بطولات تسرد عبر صفحات التاريخ يجسدها أبطال البالطو الأبيض في ظلمة الفجر، يودعون أسرهم بنظرات من الخارج فقد لا يعد لأحضان ذويهم مجددًا، حاملين بين يديهم مسؤولية إنقاذ مريض نظر إليه البعض نظرة عار لإصابته بفيروس كورونا، فما بين طبيب وممرض ومسعف ألقيت عليهم مسؤولية إنقاذ حياة إنسان في زمن انتشار الوباء.
مسؤولية الواجب الإنساني والوطني ألقيت علي أصحاب البالطو الأبيض ليكونوا جيش مصر الأبيض، ليكونوا همزة الأمل لإنقاذ حياة مصابي فيروس كورونا بمحافظة المنيا، ورغم العجز في توفير المستلزمات الطبية إلا أن مديرية الصحة بالتعاون مع نقابة الأطباء والمستشفيات الجامعية نجحت في دعم المخزون الإحتياطي للمستلزمات الطبية، لدعم الفرق الطبية خاصة عقب تصنيف محافظة المنيا ضمن ثلاث محافظات أحتلت المراكز الأولى لانتشار فيروس كورونا في مصر.
هواتف دقت أجراسها ليلا لتعلن عن بدء مهمة أصحاب البالطو الأبيض، لتوقيع الكشف الطبي علي الحالات المصابة بفيروس كورونا والمشتبه في إصابتهم وأخرون عائدون من محافظات ساحلية إلى ذويهم بعروس الصعيد، فلم يجد جنود جيش مصر الأبيض سوى إلقاء نظرة الوداع لذويهم في مستهل رحلة عملهم كل يوم، فقط وضعوا بين كفيهم مسؤولية إنقاذ إنسان وإنقاذ وطن.
«مضطر للخروج فليس هناك بديل وهذه مسؤوليتي» هكذا بدأ محمد عبد السلام، مراقب صحي، أحد أفراد الطاقم الطبي المكلف بتوقيع الكشف الطبي علي المصابين بفيروس كورونا أو المشتبه في إصابتهم، حيث يقول" أخرج يوميا من منزلي إلى عملي فالبعض من الزملاء يشعر بالخوف فقد تنتقل إلينا العدوى في أي وقت حال توقيعنا الكشف الطبي للحالات المصابة بفيروس كورونا المستجد، إلا أننا في نهاية المطاف نخرج إلى عملنا، فلم يوجد لنا بديل وهذه مسؤوليتنا لتوقيع الكشف الطبي".
وأضاف، عقب اكتشاف الإصابة الأولى بفيروس كورونا، حملنا بين يدينا أرواحنا فقد ينتقل إلينا الفيروس في أي لحظة، وانتشر بيننا الخوف من ذلك بين أعضاء الفريق الطبي المشارك لكننا قمنا بتشجيع بعضنا البعض كي نستمر في مواصلة عملنا، لافتا إلى أننا لا نخشى العدوى أو انتقال الفيروس إلينا فنحن من قبل انتشار هذا الفيروس مكلفين بإنقاذ حياة المواطنين.
«أعيش في ساعات الرعب» كلمات بدأ بهاء سيد محمد، أحد المسعفين المكلفين بنقل المرضى المصابين بفيروس كورونا المستجد من محافظة المنيا إلي مستشفيات العزل، حيث يقول "ساعات من الرعب والخوف استشعرتها وزملائي حين بدأ انتشار فيروس كورونا المستجد بين أهالي محافظة المنيا، خاصة مع ظهور أول حالة مصابة بالفيروس شمال المحافظة، لم أنسى تلك النظرات القاتلة التي ألقاها الأهالى على جسد أحد المرضى أثناء نقله من منزله إلى سيارة الإسعاف، حيث تلاقفت نظرات العار من الأهالي جسد المصابة بفيروس كورونا رغم أنه مرض عادي، ما استدعى أهالي المريضة بإلقاء نظرات الوداع لمصابتهم، وبادلتهم المصابة بنظرات الخجل من نظرات العار التي تلاحقها من الأهالي.
واستكمل، على مدار ما يقرب من 7 ساعات كنت ضمن الطاقم الطبي للمسعفين الذي نقل الحالات الأولي للمصابين بفيروس كورونا، هاتفت أسرتي عبر الجوال كي أخبرهم بطيب حالي، لكن الأمر كان قاسيا في مرافقة مصاب بفيروس كورونا كانت علاقتي تقتصر علي حمل المصاب من وإلي سيارة الإسعاف وفتح نافذة السيارة الوحيدة للسؤال عن المصاب وحاله وهل يحتاج لشئ من عدمه، ثم نقوم بنقل المصاب من سيارة الإسعاف إلى مستشفى الحجر ونعود مجددا لاستكمال عملنا.
وأردف، نتوقع أن تنتقل إلينا العدوى في أي لحظة لكثرة مخالطتنا للمصابين بفيروس كورونا المستجد، لكنها مسؤولية عملنا وإن تهربنا منها من سيقوم بها بدلا منا، لافتا إلى أنه أصابنا بالمرض فهو قضاء الله وسنموت أثناء أداء عملنا، موضحا أن جموع المسعفين أصيبوا بحالة من اليأس عقب الإعلان عن الاشتباه في إصابة ثلاثة من زملائهم في الأقصر بالمرض، لكن سرعان ما تبدل اليأس لفرح عقب الإعلان عن سلبية النتائج وعدم إصابة زملائنا.
من جانبه يقول الدكتور ناصر زغلول، نقيب الأطباء بالمنيا، إنه تم توفير كافة المستلزمات الطبية للفرق الطبية المنوطة بتوقيع الكشف الطبي على المصابين بفيروس كورونا المستجد والمشتبه بهم أو العائدين من محافظات ساحلية.
واستكمل، أن النقابة الفرعية بالمنيا تستقبل بشكل مستمر عدة شكاوى من الأطباء من نقص في المستلزمات الطبية في المستشفيات، وتم العمل على حلها، لافتا إلى أنه يتم عمل الأطباء بشيفتات محددة لعدم تكدس الأطباء داخل المستشفيات.
وأردف، أن هناك 333 فريق رصد وبائي على مستوى الجمهورية، منوط بهم التعامل مع المشتبه في إصابتهم بفيروس كورونا المستجد وتوقيع الكشف الطبي علي المخالطين للحالات الإيجابية المصابة بالمرض ، كما أن هناك 10 مستشفيات للحجر الصحي على مستوى الجمهورية استخدام منها 6 مستشفيات فقط منذ انتشار الفيروس.
وقالت مصادر طبية، إنه تقرر اختيار ثماني أساتذة من أعضاء هيئة التدريس بجامعة المنيا للمشاركة في العمل بمستشفيات العزل، طبقا للتكليفات الصادرة من قبل الأمين العام للمستشفيات الجامعية.