كيف منعت لهجة ترامب "غير المعتادة" حربًا محتملة مع إيران؟.. صحيفة: تصريحاته اليوم كانت "أكثر رصانة" من تغريداته الشنيعة

ترامب
ترامب

يبدو أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، تراجع عن احتمالية انخراطه في مواجهة عسكرية مع إيران بعد أيام من التوترات المتصاعدة، عندما قال، في خطاب له اليوم، إن طهران تبدو وكأنها اكتفت بتلك الهجمات الصاروخية التي شنتها على قاعدتين عراقيتين تستضيفان قوات أمريكية وقوات للتحالف الدولي لمحاربة "داعش"، في وقت مبكر من صباح اليوم الأربعاء، في ردها على اغتيال سليماني. وذلك وفقا لصحيفة "الجارديان" البريطانية التي قالت إن خطاب "ترامب" اليوم كان "أكثر رصانة بشكل ملحوظ من تصريحاته السابقة"، ولكنها نقلت في نفس الوقت عن محللين قولهم إن المواجهة بين واشنطن وطهران قد تستمر من خلال وكلاء إيران في المنطقة، وحذروا أيضا من هجمات سيبرانية من جانب طهران، وذلك في حين ذكر خبراء آخرون أن لهجة "ترامب" في خطابه اليوم ربما قد تكون أبعدت أمريكا عن حافة حرب محتملة مع إيران.

وألقى ترامب، وهو محاطًا بنائبه، مايك بنس، ووزير الدفاع مارك إسبر، ومسؤولين عسكريين آخرين رفيعي المستوى يرتدون الزي العسكري، خطابه في البهو الكبير بالبيت الأبيض، بعد ساعات من إعلان إيران أن الهجوم كان انتقاما للواء قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، الذي لقى مصرعه جراء غارة أمريكية الجمعة الماضية.

وقال ترامب، وهو يقرأ من شاشة التلقين: "يبدو أن إيران تتراجع عن الرد، وهو أمر جيد لجميع الأطراف المعنية وشيء جيد للغاية بالنسبة للعالم"، مضيفا أنه "لم تقع أي وفيات سواء من جنود أمريكيين أو عراقيين؛ بفضل الاحتياطات التي اتخذتها القوات، ونظام الإنذار المبكر الذي كان يعمل بشكل جيد للغاية".

ووفقا لصحيفة "الجارديان" البريطانية، فإن خطاب "ترامب" كان أكثر رصانة بشكل ملحوظ من تصريحاته الشنيعة وتغريداته التي أعقبت مقتل "سليماني" مباشرة، حيث هدد بقصف المواقع الثقافية الإيرانية، وهي جريمة حرب محتملة. وأفادت الصحيفة أن الولايات المتحدة نشرت مؤخرا 3500 من قوات المظلات في الشرق الأوسط، وتم حث الأمريكيين على مغادرة المنطقة بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة.

ومع ذلك، قال "ترامب"، إن الولايات المتحدة ستواصل تقييم الخيارات المتاحة "رداً على العدوان الإيراني" وأنه سيتم فرض عقوبات إضافية على النظام هناك. وذلك دون الخوض في ذكر مزيد من التفاصيل.

وبحسب "الجارديان"، فإن أمريكا فرضت بالفعل عقوبات شديدة على إيران لدرجة أن قلة من الخبراء يعتقدون أن اتخاذ المزيد من الإجراءات الأمريكية سيحدث فرقًا اقتصاديًا كبيرًا.

وأكد الرئيس الأمريكي على القوة الكبيرة لجيش بلاده لكنه شدد على أن إدارته لا تسعى إلى الصراع؛ وقال ترامب "صواريخنا كبيرة وقوية وفتاكة وسريعة. وهناك العديد من الصواريخ التي تفوق سرعة الصوت الجاري تصنيعها"، منوها على أنه بالرغم من "حقيقة أن لدينا هذا الجيش العظيم وهذا العتاد الضخم، إلا أن هذا لا يعني أننا يجب أن نستخدمه؛ فنحن لا نريد استخدامه".

وجاء خطاب "ترامب" بعد أن أطلقت إيران أكثر من عشرة صواريخ على قاعدتين عراقيتين تستضيفان قوات أمريكية وقوات من التحالف الدولي ضد داعش، وهما قاعدة الأسد الجوية بمحافظة الأنبار العراقية، التي قصفتها 17 مرة، بما في ذلك بواسطة صاروخين باليستيين لم ينفجرا، وفقًا للحكومة العراقية. وقاعدة أخرى في مدينة أربيل، بإقليم كردستان العراق، والتي استُهدفت بخمسة صواريخ، في الهجوم الذي بدأ في حوالي الساعة الواحدة والنصف بالتوقيت المحلي في الساعات الأولى من صباح اليوم الأربعاء.

