ابن شهيدي "كورونا" ببورسعيد يكشف تفاصيل الساعات الأخيرة في حياة والديه: توفيا معًا في نفس اللحظة

الحاج عوض و زوجته  شهدين وباء كورونا ببورسعيد
الحاج عوض و زوجته شهدين وباء كورونا ببورسعيد

"دعوات الجميع لهما بالرحمة والمغفرة وبالأمس طلبنا من الجميع على صفحات التواصل الاجتماعي بصلاة الغائب عليهما".. هكذا بدأ مصطفى حديثه مع "أهل مصر"، وهو الابن الأصغر - 37 عامًا - للحاج عوض إبراهيم طه الذي يبلغ من العمر 74 عامًا والحاجة نجاة محمد بدر، التي تبلغ من العمر 70 عامًا، وهما الحالتان اللذان توفيا بالحجر الصحي، أحدهما بمستشفى أبو خليفة بالإسماعيلية والأخرى بمستشفى العجوزة بالقاهرة.

وبحسرة كبيرة لا يستطيع مصطفى وصفها يحكي أنه لم يمض على سفرهما للعزل أسبوعًا وتدهورت حالتهما، يقول: "ففي البداية كانت والدتي تعاني من دور برد خفيف جدًا "كحة" بسيطة وتم شفائها بسرعة على الرغم من أنها تعاني من "القلب و السكر الضغط " وفجأة وجدنا والدي يعاني من نفس دور البرد ولكن بصورة سيئة جدًا على الرغم من أنه لا يعاني من أي أمراض، وكان بصحة جيدة وله محل نجارة وموبليات، ويعمل معه أخي الأكبر محمد "43" عاما بكالوريوس خدمة اجتماعية وأخى السيد "41" عامًا "بكاريوس تجارة"، وعندما ساءت حالة والدي طلبنا طبيب باطنة للكشف عليه فى المنزل، وهو من نصح بالتوجه به إلى مستشفى الحميات للاشتباه في إصابته بفيروس كورونا أوالتهاب رئوى حاد وفى كلتا الحالتين سيتم بقائه فى المستشفى للعزل أوالعلاج من الالتهاب الرئوى".

الحاجة نجاة شهيدة كورونا مع احفادها

يستكمل مصطفى: "وبالفعل ذهبنا للحميات وتم عمل تحليل لوالدى وأثبتت التحاليل إصابته بالفيروس، يوم السبت الموافق 4/4/2020 و تم نقله فورًا إلى مستشفى أبوخليفة بالإسماعيلية، وكان من ضمن الإجراءات الوقائية لنا جميع باعتبارنا من المخالطين، إجراء التحاليل الخاصة بالفيروس، والحمد لله أنا وإخواتى لم يصيبنا شىء، وكانت تحاليل إخواتى "سلبية "، ولكن للاسف زاد حزننا بتأكدنا من إيجابية تحاليل والدتى، يوم الأحد الموافق 5/4/2020 فى اليوم التالى لعزل أبى ذهبت والدتى للعزل بأبو خليفة بالإسماعيلية.

ويستطرد مصطفى أنه كان يتصل بوالده منذ وصوله للعزل، وكنت أسأله عن "أكله وشربه وصلاته" والحمد لله كانت حالته النفسية جيدة جدًا وكان صوته بيطمنى واتصلت بوالدتى وأخبرتنى أنها بخير وأن لها حجرة خاصة والمستشفى نظيفة جدًا والاهتمام فوق المستوى حسب قولها و قلت لها "كلى كويس يا ماما وخالى بالك من نفسك" قالت لى حاضر يا حبيبى" كان الحوار ده يوم الأحد فى منتصف الليل".

الحاج عوض متوفى كورونا ببورسعيد مع ابنائه

يواصل مصطفى حديثه المصحوب بالحسرة والألم: "انزعجت جدًا يوم الاثنين عندما أخبرنى والدى بأن موبايل والدتى مغلق وأن اخواتى مش عارفين يوصلوا لها، اتصلت بالطبيب الذى كنت ـتواصل معه للاطمئنان عليهما وأخبرنى أن حالتها سيئة جدًا وقال لى "ادعوا لها" هى فى العناية المركزة، وحالة والدى فى تحسن تدريجى وفكرت كثيرًا ماذا أقول لوالدى و خاصة أنه بمجرد علمه بمرض "أمى" ووصولها للحجر صوته اتغير والوضع اختلف تمامًا معه، لذا كان لابد وأن أكذب عليه وبالفعل أخبرته أن موبايل والدتى "اتكسر" وأن الدكتور بيطمنى عليها وهى بخير والحمد لله".

