رعب أمريكي وأوروبي من الصين.. قادة "الناتو" يُقرون بنفوذ بكين المتزايد ويتعهدون بمواجهته تحت ضغوط أمريكية.. فما مصير الاستثمارات الصينية الضخمة بالقارة العجوز؟

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

تناول مجمع "Valdai Discussion Club" الروسي، وهو مركز فكري ومنتدى نقاش يتخذ من العاصمة موسكو مقرا له، حقيقة ظهور دولة الصين كقوة عظمى في مواجهة دول حلف شمال الأطلسي "الناتو"، واعتراف الحلف بالتحدي الذي تمثله هذه القوة عليه خلال قمته التي انعقدت بالعاصمة البريطانية لندن، في 3 ديسمبر الجاري، وتناول المجمع كذلك تأثير ذلك على الاستثمارات الصينية في أوروبا والتعاون المستقبلي بينها وبين دول القارة، لافتا إلى أنه رغم هذه التحديات إلا أن التعاون بين الطرفين سيظل قائما، كاشفا السبب وراء هذا الاعتراف من دول الحلف الذي واجه مؤخرا مخاوف من تفكيكه وموته.

وذكر المجمع: "على الرغم من أن الأوروبيين خضعوا للضغوط الأمريكية ووافقوا، خلال قمة "الناتو" في لندن، على الاعتراف بالتحديات الصينية التي يواجهها الحلف، إلا أن ذلك لن يؤثر بشكل كبير على المشروعات الاقتصادية الصينية في أوروبا. ومع ذلك، قد تتعاون الصين وروسيا، وهما دولتان كانا يعتبرهما حلف "الناتو" أعداء له في السابق، في مواجهة تحديات جميع الأطراف".

وأضاف أنه "لأول مرة في التاريخ، ناقش اجتماع قادة "الناتو" في لندن بروز الصين كقوة عظمى. ومع ذلك، فإن صعود هذه القوة لن يجعلها عدوًا للناتو؛ فكما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية لجمهورية الصين الشعبية "هوا تشون ينج"، إن نفوذ بلاده المتزايد لا يعني أنها أصبحت تهديدًا أو عدوًا جديدًا لحلف الناتو. وعلى الرغم من وجود علاقة تنافسية بين الطرفين في مجالات محددة، إلا أن هناك إمكانية للتعاون بينهما. ويرجع سبب الاتفاق بين دول أوروبا وأمريكا حول التهديد الذي يمثله صعود الصين إلى الرغبة في التوصل إلى حل وسط داخل الناتو للحصول على شرعية للتحالف".

واعتبر المركز الروسي أن "الاستثمار المالي الصيني في أوروبا مدفوع بطريقة بحتة من خلال التعاون الاقتصادي والتقني بين القوتين، دون أي شروط سياسية. ونظرًا لأن الصين والاتحاد الأوروبي باعتبارهما من أكبر الاقتصاديات في العالم، لا يمكنهما أن يُكملا مزايا كل منهما الأخرى ويُمكنا اقتصاداتهما من التطور بشكل أكثر كفاءة فقط، ولكن يمكن للتعاون أيضًا أن يفيد الاقتصاد العالمي ويسهل تشغيله بسلاسة. لكن الصين لن ولن تنوي التدخل في الشؤون الداخلية لأوروبا؛ حيث تقوم الصين ببناء سوق صيني في الخارج لإدخال مليار شخص آخر إلى الطبقة الوسطى، لكن ليس هناك جين عدواني في الثقافة الصينية. وإذا كانت التكنولوجيا الأساسية التي طورتها الصين وتتقنها بشكل مستقل لا يمكنها البقاء إلا في الصين وعدم استخدامها لمنفعة العالم، فإن هذا البلد غير مسؤول حقًا عن ذلك. وهذا من ناحية".

اقرأ أيضاً: سيرجي شويجو: الانحطاط يصيب علاقات روسيا والناتو

وتابع المجمع: "ومن ناحية أخرى، فإن الهدف الوحيد من طريقة التعامل هذه مع الصين والتي تتبناها أمريكا وأوروبا داخل الناتو هو الحفاظ على وحدة الحلف. ومع ذلك، فإن الاختلافات بين الولايات المتحدة وأوروبا ستؤدي حتما إلى صراعات في مواجهة نهضة الصين؛ أولا، أمريكا هي أكبر مساهم في الناتو ومزوده الرئيسي بالمعدات والتكنولوجيا العسكرية. وهناك عدد كبير من قادة الحلف من الضباط الأمريكيين. فضلا عن اعتماد الدول الأوروبية تقليديا على الولايات المتحدة للحفاظ على أمنها القومي، وبالتالي فإنها ستخضع للضغوط الأمريكية بشأن بعض القضايا من أجل الحفاظ على وحدة الحلف".

اقرأ أيضاً: "الناتو": لن نتخلى عن السلاح النووي قبل روسيا والصين

واستطرد المجمع: "ثانياً، هذا لا يعني أن الدول الأوروبية ستظل دائمًا على خطى الولايات المتحدة؛ فمع اختفاء العدو التقليدي- الاتحاد السوفيتي- وحاجة أوروبا إلى متابعة دفاعها الجماعي، أصبحت التناقضات بين الجانبين أكثر بروزًا. وفي التعامل مع قضية نهضة الصين، ستهدد الدول الأوروبية عقلية الحرب الباردة من خلال اتخاذ موقف أكثر واقعية؛ فسوف يولون المزيد من الاهتمام للفرص التي تتيحها نهضة الصين، وتعزيز التنمية الاقتصادية من خلال التعاون مع هذه القوة الواعدة.

اقرأ أيضاً: الصين تطور "رادار ذكى" يكشف الإرهابيين من مسافات بعيدة ومرتفعة

واختتم المركز الفكري الروسي مستنتجًا: "أخيرًا، وبشكل عام، وعلى الرغم من أن الأوروبيين استسلموا للضغط الأمريكي ووافقوا على الاعتراف بالتحديات التي تمثلها الصين بالنسبة للحلف (وليس التحديات بجانب الفرص)، إلا أن ذلك لن يؤثر بشكل كبير على المشروعات الاقتصادية الصينية في أوروبا. ومع ذلك، قد تتعاون الصين وروسيا، وهما دولتان كانا يعتبرهما حلف الناتو في السابق أعداء له، في مواجهة تحديات جميع الأطراف. ولكن إذا استطاعت الولايات المتحدة ودول أوروبا أن تضع تحيزاتها جانباً، فإن الصين وأوروبا وأمريكا وروسيا يمكن أن يحققوا تعاونًا متبادل المنفعة في معالجة المشكلات المشتركة التي تواجه البشرية.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً