نائب مدير مستشفى العباسية يكشف لـ أهل مصر أسباب الانتحار لدى الشباب: الاكتئاب والعزلة يفقدان الإيمان بالأخرين.. وتوقف حملة التوعية زاد من الأزمة

تشغل فكرة الانتحار تفكير شخص ما في العالم كل 40 ثانية، وذلك وفقًا لما أعلنته منظمة الصحة العالمية (WHO) بالإضافة إلى أن هناك 800 ألف شخص يموتون من الانتحار كل عام وهي أرقام مرعبة، لذا تحاول "أهل مصر" كشف الستار عن كل ما يخص الأفكار الانتحارية وأسبابها ومراحلها وكيفية امتناع الأشخاص عن ارتكاب فعل الانتحار من خلال التقرير التالي خاصة بعد تكرار حوادث الانتحار في الفترة الأخيرة، ولعل أخرها انتحار مهندس شاب مساء أمس من أعلى برج القاهرة.

ومن جانبه، علق الدكتور أحمد صلاح الدين، أخصائي الطب النفسي وعلاج الإدمان، مدير وحدة الرجال المطورة بمستشفى العباسية للصحة النفسية، ونائب مدير المستشفى، على انتحار الشباب خاصة في الفترة الأخيرة، بعدم وجود انتشار لفكرة الانتحار لأنه موجود بالفعل منذ زمن بعيد ولكن هناك تسليط للضوء عليه وتسجيله بسبب انتشار المعلومات وتداولها خاصة على "السوشيال ميديا"، كما أن هناك علاقة وثيقة بين الانتحار والمرض النفسي، ولكن ليس كل انتحار سببه مرض نفسي، ولكن أغلب المنتحرين لديهم مرض نفسي حوالي 80% لديهم اكتئاب وهناك من يعانون الفصام والاضطرابات الوجدانية وأمراض أخرى، وانتشاره يكون لدى الرجال بشكل أكبر من السيدات.

اقرأ أيضًا.. لحظة انتحار شاب من أعلى برج القاهرة (فيديو)

وقال صلاح الدين في حديثه لـ"أهل مصر"، أن الطرق الانتحارية أصبحت جديدة كإلقاء الشخص لنفسه من مكان مرتفع أو أمام عجلات المترو أو القطارات، ففي الماضي كانت الطرق الانتحارية المسيطرة هي الأدوية أو ابتلاع السم سواء "حبوب الغلة" أو "سم فئران"، مشيرًا إلى أن المرعب هو انتشار فكرة الانتحار لدى جميع الفئات سواء كانوا رجال، سيدات، أطفال، المراهقين والشباب، وبالغين وموجود على كل المستويات والطبقات الاجتماعية سواء الطبقة الراقية أو الأكثر شعبية.

وأكد أخصائي الطب النفسي وعلاج الإدمان، أن الانتحار غالبًا فكرة غير لحظية أي غير وليدة اللحظة ولكن يظهر قبل حدوثه بوادر الانتحار سواء كانت أعراض الاكتئاب أو العزلة أو فقدان الرغبة في عمل شيء أو عدم الحديث مع الأخرين والتفكير في الموت ومن ثم التفكير في عمل خطة بإحضار دواء أو سم أو مشنقة وغيره وفي المرحلة الأخيرة هي فعل أو حدث الانتحار نفسه وهناك من يمرون بالمراحل الأولى ويتراجعون عن الفعل نفسه في النهاية لأن هناك غريزة لدى الإنسان تجعله يحاول دائمًا الحفاظ على حياته ووجوده في الحياة إلا في حالة وجود خلل في التفكير والرغبة في الانتحار ويتولد ذلك نتيجة خلل نفسي أو اكتئاب أو فصام أو اضطرابات وجدانية أو بسبب المخدرات خاصة لدى من وصلوا للمرحلة الأخيرة فيها ولم يستطيعوا تحمل الآلام.

وأضاف أخصائي الطب النفسي وعلاج الإدمان، أن في 2018 كان هناك حملة تعتبر الجزء الثاني من حملة التعريف بالأمراض النفسية وكانت بالتركيز على فكرة الانتحار وايذاء النفس وهي استمرت في محطات مترو الأنفاق وكانت تابعة للأمانة العامة للصحة النفسية بوزارة الصحة ولكنها توقفت تمامًا الآن بسبب التمويل وأسباب أخرى وكان هدفها التواصل مع الأشخاص الذين يعانون من سيطرة الأفكار الانتحارية والتواصل معهم لإيقافهم ومساعدتهم بعيدًا عن الحديث حول قلة الإيمان والقرب من الله لأنه غالبًا لم ينفع معهم بل يزيد من تفكيرهم في الانتحار، والجزء الثاني من الحملة انتشارها مترو الأنفاق والأندية الرياضية ومراكز الشباب والمدارس وغيره، وكانت المشكلة تكمن في الخط الساخن وتوقيته من الساعة 9 حتى 3 عصرًا ومن ثم ترك رسالة مسجلة بالاتصال في اليوم التالي فمثلا شخص راودته فكرة الانتحار في الساعة الخامسة مساءً لن يجد حينها من يقنعه بالتوقف عن الأمر لأنه أمر لحظي يجب التدخل فورًا لإيقافه.

