميدان" في الوقت نفسه كان "مبارك" يعرف جيدًا قيمة وتاريخ "هيكل"

لمعرفته المسبقة بعلاقة "الأستاذ" بالرؤساء السابقين، وتأثيره عليهم.

 

كان "الأستاذ" معجبًا بمبارك في بداية حكمه، ورأى أن الصفحة

التي فتحها مبارك معه ومع غيره من السياسيين الذين ألقاهم السادات في سجونه، باتت صفحة

مشرقة تستحق المساندة.

 

توترت علاقة هيكل بمبارك بعدما ألقى الأخير محاضرة في الجامعة الأمريكية

عام 2002، قال فيها: «إن السلطة شاخت في مواقعها، وهناك مخطط واضح لتوريث الحكم، ومهما

كانت الصورة حلوة، فلابد أن نقول كفاية»، في إشارة إلى ضرورة رحيل مبارك عن الحكم،

وكان هذا الحديث كفيلا لإثارة انتباه الجميع حول مخطط التوريث الذي سعى إليه الرئيس

الأسبق حسنى مبارك، فتساءل الأخير لماذا يكرهنى هيكل هكذا؟ وقد سبق هذا الموقف آخر،

عندما جرى تمرير القانون 93 لسنة 1995 لنقابة الصحفيين وقتها وجه رسالته القوية للنظام،

قال فيها: «إن هذا القانون في ظنى يعكس سلطة شاخت في مواقعها وهى تشعر أن الحوادث قد

تجاوزتها".

 

هيكل اعتذر للسادات بعد مماته

العلاقة بين هيكل والسادات ظلت جيدة حتى حرب أكتوبر 1973 وسرعان ما انقلب

السادات على هيكل، لكن هيكل رفض طريقة تعامل الرئيس السادات مع انتصار حرب أكتوبر سياسيا،

وكان يرى أن السادات يعطي للولايات المتحدة دورا أكبر مما ينبغي، بعد انتصار تحقق بسلاح

جاء من الكتلة الشرقية وعلى رأسها الاتحاد السوفيتي".

 

الصراع بين السادات وهيكل انتهى بقرار أصدره السادات في الثاني من فبراير

1974، حيث قام من خلاله بنقل هيكل من الأهرام إلى العمل كمستشار للرئيس، وسرعان ما

رفض هيكل القرار وبوضوح، وعلق على القرار بعد أيام في تصريح لصحيفة "صنداي تايمز"

البريطانية قائلا: "إنني استعملت حقي في التعبير عن رأيي، ثم إن الرئيس السادات

استعمل سلطته، وسلطة الرئيس قد تخول له أن يقول لي اترك الأهرام، لكن هذه السلطة لا

تخول له أن يحدد أين أذهب بعد ذلك، القرار الأول يملكه وحده، والقرار الثاني أملكه

وحدي".

 

واشتد الصدام بين هيكل والسادات حتى بلغ ذروته، عندما تحدث السادات أمام

كاميرات التليفزيون في سبتمبر عام 1981، عندما وجه اتهاما مباشرا لهيكل بأنه لم يعد

صحفيا بل سياسيا، وعليه أن يترك الصحافة إلى السياسة، و"ليس من حقه كصحفي أن يناقش

القرار السياسي، فتلك مسئولية الرئاسة".

 

عبد الناصر صداقة دائمة

اختار عبد الناصر هيكل منذ البداية وراهن عليه، إلى حد أن جعله المدني

الوحيد الذي كان حاضرًا في القيادة في أحرج الأوقات لحظة تقرير مصير الثورة، ونلاحظ

أيضًا أن عبد الناصر بدأ في تكليف هيكل بمهام لخدمة الثورة في هذه الليلة الطويلة التي

كانت لحظة فاصلة في التاريخ، وأيضًا لحظة فاصلة في حياة ومستقبل مصر والثورة وعبد الناصر

وهيكل.

هيكل يقول عن علاقته بعبد الناصر إنها علاقة من نوع متميز بين شخص يقود

وشخص إلى جانبه يتكلم أو يفكر، حرص خلال هذه العلاقة أن يكون بعيدا عن المناصب والأوضاع

الرسمية، وكان دائما متمسكا بالصحافة والكتابة ويفضلها عن أي منصب رسمي، وقد ذكر ذلك

لعبد الناصر مرات عدة، قائلا له إنه يفضل الاحتفاظ بصفة الصديق، الذي يتحدث إليه باستمرار

بدون وساوس أو إحراج، وكانت العلاقة بين ناصر وهيكل قبل الثورة وحتى 28 سبتمبر

1970 علاقة حوار مستمر، تعتمد على الثقة الكاملة.

 

هيكل ومحمد نجيب

منذ البداية أعلن هيكل أن نجيب لا يصلح للاستمرار في رئاسة مصر، لعدم

تطابق صفات الترشح عليه، خاصة فيما يتعلق بجنسية الأم التي قال هيكل إنها كانت سودانية.

 

زاد "الأستاذ" من هجومه على نجيب بأن اتهمه بالعمالة لأمريكا-

وذلك في كتاب عبدالناصر والعالم- من خلال واقعة تلقيه مبلغ 3 ملايين دولار، كاعتماد

أمريكي، لبناء برج لاسلكي للاتصالات العالمية، مما دفع نجيب لمقاضاة هيكل أمام محكمة

جنايات الجيزة، في نوفمبر من عام 1972، إلا أن هيكل استطاع أن يصل إلى صيغة تصالح مع

نجيب، مقابل نشر هيكل بيان تكذيب في صحف "ديلي تلجراف" والأهرام والنهار

اللبنانية، ورحل نجيب عن الحياة قبل أن تصفو العلاقة بينه وبين الأستاذ هيكل.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً