في سرديته الجديدة يخلط محمد مختار بين ادب الرحلات والمونولوج السياسي ويقدم رواية قصيرة تدور أحداثها بين مدينة جدة على شاطئ البحر الأحمر في المملكة العربية السعودية وكازبلانكا على شاطئ المحيط الأطلسي في المغرب وبعد أن يمر عبد الرشيد بطل الرواية بمدن مصراتة وبنغازي وطرابلس انطلاقا من القاهرة التي يبدو أن المؤلف غادرها في نفس زمن مغادرة عبد الرشيد لها ثم مراكش التي تنتهي فيها الأحداث نهاية مفتوحة ربما ليعطي المؤلف كل قارئ فرصة في أن يتخيل نهاية الأحداث أو ربما لرغبته في استكمال الأحداث في عمل سردي آخر.
ومن وسط الأحداث التي تدور حولها رواية نساء كازبلانكا وبين شخصيات بعضهم سياسيون وبعضهم إرهابيون وقتلة ومهربي بشر وغانيات يبرز اسم المطرب الشعبي المصري شعبان عبد الرحيم الذي يفرض نفسه على حوار بين الشخصية الرئيسية في الرواية وبين الشاعرة المصرية سلوى ابو عرب التي يستعير الشاعر بيتنا من ديوانها الشهير كرباج حنين، وهو يصف ما يراه على مقاعد الفندق الطائر: ، تذكر أبيات لسلوي أبو عرب:
مثيرة مثل لون ثمرة المانجو
و كان يُهيل على فخذيها حُمَّى المانجو .. يُضَّفر من أضلعها .. شجرة .
تتوهج ما بينهما
.. حممٌ .. بررة !
وبينما يكسر المؤلف القواعد التقليدية للسرد وهو يخلط بين النثر والشعر يظهر في أجزاء أخرى من سرديته يستدعي أشخاص من خارج السردية ويخاطبهم بطل الرواية بضمير الحاضر.
تدور الرواية حول شخصية عبد الرشيد الذي يغادر القاهرة للبحث عن أرصدة شخصية أشار لها المؤلف باسم الحاج وهو قيادة في جماعة دينية يجري القبض على اعضاءها وتصادر أموالهم ويكون في يد عبد الرشيد أول الخيط في الوصول لباقي هذه الأموال، ويلتقي بطل الرواية في مراكش بشخصية غامضة هى بلمختار، في تناص بين اسم المؤلف وبين اسم هذه الشخصية والذي يكشف من خلاله المؤلف عن تفاصيل مثيرة حول حركة الأموال المشبوهة بين الصحراء المغربية وبين مدن مشرقية من بينها القاهرة.
إلا أن المؤلف يعبر عن حيرة جيل التسعيينات الذي شعر بهزة في ثوابته وأفكاره ، وهى الحيرة التي عبر عنها المؤلف بالرحلة الرمزية من جدة والمشاعر المتناقضة التي عاشها عبد الرشيد بطل السردية في مكة المكرمة وبين حياته الماجنة في كازبلانكا والتي حاول أن يغلفها بغلاف شرعي من خلال عقود زواج جاهزة يضعها في غرفة الفندق لينال متعة الجنس الحلال وهو يتزوج من نساء يعلم أنهن بائعات للهوى، وبين حيرة بطل السردية بين ما ظل طوال عمره يعتبره مقدس وبين الصدمة التي شعر بها وهو يرى تجاهل كل من حوله لهذا المقدس بمن فيهن النساء في مطار جدة اللائي كن يخلعن العباءة السوداء بمجرد عبورهن لبوابة الجمارك السعودية لتظهر الحياة على حقيقتها وألوانها ورغبات البشر التي تتحدي كل دين وكل عقيدة.