في منزل صغير يسكنه الفقر والتفكك الأسري، تربت "فرحة" التي تعرضت للاغتصاب، والتي باتت تعرف إعلاميًا بـ"فتاة فرشوط" بنجع أولاد علي، ببندر فرشوط، شمال محافظة قنا، دون أخ يحميها ولا أب يعولها، فمنذ أن عرفت فرحة الحياة لم تجد أمامها سوى شقيقتها ندى، التي يبلغ عمرها 12عامًا، ووالدتها كريمة، والتي كانت تعمل ليل نهار حتى توفر مستلزمات بناتها، وزادت عزلة فرحة بقرار الاختبء خلف "النقاب" حتى داخل غرفتها.
كانت حياة فرحة بسيطة للغاية، لا تخرج من منزلها سوى للذهاب إلى المدرسة، وغير مختلطة بجيرانها، وصديقاتها الأقلة، وذلك لنظرة بعض الناس لها باعتبارها فقيرة ووالدتها تعمل 'فراشة'، وبالتظر إلى أن والدها هجر الأسرة منذ أن كانت طفلة وسافر إلى القاهرة وتزوج بامرأة أخرى وأنجب منها 5 أطفال يعولهم ويوفر مستلزماتهم أما فرحة وشقيقتها فلا يتذكرهما بشيء.
فتاة فرشوط
قالت فرحة في حديثها لـ"أهل مصر" والدموع في عينيها، والحزن يتملكها والحسرة قد غيرت ملامحها، إنها لم تكمل تعليمها وتركت المدرسة وهي في عامها الأول بالثانوية التجارية، وذلك بعد إصابة والدتها بكسر في رجلها اليمنى منعتها من الذهاب للعمل، فاضطرت فرحة للتخلي عن التعليم لخدمة والدتها، ونظرًا لعدم وجود عائد يوفر لها مستلزمات المدرسة.
وأضافت أنه عندما اشتد المرض بوالدتها طلبت منها السفر لوالدها بالقاهرة لعله يمنحها مصروفات المدرسة، فأعطاها بالكاد ثمن المواصلات للعودة من حيث أتت، موضحة أنه منذ 12 عامًا هجرهم وسط مجتمع تحكمه عادات وتقاليد قاسية جعلها مطمعا للذئاب البشرية.
اقرأ أيضًا..'لازم تاخد حقها من المغتصبين" غضب شعبي في قنا بعد تهديد أهل المتهمين بالاغتصاب لـ"فرحة"
المتهم باغتصاب فتاة فرشوط
بعد تركها المدرسة قررت فرحة البحث عن عمل إلا أن الأم قابلت قرارها بالرفض خوفًا عليها، ولم تكن تسمح لها بالخروج والاحتكاك بالجيران لما تتمتع به من جمال وبراءة وهدوء، ورغم صغر سنها كانت تأتيها عروض زواج كثيرة ولكن والدتها كانت ترفض لصغر سنها.
لم تكن "فرحة" تعلم أن اسمها سوف يتحول يومًا ما إلى "فتاة فرشوط" التي يتحدث عنها الجميع، بعضهم بغرض الشفقة والبعض الآخر لمعايرتها، بعد أن كانت حياتها مستقرة مع أسرتها البسيطة الفقيرة، حيث جاء اليوم المشئوم الذي دمر حياتها وحياة أسرتها، حين طلبت منها جدتها إحضار "الفيزا" من البنك الأهلي بنجع حمادي، فاضطرت للخروج، وبينما هي في طريقها نادى عليها شاب من جيرانها فلم تلتفت له، فجاء بتوك توك وطلب توصيلها، فرفضت أيضا، فشدها بقوة داخل التوك توك وضربها وربط يديها لتفقد الوعي، وتجد نفسها داخل إحدى زراعات القصب بنفس القرية وفي وجود 3 ذئاب بشرية، منهما شقيقان من عائلة "أبوسحلي" وسائق التوك توك.
حاولت الفتاة الصراخ دون جدوى، فاستقوى الثلاثة عليها وهي طفلة ضعيفة البدن، فقاموا باغتصابها، ثم حاولوا قتلها بخنقها بحبل، لإخفاء أثر الجريمة، وأعدو العدة لذلك وقامو بتجهيز حفرة لدفنها، ولكن فوجئوا بأنها على قيد الحياة وبدأت تصرخ ثانية، فحملوها وذهبوا بها إلى منزل خاص بهم، فهددوها بقتلها هي وشقيقتها إذا روت لأحد ما حدث، فوافقت لمجاراتهم، حتى خروجو لتجهيز توك توك لتوصيلها.
في الطريق طمأنتهم بأنها لن تتحدث لأن ذلك عار عليها، واستغلت أنهم اطمأنو لذلك ففرت هاربة، وظلت تجري وهم وراءها ولكن لا يعلمون أي مسار اتخذت إلى أن وصلت مركز الشرطة.
"فتاة فرشوط".. البراءة في مواجهة الذئاب.. ابنة "الفقراء" تتعرض للاغتصاب
خلال فترة تغيب فرحة، حررت خالتها محضرًا باختفائها،ق وقصت فرحة ما حدث لها وهي في حالة خزي من جريمة ليس لها ذنب فيها، فوجدت تعاطفا من ضابط المباحث الذي صمم على تحرير المحضر لها، في حين أراد البعض إخماد القضية لما يتمتع به المتهمون من نفوذ وسلطة، ولكن الضابط أكمل الإجراءات.
صممت فرحة على أخذ حقها حتى بعد أن تخلى والدها عنها ثانية ورفض عمل توكيل للمحامي لصغر سنها ولإكمال القضية، ولا تعرف إذا كان السبب أنه قبض ثمن شرفه أم أنه خاف من التهديدات، ورغم مرور عام كامل عانت خلاله من كابوس الواقعة، والتهديدات بأشكالها المختلفة من عائلة المتهمين، والمبالغ التي عُرضت عليها للتنازل عن القضية إلا أنها لم تستسلم وقالت "أنا شفت اللي محدش شافه وهاخد حقي" وأصبحت وكيلة نفسها بموافقة القاضي وواصلت قضيتها التي تأجلت جلستها إلى يوم 22 يناير المقبل لمناقشة الطبيب الشرعي.
كان اللواء مجدي القاضي مدير أمن قنا السابق، في يوم 21 أكتوبر 2018، قد تلقى إخطارًا، من مركز شرطة فرشوط، يفيد بأن أسرة فتاة قاصر تقدمت ببلاغ ضد 3 عاطلين اختطفوا ابنتهم، واغتصبوها، وحُرر محضر بالواقعة.
وتشكلت قوة من مباحث مركز شرطة فرشوط، وألقت القبض على 3 متهمين، وهم "علي.ك.ا"، (21 عامًا)، وشقيقه "محمد"، (19 عامًا)، و"مصطفى.ر.ع"، (22 عامًا)، من بينهم سائق "توك توك"، لاتهامهم بخطف واغتصاب "فرحة.ع.ر"، التي أدلت بأوصافهم لرجال الشرطة، وأحيل المتهمون للنيابة في القضية رقم 2550، والتي أمرت بحبسهم حتى محاكمتهم في جلسة يوم 22 يناير المقبل.
تابعوا آخر أهل مصر على Google News