من جانبه، أوضح وزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف، أن الضربات تم تنفيذها في وقت مبكر من صباح اليوم، ووصفها بأنها "إجراءات تتناسب مع الدفاع عن النفس" وليس كعمل حرب؛ وكتب "ظريف" على تويتر: "لا نسعى إلى التصعيد أو الحرب، لكننا سندافع عن أنفسنا ضد أي عدوان".

ومع ذلك، وفي حين بدا أن كلا الجانبين تراجعا عن المواجهة على المدى القصير، حذر المحللون من أن المواجهة قد تستمر من خلال وكلاء طهران في المنطقة. وحذر خبراء أمنيون أيضًا من احتمال وقوع هجمات إلكترونية إيرانية على البنية التحتية الحيوية. وذلك وفقا لـ"الجارديان".

بدوره، وصف المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، التفجيرات بأنها "صفعة على الوجه" بالنسبة للولايات المتحدة، لكنه حذر من أن طهران لا تزال لديها هدف أوسع يتمثل في طرد عدوها من المنطقة. وهو الهدف الذي أكده الرئيس الإيراني، حسن روحاني، عندما قال إن "الرد النهائي" على عملية الاغتيال سيكون "طرد جميع القوات الأمريكية من المنطقة".

وفي خطابه اليوم، تعهد ترامب مرة أخرى بأنه لن يسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي، وحث القوى العالمية على التخلي عن الاتفاق النووي المبرم مع طهران عام 2015 والذي تخلت عنه واشنطن في عام 2018، والعمل من أجل التوصل إلى صفقة جديدة، وهي القضية التي كانت في قلب التوتر المتزايد بين واشنطن وطهران. وتنفي إيران سعيها لامتلاك أسلحة نووية ورفضت إجراء محادثات جديدة.

وقال ترامب: "لقد حان الوقت لأن تعترف بريطانيا وألمانيا وفرنسا وروسيا والصين بهذا الواقع"، مضيفا "يجب عليهم الآن الابتعاد عن بقايا صفقة إيران أو ما يعرف بـ (خطة العمل الشاملة المشتركة)". ويجب علينا جميعًا العمل سويًا من أجل عقد صفقة جديدة مع إيران، مما يجعل العالم مكانًا أكثر أمانًا وأكثر هدوءًا".

كما ذكر "ترامب" إنه سيطلب من حلف شمال الأطلسي (الناتو) "أن يصبح أكثر انخراطًا في عملية الشرق الأوسط" دون الخوض في مزيد من التفاصيل.

هذا ولم يكن هناك رد فعل فوري من المسؤولين الإيرانيين على تصريحات "ترامب". ولكن وكالة أنباء "فارس" شبه الرسمية وصفت تصريحات الرئيس الأمريكي بأنها "تراجع كبير عن التهديدات".

وقال نيد برايس، المسؤول السابق بوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية والذي عمل أيضًا في مجلس الأمن القومي خلال إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، إن خطاب ترامب قد أبعد الولايات المتحدة إلى حد ما عن حافة الحرب مع إيران.

اقرأ أيضاً: ترامب: لا حاجة لنا بنفط الشرق الأوسط

وأضاف برايس لـ"الجارديان": "لقد أوجد نهج ترامب المتهور حقيقة خطيرة والتي خلالها يكون أفضل سيناريو هو تجنب الحرب مع إيران. وبالنظر إلى خطابه اليوم، ربما يكون ترامب قد التقى بهذا الخط، ولكن بالكاد. وفي الوقت نفسه، فإن أفعاله ليست خالية من العواقب. وبعيدا عن ذلك، فإن الأمريكيين في جميع أنحاء العالم بالإضافة إلى شركائنا يتعرضون للتهديد المتزايد من مجموعة من التحديات".

اقرأ أيضاً: ترامب: صواريخ إيران المستخدمة في استهدافنا "أوباما" من دفع ثمنها

لكن "برايس" أشار أيضًا إلى أنه من خلال الأمر بمقتل سليماني، فإن ترامب بذلك "حرّض قوات الجيش والقوات العسكرية في طهران على العمل"؛ وقال برايس: "إذا كان التاريخ يمثل دليلا ما على الأمور، فإنهم سوف يسعون إلى بذل جهد لمدة شهر أو حتى سنوات طويلة للبحث عن الانتقام من اغتيال سليماني، مستفيدين من وجودهم في جميع أنحاء المنطقة وحتى خارجها".

اقرأ أيضاً: ترامب يتحدث عن سلام مع إيران: مستعدون له مع من يبحث عنه

وواجه ترامب، الذي يقوم بحملة لإعادة انتخابه في نوفمبر المقبل، انتقادات شديدة من كبار الديمقراطيين في الأيام الأخيرة بسبب كيفية تعامل إدارته مع الأزمة؛ فقد اتهم جو بايدن، نائب الرئيس السابق والذي يعتبر المرشح الديمقراطي الأبرز في انتخابات الرئاسة المقبلة، ترامب بجعل الولايات المتحدة "قريبة بشكل خطير" من الحرب مع إيران.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً