فرنسا تتخبّط في معالجتها للتطرف الإسلامي على أراضيها

كتب :

كيف يمكن الموافقة على أن يتلقى إسلام فرنسا تمويلًا من عدد من البلدان الأجنبية، أيًا تكن هذه البلدان؟

هذا الكلام الذي صرح به رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فاليس لم يقله في فورة اغتيال الكاهن هاميل في سان إيتيان دو روفريه بمنطقة النورماندي الفرنسية، وإنما في 12 فبراير (شباط) 2015 بعد الهجوم على صحيفة شارلي إيبدو والمتجر اليهودي إيبر كاشيه.

بلا تمويل خارجي

وتقول صحيفة لوموند الفرنسية في افتتاحيتها إن رئيس الوزراء يدعو بعد كل اعتداء إلى إسلام في فرنسا مجرد من التمويلات الخارجية، ولكن بلا جدوى. وهذا لا يعني التشكيك في حسن نية فالس، أو من تولوا المنصب قبله، ولكن في هذه الحالة، لا شيء يتقدم لأن الملف هو أحد الأكثر تعقيدًا.

فصل بين الكنائس والدولة

وترى الصحيفة أن فرنسا تتخبط في تناقضاتها. ففيما تسعى إلى تنظيم إسلام فرنسا، تصطدم بقانون 1905 المتعلق بالفصل بين الكنائس والدولة. فمن خلال منع أي تمويل عام للديانات، يعقد القانون الأمور على الإسلام الذي يفتقر إلى مساجد، وإن تكن الأوضاع تحسنت، وأئمة مدربين وجمهوريين، ويعجز عن تنظيم نفسه بسبب التراتبية الدينية.

من هذا المنطلق، تقول الصحيفة إن المساواة بين الديانتين المسيحية والمسلمة أبعد ما تكون ما تكون مساواة حقيقية. ومع أن التمويلات الخارجية هامشية، فقد أتاحت تنظيم وتمويل العبادة للمسلمين في فرنسا.

فكرة جيدة

ولا ترى الصحيفة أن هذا الوضع مرضٍ. وللخروج منه، تبدو إعادة إطلاق مؤسسة أعمال الإسلام في فرنسا التي أنشئت عام 2005 ولم تحقق نجاحًا، فكرة جيدة. فهذه المؤسسة التي تجمع الأموال الضرورية وتتيح تأمين الشفافية في شأن المساعدات الخارجية، يمكن أن تمول من الشركات الفرنسية.

تمويل وتدريب الأئمة

ومع ذلك، تتعلق المسألة الرئيسية بتمويل وتدريب الأئمة، إذ إن ما بين 20 و30 في المئة منهم فقط هم فرنسيون، فيما ينتشر 301 إمام في فرنسا تمولهم دولهم الأم (30 مغربيًا و120 جزائريًا و151 تركيًا). وغالبًا ما لا يتقن هؤلاء اللغة الفرنسية ولا السياق الاجتماعي-الثقافي الفرنسي. ولكن هؤلاء يخضعون على الأقل لسيطرة دولهم، ويشكلون بحسب بعثة استقصاء برلمانية "بديلًا في انتظار أئمة مدربين في فرنسا".

الى ذلك، تلفت الصحيفة إلى أن تدريب الأئمة هو المشكلة الثانية. فمع أن الدولة قررت إنشاء كلية للفقه الإسلامي في ستراسبور، فإن هذا المشروع لم يستكمل.

والنتيجة أن فرنسا تضم مكانين للتدريب (المؤسسة الأوروبية للعلوم الإنسانية ومؤسسة الغزالي في مسجد باريس الكبير)، إضافة إلى معهد محمد السادس الذي تموله المغرب. وأمكن التوصل إلى هذا الاتفاق خلال زيارة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في سبتمبر (أيلول) 2015 للرباط.

المغرب والجزائر وتركيا

وبذلك، تقول لوموند إن فرنسا تجد صعوبة كبيرة في الخروج من هذا "الإسلام القنصلي" الذي يسمح خصوصًا للمغرب والجزائر وتركيا بالسيطرة على مسلمي فرنسا.

وتخلص الصحيفة إلى أن الأجيال الشابة من المسلمين، وغالبيتها من الفرنسيين، لم تعد تريد هذا الحل الموقت، ما يفسر السمعة السيئة للمنظمات الممثلة للمسلمين. وتلفت إلى أن الميثاق الذي يريد فالس بناءه حقًا مع الإسلام في فرنسا لا يمكن أن يتحقق إلا مع الجيل الجديد الفرنسي والمسلم.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً