الهند العنصرية.. نيودلهي تمرر قانونًا يمنح جنسيتها للمهاجرين من غير المسلمين وتفجر احتجاجات واسعة.. ومراقبون: أجندة قومية هندوسية صريحة لنبذ الأقلية المسلمة

متظاهرون يهتفون خلال احتجاج على قانون الجنسية الجديد في دلهي
متظاهرون يهتفون خلال احتجاج على قانون الجنسية الجديد في دلهي

في يومها الخامس على التوالي، امتدت الاحتجاجات المتزايدة ضد قانون المواطنة الهندي الجديد المسبب للانقسام والذي يمنح الجنسية للمهاجرين من غير المسلمين، إلى الجامعات في جميع أنحاء البلاد، على خلفية قمع وحشي لمظاهرة بالعاصمة دلهي، الجمعة الماضية، ذلك القانون الذي ينتهك حقوق أكثر من 200 مليون مواطن هندي مسلم في أنحاء هذا البلد ذو الغالبية الهندوسية؛ حيث يسمح بمنح جنسية البلاد للمهاجرين غير المسلمين من أقليات دينية مختلفة من الدول المجاورة ذات الغالبية المسلمة، في قانون اعتبره النقاد تمييز واضح ضد المسلمين وتقويضا للنظام العلماني في الهند، وجاء تماشيا مع أجندة قومية هندوسية صريحة تريد إعادة تشكيل الهند كدولة هندوسية أكثر منها علمانية، تمثلت هذه الأجندة في اتخاذ العديد من الإجراءات التي يقول المعارضون إنها تقسم البلاد إلى خطوط طائفية، بهدف نبذ الأقلية المسلمة في هذا البلد.

واقتحمت الشرطة حرم الجامعة المليّة الإسلامية في العاصمة أمس الأحد واعتقلت أكثر من 100 طالب، واعتدوا بالضرب على الناشطين في الشارع وأطلقوا الغاز المسيل للدموع. وتم إغلاق الجامعة الإسلامية اليوم الاثنين، وكذلك المدارس والمكاتب القريبة، بعد أن تم إشعال النار في المتاريس والحافلات أثناء الاحتجاج.

كما قامت شرطة مكافحة الشغب بقمع وحشي لمسيرة طلابية بجامعة "عليكرة" الإسلامية في ولاية أوتار براديش أمس الأحد، حيث أطلقوا الغاز المسيل للدموع على الحشود واعتقلوا العشرات. وتم قطع خدمة الإنترنت في المنطقة ليلة أمس الأحد، ثم عادت اليوم الاثنين في محاولة لتهدئة الاضطرابات المتصاعدة.

يسمح مشروع قانون تعديل الجنسية، الذي تم تمريره ليصبح قانونًا الخميس الماضي، لعشرات الآلاف من المهاجرين الهندوس والمسيحيين والبوذيين والسيخ من بنجلاديش وباكستان وأفغانستان بالمطالبة بالجنسية الهندية، ولكن نفس الشيء لن ينطبق على المسلمين.

ويقول النقاد إن القانون تمييز صريح ضد المسلمين، مما يجعلهم مواطنين من الدرجة الثانية، ويقوض المؤسسات العلمانية في الهند.

وبحلول اليوم الاثنين، امتدت الاحتجاجات إلى حرم الجامعات في مدن مومباي وحيدر أباد وشيناي و بنجالور و تشانديجارف و كولكاتا. وفي لكناو، رشق الطلاب الشرطة بالحجارة بعد أن أطلقوا الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين.

إيمان عثماني، 18 عامًا، طالبة بالجامعة المليّة الإسلامية، قالت لصحيفة "الجارديان" البريطانية، إن الشرطة "انقضت" على المتظاهرين، مضيفة أنهم "أطلقوا قذائف الغاز المسيل للدموع علينا، قبل أن يلجأوا إلى ضربنا بقسوة"، مؤكدة أنهم "لم يتركوا حتى الفتيات؛ فقد تلقيتُ عدة إصابات معظمها جراء الضرب على أيدي الشرطة. وفقدت الوعي. فأخذني بعض الطلاب الكبار إلى المستشفى حيث تلقيت العلاج".

بدورها، نفت الشرطة استخدام العنف ضد المتظاهرات، لكن "عثماني" قالت إن هذا غير صحيح.

محمد فيصل، طالب يدرس تخصص علم الاجتماع، كان أيضًا داخل حرم الجامعة المليّة أمس الأحد، وقال: "دخل رجال الشرطة المكتبة والمسجد داخل الجامعة واعتدوا بالضرب بلا رحمة على الطلاب الذين كانوا يدرسون أو يؤدون الصلاة ولم يكن لهم أي صلة بالمظاهرات أمس". وأطلقت الشرطة قذائف الغاز المسيل للدموع داخل المكتبة. كان هناك طالب أعمى في المكتبة آنذاك. بدأ يبكي بصوت عال. قامت الشرطة حتى بضرب هذا الطالب".

من جانبها، قالت منظمة العفو الدولية في الهند: "لا يمكن تبرير العنف ضد الطلاب المحتجين سلمياً تحت أي ظرف من الظروف. يجب التحقيق في مزاعم أن الشرطة قامت بضرب الطلاب بوحشية والتحرش الجنسي بالطالبات".