اقرأ أيضًا.. صديق الطالب المنتحر من برج القاهرة يكشف تفاصيل جديدة

وأشار أخصائي الطب النفسي وعلاج الإدمان، إلى أن هناك ضغط رهيب في مستشفيات الصحة النفسية التابعة للأمانة العامة للصحة النفسية بوزارة الصحة والمستشفيات الجامعية، وهناك نقص في تدريب الأطباء وجزء كبير ينقصه خبرة كيفية التعامل مع الأفكار الانتحارية وايقافها وهو ما أدى إلى توقف الحملة، منوهًا عن وجود "برنامج ردأ الفجوة النفسية" تابع لمنظمة الصحة العالمية بسبب وجود محافظات حدودية ومحرومة من مستشفيات الصحة النفسية مثل سيناء والبحر الأحمر والوادي الجديد والأقصر والجيزة، وهدفه تعليم الفريق الطبي ويشمل الأطباء والتمريض ومقدمي الخدمة الطبية في وحدات الرعاية الأولية على كيفية التعامل مع أفكار الانتحار والأمراض النفسية وذلك في محافظات التأمين الصحي، وكيفية التعامل مع الكبت النفسي وهو برنامج من 10 محاضرات.

ولفت إلى أن فكرة الانتحار تنشأ عمومًا عندما يفقد الشخص الايمان بمن حوله والاهتمام منهم، فالشخص عندما ينعزل تزيد قابليته على ايذاء النفس والتفكير في الانتحار، خاصة بسبب وجود ظروف اقتصادية واجتماعية تحث على ذلك، ففي الماضي كان هناك مجتمع متماسك رغم وجود المشكلات ولكن الآن كل شخص منعزل عن الأخر، وانتشار تريندات حول الانتحار شجاعة وغيره وعلى العكس تريند أخر بالاستهوان بفعل الانتحار رغم وجود الأفكار الانتحارية لدى الكثيرين ينتظرون الفرصة لإيذاء أنفسهم، لافتًا إلى أن أبسط شيء يمنع الشخص من فكرة الانتحار هو الدعم من دائرة الأهل وزيادة الاقتراب من أولادهم وفهمهم والتحدث معهم وكسب ثقتهم بدون إهانة أو ضرب وغيره أولا ومن ثم الأصدقاء والعمل فعلى الرغم أن العمل أحيانًا يكون سببًا في حدوث اضطرابات نفسية إلا أنه يمنع الأفكار الانتحارية لأن البطالة تزيد فكرة الانتحار.

اقرأ أيضًا.. النائب العام يأمر بالتحقيق في تسريب فيديو انتحار طالب من برج القاهرة

وعن الحاجة إلى مبادرة رئاسية أو حملة صحية ضخمة عن المرض النفسي، أوضح أن هناك مبادرة لإزالة الوصمة عن المرض النفسي أطلقها الدكتور أحمد عكاشة أستاذ الطب النفسي، لأن كثير يعتقدون أن المرض النفسي آخر ما يفكر فيه الإنسان ويحتاج فعليا اهتمام وخاصة في ظل نقص رهيب في عدد الأطباء النفسيين في مصر وهم حوالي3000 طبيب منذ بدء إنشاء النقابة ومنهم من توفى أو سافر إلى الخارج، وفعليا حولي 1200 طبيب نفسي في مصر، أهمية زيادة الوعي في المجتمع خاصة في ظل وجود 100 مليون مواطن حوالي 10-20% منهم يلجأون للطب النفسي والأخرين إلى يبحثون عن ممارسات الدجل والشعوذة والسحر أو ممارسات شعبية أخرى.

اقرأ أيضًا.. نيابة قصر النيل تستدعي أسرة طالب الهندسة المنتحر من أعلى برج القاهرة

يُذكر أن كاميرات المراقبة ببرج القاهرة كشفت أمس عن إلقاء شاب خريج هندسة حلوان بنفسه من أعلى طابق بالبرج على ارتفاع 187 مترًا بسبب مروره بأزمة نفسية.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً