حصد الفيلم الوثائقي التونسي ”الرجل الذي أصبح متحفا“ للمخرج مروان الطرابلسي 3 جوائز في اختتام الدورة الحادية عشرة للمهرجان الدولي للفيلم الوثائقي بمدينة خريبكة المغربية.
وتتمثل هذه الجوائز في ”أفضل إخراج“ و“جائزة النقد“ وكذلك جائزة ”الغرفة المغربية للفيلم الوثائقي“.
ويتناول فيلم ”الرجل الذي أصبح متحفا“ قصة الفنان علي عيسى الذي اختار الانعزال عن العالم وأدمن جمع أشياء داخل منزله وحوله شيئا فشيئا إلى متحف.
وبدأ تصوير الوثائقي سنة 2015 ودام التصوير أربع سنوات ليتم عرضه لأول مرة خلال فعاليات أيام قرطاج السينمائية في تشرين الأول أكتوبر 2019.
وينطلق الفيلم من وقائع حقيقية عاشها الفنان التشكيلي الراحل علي عيسى الذي عُثر عليه يوم 19 كانون الأول ديسمبر الحالي في منزله بمنطقة باردو شمال غرب العاصمة تونس جثة هامدة، بعد سنوات عاشها في عالم وصفه أستاذ الفنون التشكيلية سامي بن عامر بأنه ”عالم مدهوش ومسكون بالفوضى، يبدو لمتأمله مليئا بالذاكرة والقصص الذاتية والروائية من صور عائلية وأفلام سينمائية تعمل بآلات قديمة وثقت رحلاته بباريس ولبنان وواشنطن، إضافة إلى أدوات الرسم المختلفة، وخردة وأثاث قديم متآكل وكم هائل من اللوحات الفنيّة“..
وحملت كاميرا المخرج الشاب مروان الطرابلسي لمدة تزيد عن الساعة المشاهدين إلى عالم الرسام علي عيسي، حيث يروي حكاية فنان يقيم بهمة عالية في قلب الهامش الثقافي التونسي.
فهو رغم تخرجه في مدرسة الفنون الجميلة في تونس، وتأسيسه رفقة مجموعة من زملائه لاتحاد الفنانين التشكيليين التونسيين، ظل يقيم على التخوم فقط لأنه كان مختلفا وغير نمطي، وفق الناقد السينمائي التونسي رمزي العياري.
وأضاف العياري، في تصريحات صحفية، أن ”هذا الفيلم الذي تكلف خمس سنوات من الإنجاز يقدم وجها من وجوه الحقيقة حول شخصية علي عيسى، أو قل الحقيقة كما أرادها علي عيسى نفسه لأننا لم نرَ شهادات حول شخصية الشريط سواء من أهله أو زملائه من التشكيليين أو النقاد ممن اشتغلوا على تجربته“.
واعتبر العياري أن ”تلك الفوضى البادية في عالم علي عيسى هي مراكمة لتجربة فنية امتدت لعقود من الزمن، وكانت موصوفة من بعض الفاعلين في الحياة الثقافية والتشكيلية التونسية بأنها ”شاذة“ لا تتماهى ولا تتناغم مع السائد والصورة النمطية، وهي مراكمة حاولت كاميرا الطرابلسي إبرازها بهدوء دونما تكلف، بأن حملتنا إلى حفل ألوان شاسع وأشكال كسر من خلالها ”الفنان المظلوم“ كل القواعد والأشكال الفنية المتداولة.“
وجاء تتويج هذا الفيلم الوثائقي الذي لا يخلو من جهد توثيقي ومن براعة في التصوير والإخراج، ليضيف إلى السينما التونسية نجاحات جديدة، بدأت تعرفها في السنوات الأخيرة، وليختتم سنة 2019 تحديدا بما من شأنه أن يثبت مكانة التجربة التونسية في الأفلام الطويلة والوثائقية والنقلة النوعية التي يعرفها الإنتاج السينمائي في تونس.