خطوات مسرعة، يخرجون إلى الشوارع مع أبنائهم، أو متوجهين إلى أعمالهم ومصالحهم، وهم لا يعلمون أن تلك هي خطواتهم الأخيرة على دروب الحياة، أولئك هم ضحايا "موت الفجأة" حيث شاءت الأقدار أن يكون رحيلهم للعالم الآخر مفاجئا لتتحول وفاتهم إلى قصص تحمل رسائل معبرة يتداولها الأهل والأقارب والمتابعون، والجالسون على المقاهي.
السقوط أرضَا، صدمات السيارات المسرعة، أسباب وفاة هي الأغرب التي شهدتها مدينة ملوي التابعة لمركز ملوي جنوب محافظة المنيا، من مسنّ يسقط أرضا بين أحضان أبنائه، إلى معلم للأجيال مرتحل إلى مدرسته، وشاء القدر أن يلفظ أنفاسه في رحلته الأخيرة.
في صباح اليوم المقدر، خرج «غلاب» الرجل الستيني برفقة صغاره من بلدته الواقعة بمركز دير مواس جنوب محافظة المنيا متوجهين إلى مدينة ملوي لشراء بعض الأغراض من أسواقها الكبيرة التي يهرع إليها التجار من كافة البلدان، وبين لحظة وأخرى أسرع الأبناء سيرا يتقدمهم الأب حتى سقط أرضا، دون وعي من الأبناء لما يحدث، أسرع الأبناء حاملين والدهم إلي المستشفي معتقدين فقدانه للوعي حتي أخبرهم الطبيب بوفاته دون سابق إنذار فقط أتي القدر دون أستئذان، وتحولت ضحكاتهم الباسمة التي جمعتهم في أزقة الشوارع إلي نيران الحنين إلي السند وتعالت صرخات وبكاء الرجال.
خرج معلم الأجيال «كسبان» يرتحل برفقة زميله «عصام الدين»، يتعكزان سويا علي بعضهما البعض وسط أوجاع البرد القارص، يتسامران سويا عن مدرستهم الصغيرة التي يرتحلون يوميا إليها مارين بطريق 26 يوليو بمدينة ملوي، لممارسة عملهما الذي داوما عليه منذ سنوات طوال.
ضحكات مستبشرة، جمعت الصديقين معا، واقتربت خطواتهما من مدرستهما ليبدءا رحلة العلم والوفاء، حتي تفاجأ الزميلان بسيارة مسرعة اصطدمت بهما، فهرع المارة لمعرفة ما حدث واكتشفوا وفاة معلم الأجيال «كسبان» لتصعد روحه إلي ربه خلال ذهابه إلي عمله ويصاب زميله بإصابات خطيرة، ترددت أصداء قصتهما بين الأهالي ومعلمي الأجيال وطلابهم ليعم الحزن علي أعتاب المدارس وتغيب الفرحة عن منزل خرج منه الأب ولم يعود لأحضان صغاره.