وتابع مصطفى: "وفى يوم الثلاثاء اتصلت بالدكتور للاطمئنان على أمى، ولكن قال لى لا يوجد تحسن وفى الأربعاء الحزين، أخبرنى بأنه سيتم نقل والدتى إما إلى مستشفى الجمعية الخيرية بالعجوزة أو 15 مايو لأنها تحتاج إلى "غسيل كلوى" فتعجبت و قلت له "بس أمى مش مريضة كلى" أخبرنى بأن الكلى توقفت فجأة من آثار العلاج ولازم "تغسل" وبعدها كانت الحيرة وكأننى ابحث عن والدتى ولا أعرف إلى أين ذهبت، حتى تواصلت بالموبايل مع أحد الأصدقاء الذى كان يتابع وأبلغنى أنها قامت بالغسيل الكلوى بمستشفى 15 مايو، وبعدها ذهبت للعناية المركزة بالعجوزة، واتصل بى صديقى و قال لى "البقاء لله فى الحاجة" سمعت الخبر كالصاعقة على قلبى وعلى الفور اتصلت بمستشفى أبو خليفة للاطمئنان على والدى وكنت أسأل عن بطاقة الرقم القومى الخاصة بوالدتى لأن مستشفى العجوزة طلبتها للإنتهاء من إجراءات الدفن و قال لى الدكتور "البقاء لله فى الحاج".

الحاج عوض متوفى كورونا ببورسعيد مع احفاده

يقول مصطفى: "وكأنهما توفيا معًا فى توقيت واحد، سافرت أنا القاهرة لاستلام جثة والدتى من المستشفى بالعجوزة وسافر أخى السيد لاستلام جثة والدى من مستشفى أبو خليفة بالإسماعيلية، وظل أخى الكبير محمد فى بورسعيد للانتهاء من مراسم الدفن"، ويعقب مصطفى قائلًا: "أن محافظة بورسعيد لها جزيل الشكر، حيث تواصلت مع الدكتور حسين كساب، رئيس هيئة الإسعاف بالمحافظة، وقام بدوره بإرسال إسعاف مجهز بصندوقين جاء على القاهرة لاستلام جثة "أمى" و ذهبنا بالإسعاف على الإسماعيلية لاستلام جثة أبى، ورجعنا على المقابر وقام الطب الوقائى بتجهيز ثلاثة بدل وقائية لنا لبسناها ودخلنا مراسم الدفن، وفى البداية صلينا عليهما أمام باب المقابر ودخلنا مع الطب الوقائى، وقمنا بعملية الدفن وأغلقنا المقبرة بإحكام شديد، وقبل خروجنا خلعنا البدل الوقائية وسلمناها للطب الوقائى والذى قام بدوره بوضعها فى أكياس خاصة ثم قاموا بتطهيرنا وتعقيمنا جيدًا قبل الخروج".

وتقدم مصطفى بالشكر لجميع العاملين بمستشفى أبو خليفة بالإسماعيلية من أطباء وطاقم التمريض وحتى عمال النظافة، فيما عبر عن أسفه الشديد تجاه مستشفى الجمعية الخيرية الإسلامية بالعجوزة، حيث قال: "كانت روتينية فى التعامل منذ بداية الأمر، عندما كنت اتصل برقم المستشفى للاستفسار عن وجود أمى بها، كان هناك تعتيم كامل، ولايوجد إيجابية فى التعامل، وعرفت بوجود "أمى" بالعجوزة عن طريق أحد الأصدقاء، وعند وصولى لاستلام الجثة أخبرونى باسم وسن مختلف عن اسم وسن والدتى، لذا طلبت رؤية الجثة، وبالفعل أعطونى أدوات التعقيم ودخلت المشرحة لأجد "أمى بعبايتها و"الأرطة " على رأسها".

ويختتم مصطفى: "أنا متأكد بنسبة 99% أنهم لم يغسلوها وكانت فى كيس أسود رقيق جدًا ولم يوافق أى أحد بالمستشفى على الدخول معى المشرحة، وعندما جاء الإسعاف دخل معى سائق الإسعاف وأحد العمال "بالعافية " حتى الإجراءات كانت بطيئة جدًا، ولكن عند وصولى أبو خليفة كان هناك حوالى 12 شخص قاموا برفع الجثة لسيارة الإسعاف، وأنهوا جميع الإجراءات بسرعة وقاموا بصلاة الجنازة على "أبى و أمى"، جزاهم الله كل خير، والحمد لله على اللى ربنا يجيبه"، هكذا أنهى مصطفى حديثه وقال بأن والدتى ووالدى لو كانت أقيمت لهما جنازة فى ظروف مختلفة لكانت امتلئت بجموع كثيرة من الناس لأنهما كانوا "طيبين قوى، ربنا يرحمهما و تكون الجنة مثواهما يا رب".

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً