تثير قضايا النسخ الخلاف بين عدد من المسلمين وذلك على زعم أنه يمكن نسخ الحكم الشرعي بالعقل بعد أن يزول سبب الحكم الشرعي . فهل يجوز نسخ حكم شرعا استنادا إلى العقل؟ أم أن الحكم الشرعي لا ينسخ إلا بنص من القرآن أو من السنة المشرفة؟ وما هو وجه الخلاف بين العلماء حول هذه القضية الشائكة؟ قال الإمام فخر الدين الرازي في صفحة 74 وصفحة 75 من المجلد الثالث من مصنفه المحصول في علم أصول الفقه أنه يجوز الحكم الشرعي بالعقل، واستدل على ذلك بحالة من حالات ذهاب المحلّ، وهي سقوط فرض غسل الرجلين للطهارة في حق من سقطت رجلاه كأن قطعت في حادث مثلا.
لكن دار الإفتاء المصرية كان لها رأى آخر واستندت إلى ما ذهب له جمهور الأصوليين اتفقوا على عدم جواز النسخ بالعقل، ولم يعتبروا ذهاب المحل نوعا من أنواع النسخ فضلًا عن اعتباره نسخا بالعقل . وفي المثال الذي شرح عليه الإمام الرازي للمسلم الذي فقد ساقيه فلم يلزمه فرض غسل الرجلين للطهارة أن الحكم هنا لم ينسخ ، بل زال الوجوب لعدم القدرة أن الراجح المعتمد من أقوال أهل العلم هو أن الحكم الشرعي لا ينسخ بالعقل كما اتفق عليه جمهورهم، وأن الخلاف الحاصل في هذه المسألة لا يعدو أن يكون خلافًا لفظيًّا لا يترتب عليه أثرٌ فعلي يذكر، وعلى ذلك فقد ذهب جمهور أهل العلم على أن النسخ أمر توقيفي، وأن الناسخ هو الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فيما أذن الله به، وعليه فلا يمكن لأحد ـ كائناً من كان ـ أن يدعي نسخ حكم شرعي إلا ببيان من الكتاب أو السنة، ولا يمكن حصول النسخ إلا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، أما بعد موته واستقرار الشريعة فأجمعت الأمة أنه لا نسخ،