ربما كانت الحلقة التاسعة من مسلسل ممالك النار هى الأكثر جدلًا، خاصة فى مشهد الكامل مع السلطان سليم الأول، إذ أن الكامل كان ممثلًا لجماعة تسمى الجهاردية وهى تتبنى أفكارًا تتعلق بوجود المهدى المنتظر الذي سيخلص البشرية من الظلم الواقع عليها.
سمع عنهم المصريون أول مرة فى ممالك النار.. "الجهاردية" وتفاصيل ظهورهم كعقيدة بعد مقتل الحسين واعتناق العثمانيين لهم
وإذا بحثنا فى التاريخ سنجد أن عهد سليم الأول كان عبارة عن عهد جديد من الإيمان بأفكار المهديين الذين كانت تمثلهم الجهاردية، وخاصة بعد هزيمة المماليك في معركة مرج دابق.
وبعيدا عن أصل الاسم الذي اشتق من كلمة يونانية، ولكن الخلاف حول ماذا يؤمن هؤلاء الذين ينتمون لجماعة الجهاردية.
تاريخيًا، ظهر هذا المسمى كما ذكر المسلسل فى عهد العثمانين أو قبله بقليل، ولكن مثل هذه الجماعات ظهرت بأسماء مختلفة وبأفكار واحدة منذ عهد الدولة الأموية حتى عصرنا الحاضر.
من الأمويين حتى العثمانيين.. كيف تطورت الجهاردية مع تعاقب الخلافات الإسلامية؟
وتعتبر الجهاردية حركة فى الأساس سياسية وليست دينية مثلها مثل الحركات المشابهة لها، حيث تسعى هذه الجماعات إلى حصد المكاسب السياسية ولكن بغلاف ديني بحت، وذلك من خلال إيهام الناس أن ما يعيشون فيه هو ظلم واضح ولا بد من وجود مهدي منتظر مصداقًا لحديث الرسول أنه يأتي قبل إقامة الخلافة الراشدة مرة أخرى.
وحول حقيقية انتماء هذه الجماعة تحديدًا إلى الطرق الصوفية، نفى عمرو عبد المنعم، الباحث فى الشأن الإسلامي، وجود هذه الطريقة في طرق الصوفية إطلاقًا، وقال إنها حركة سياسية وليست دينية، بل إن بعض غير المسلمين طبقوها ليستولوا على الحكم في بلادهم.
وأضاف عبد المنعم لـ"أهل مصر"، أن كل هذه الجماعات ظهرت من رحم واحد وهو "المهديين" حتى لو كان بأسماء مختلفة وممتدة حتى الآن، وآخر ذلك الجماعات التى حاولت الانقلاب على الحكم جماعة جهيمان العتيني عندما اقتحمت الحرم المكي لمدة أسبوعين تقريبا، ولكن تم قتالهم وانتهت الفتنة بقتل حواللى 400 شخص في السعودية.
أهداف خبثية بغلاف ديني.. جهاردية العثمانين.. أفكار متخلفة عبر التاريخ
وإذا أردنا التأصيل لأفكار الجهاردية، فسنجد أن أفكاره ظهرت بعد مقتل الإمام الحسين على يد شخص يسمى مختار الثقفي صاحب الحركة الكيسانية، حيث أرادت هذه الحركة الانتقام من قتلة يدنا الحسين وقتلهم ولكنهم كانوا يريدون سببا مقنعا ذريعة لذلك حتى يغلفوا أعمالهم بغلاف ديني، فلجأوا إلى فكرة المهدى المنتظر واختاروا واحدا منهم وزعموا أنه هو المهدى المنتظر الذي سيثأر للإمام الحسين وسيملأ الأرض قسطا وعدلا، وبالفعل بدأوا محاربة قاتلى الحسين وحدثت فتنة قتل فيها المختار وجماعته حوالى 100 شخص، وتمكنوا من الحكم وقتها حتى انتهت دولتهم على يد آل الزبير بعد قتال أسفر عن مقتل حوالى 16 ألف من الطرفين.
جهاردية "ممالك النار".. جماعات بأسماء مختلفة وأهداف واحدة
وظهر مصطلح الإمام المخلص أيضا، مع ظهور الدولة العباسية، واعتنق البعض فكرة المهدي المنتظر، وبالفعل استطاع العباسيون القضاء على الدولة الأموية من خلال هذه الذريعة وذلك بمساعدة العلويين حتى اصطدموا ببعضهم أيضا، فانتقم العباسيون من كل من يقف في طريقهم وقاموا بإطلاق لقب المهدى على والد هارون الرشيد حتى استكان لهم العباد والبلاد.
العثمانيون والجهاردية
وفى عهد الدولة العثمانية، كان أول ظهور للجهاردية مع تولى سليم الأول وكان قبلها لا يميل إلى هذا النوع من الطرق التى أطلقت على نفسها صوفية، حتى وقعت معركة فلسفية بين فريقين من الصوفيين فكانت فرصة ذهبية لإشباع رغبات سليم الأول في الحكم
وعن التشابه بينها وبين الجماعات الجهادية في الوقت الحاضر، قال عبد المنعم إنهم يؤمنون بنفس الأفكار، فمثلا تنظيم داعش يؤمن بأنه لابد من وجود نخلص لهذا العالم من الظلم وعندما انتهى الأمر بمقتل البغدادي ينتظرون الآن مهديا جديدا على حد وصفهم.
وتابع، مثل هذه الجماعات المهدية الإسلام منها براء، فلا يصح أبدا أن ينسبوا قتلهم وخرابهم وتدميرهم إلى الإسلام، مشيرا إلى أن الطرق الصوفية فى مصر تحديدا ليس له أي أهداف سياسية ولكنها حركات دينية قائمة على حب آل البيت فقط.