هل كان يمكن تصوّر أوضاع البلاد وسكانه بدون برمجيات رقمية بعد تفشى وباء كورونا؟
قبل ٤ شهور وأكثر قليلاً، لم تكن ثورة البرمجيات و الاتصالات الراهنة قد انطلقت واحتلت مفاصل الحياة البشرية بشكل جذرياً كهذا، وحتى مطلع مارس من الشهر الماضى، لم يكن وباء "كورونا" قد احتاج نطاق دوران عجلات البلاد إلى ما هو عليه الآن، ف كان لابد من شبكة الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي حتى مواكبة التطورات والمستجدات العصر.
لكن ماذا ان كانت البلاد تعانى من فجوة عدم جاهزية الرقمية؟ ماذا لو كان هناك شح فى المعلومات وضبابية مصير الحياة؟
لنا أن نتصوّر ما سيعيشه سكان البلاد في مواجهة وباء يفرض عليهم عزلة تامة في منازلهم، من المحتمل أنهم سيتسمّرون أمام شاشات صغيرة أو كبيرة فى انتظار خبرٍ ما، أو ربما يحملون بين يديهم "جهاز صغير" يسارعون به الوقت منتظرين نشرة أخبار تأتى من آن لآخر ترافق معها معلومات عاجلة قدر الإمكان.
ما زال عقلي يفيد بتخيلاته في طرح مزيد من الأسئلة، كيف ستواجه المنظومات تلك الأوبئة المُميته وضمن أية ظروف سيتم شق الطريق؟ كيف سيتأقلم سكان مدينتى بمشاركة تلك البرمجيات داخل حياتهم؟، لكن مما لا شك به، أن منافع الثورة التكنولوجية، وضمناً ثورة البرمجيات و الاتصالات، أسعفت مواطنين بلادي وسكانها مما جعلتهم أكثر معرفة بما يجري حولهم وسهلت لحكوماتنا تسيير أعمال البلاد.
هل باتت الحلول تتأخذ طريق القرصنة الإلكترونية؟، حتى أصبحت عادة الإنتظار صباحًا مقدساً، الجميع ينتظرون كل يوم إعلاناً عن مصير البلاد وما حل به وما أصبح من المحظور حتى الان؟، أو الانتظار مساء على مادة الطعام ومُحدق أنظارهم شاشات التلفاز لمعرفة ما هم مقبلين عليه في شأن المستقبل القريب، المستقبل الذي هوا من غير مدراس أو جامعات، فبات الجميع ويسارع من أجل الخروج بمنافع من رحم الأزمة، يصارع من أجل الوصول إلى التعلم عن بعد.
لا أنكر قدرة فيروس "كوورنا" التربص للبشرية وتوسيع قاعدته الهجومية بـ كبار السن و اصحاب الأمراض المزمنة، إلا أنه كان هناك من لنا بالمرصاد " وباء البرمجيات الرقمية"، ذلك الوباء الذى احدث فجوة كبيرة جداا فى مجتمعاتنا، حتى أصبح وباء متداول بين أقوام العالم دون تفرقة، استطاع فى وقت قصير تحويل دفتة البلاد من نقطة منتظمة إلى هاوية أكثر أخطار ومداهمة من الفيروس ذاته .
لكن هل أضعفت فجوة البرمجيات من القدرات الرسمية لرسم خطط مستقبلية وتصور جداول زمنية للامتحانات ومسار العام الدراسي؟
كان ذلك واضح جداا، حين تحدث خالد عبد الغفار عن خطة وزراته كان واضحاً في عدم إعطاء قرارات واضحة، تاركاً الباب التصورات مفتوحاً أمام إمكانية تغيير وتعديل، والذى أوضح فى بيان عام قائلا:" إن صحة الطلاب هي الهدف والأولوية الآن، لذلك تم إلغاء امتحانات منتصف الفصل الدراسي الثاني، والتي كان من المقرر أن تنعقد في شهر ٣ الماضي، لتضاف درجاتها إلى امتحان نهاية العام.
كان لابد من إيجاد منصبة لبدائل لطلاب الجامعات المصرية البالغ عددهم نحو ثلاثة ملايين و104 آلاف طالب وطالبة،حسب احصائيات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ظلت التعلم الجامعي عن بُعد يتأرجح بين منصات مختلفة مثل الرسائل عبر البريد الإلكتروني، ومجموعات "واتساب" المسجل،كان منها المرئي والصوتى، الا انها أوجدت فجوة رقمية مدمجة فى مصر بالاخص.
هنا فقط استحضرنى القول داخل تلك السطور أن :" وباء قوم عند قوم برمجيات رقمية"، لاننى تيقنت أن وجود الإنترنت والبرمجيات أسعف حياة العالم بعدما اجتاحها "كورونا" وغيّر أنماط الحياة اليومية، ولنا أن نتخيل منذ اليوم كيف ستبنى حياة ما بعد انتصار العالم من خلال برمجيات اتحد عليها قيادات و حكومات العالم.
وتبقى الحقيقة التى لا جدال فيها ، أن كارثة نقلت الملايين من البشر بين تفشٍ فيروسي و الأقدم لاستكمال الاعمال والتعلم والترفيه من البيت عبر الشاشات المتصلة بالإنترنت، المشكلة لا تكمن فى خطورتها إنما فى ثباتنا نحن، ربما لدينا بعض الفجوات الرقمية الا انها استطاعت تحدي الفيروس صار بالفعل، وأصبح واجب علينا أو باتت لابد منه هو تغير محور الاهتمام من خبراء واقعين إلى الاهتمام بخبراء التحول الرقمي، ومفتاح الحلول بين يديهم.