بدورها، دافعت حكومة حزب بهاراتيا جاناتا- أحد الحزبين الرئيسيين في الهند بجانب حزب المؤتمر الوطني- عن القانون الجديد باعتباره ليس أكثر من وسيلة لمساعدة الأقلية المضطهدة الهندوس من الدول ذات الأغلبية المسلمة المجاورة. ومع ذلك، فإن حكومة رئيس الوزراء، ناريندرا مودي، لديها أجندة قومية هندوسية صريحة وتريد إعادة تشكيل الهند كدولة هندوسية أكثر من علمانية؛ فمنذ أن تولى "مودي" السلطة لأول مرة قبل خمس سنوات، قام باتخاذ العديد من الإجراءات التي يقول المعارضون إنها تقسم البلاد إلى خطوط طائفية، بهدف نبذ الأقلية المسلمة في الهند البالغ عددها 200 مليون نسمة.

وغرّد "راهول غاندي"، الرئيس السابق لحزب "المؤتمر" المعارض، على تويتر، وقال إن هذا القانون "سلاح استقطاب جماعي أطلقه الفاشيون".

بدأت الاحتجاجات على الصعيد الوطني ضد القانون الجديد في ولاية أسام الشمالية الشرقية الأربعاء الماضي؛ لأن هذا القانون يلعب على وتر حساس جدا في هذا البلد، ليس فقط بسبب طبيعته المثيرة للانقسام الديني ولكن أيضًا لأن العديد من السكان المحليين يرون أن منح الجنسية لأولئك الذين ينحدرون من دول أخرى- سواء هندوسية أو مسلمة- يشكل تهديدًا لثقافتهم. وفقا لـ"الجارديان".

وأمس الأحد، خرج أكثر من 6000 شخص إلى شوارع مدينة جواهاتي، أكبر مدن ولاية آسام، حيث تم نشر قوات الشرطة والجيش، واستمر قطع الإنترنت لليوم الرابع على التوالي وفُرض حظر التجول ليلا. واليوم الاثنين، خرج الآلاف مرة أخرى لبدء سلسلة من "الساتياجراها"، والتي تعني الاحتجاج غير العنيف، ولكن تم منعهم من المسيرة من قبل السلطات. وقبضت الشرطة على حوالي 150 من المنظمين لهذه المسيرة والناشطين واحتُجزوا في سجن مؤقت بإحدى حدائق المدينة.

من جانبه، قال ساموجال بهاتاشاريا، كبير مستشاري اتحاد طلاب ولاية آسام، الذي كان يقود الاحتجاجات: "شعارنا واضح للغاية إما إلغاء القانون الجديد أو اعتقالنا: لقد اختاروا اعتقالنا".

وقال جيتانجالي ديكا، وهو مصرفي، إنه كان في الشوارع للاحتجاج منذ أيام، مضيفا أن "المسؤولين الحكوميين أو الوزراء لم يلتقوا بأي من المحتجين. إنهم لا يتحدثون إلينا. 125 شخصا في البرلمان لا يستطيعون تقرير مستقبل دولتنا".

وكانت الاحتجاجات التي شهدتها ولاية أسام الأكثر دموية حتى الآن، حيث وصل عدد القتلى إلى ستة الجمعة الماضية.

وتصاعدت الاحتجاجات أيضا في ولاية البنغال الغربية؛ حيث جرت أولى المسيرات التي نظمتها الدولة دعما للقانون اليوم الاثنين، بقيادة ماماتا بانيرجي، رئيس وزراء ولاية البنغال الغربية، في عاصمتها كلكتا، والذي تعهد بتنفيذ قانون تعديل الجنسية، قائلا سينفذ ولو "على جثتي".

اقرأ أيضاً: قانون مودي الجديد للجنسية يثير الجدل والاحتجاجات في الهند

واستمرت أعمال العنف لأيام في جميع أنحاء ولاية البنغال الغربية، التي تضم حوالي 25 مليون مسلم؛ فقد أضرم المتظاهرون النار في الإطارات، ونظموا اعتصامات على الطرق الرئيسية ومسارات السكك الحديدية، وأحرقوا القطارات والحافلات. وتحركت شرطة مكافحة الشغب لتفريق المحتجين وتم قطع الإنترنت في بعض المناطق.

وخرج عدة مئات من المحتجين أيضًا إلى شوارع ولاية كيرالا، وهي ولاية أخرى قالت إنها لن تسمح بتطبيق القانون.

اقرأ أيضاً: الهند.. استمرار الاحتجاجات على خلفية قانون مواطنة جديد يمنح الجنسية لغير المسلمين (فيديو)

وفي تصريحاته الأولى حول هذه الاضطرابات، غرّد رئيس الوزراء الهندي "ناريندرا مودي"على تويتر: إن "الاحتجاجات العنيفة على قانون تعديل المواطنة مؤسفة ومؤلمة للغاية. ويعد النقاش والمناقشة والمعارضة جزءًا أساسيًا من الديمقراطية، ولكن حال لم تُلحق أي ضرر بالممتلكات العامة واضطراب الحياة الطبيعية".

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً