3 سيناريوهات لإدارة الأزمة الأقتصادية ما بعد عصر كورونا.. هل ستصر أمريكا على "العزف المنفرد"؟

الاقتصاد الصيني
الاقتصاد الصيني
كتب : سها صلاح

مع استمرار تفشي فيروس كورونا COVID-19 في انتشاره بجميع أنحاء العالم ، يواجه المجتمع الدولي أزمة عالمية مع تداعيات الصحة العامة والجيوسياسية والاقتصادية، ومن هنا يجب القول أن هناك عدة سيناريوهات سيتغير بها العالم بعد تلك الـ"جائحة"، وكما قالت منظمة الصحة العالمية وبعض العلماء والاقتصاديون في هذا الأمر لن يعود العالم إلى طبيعته مرة أخرى، فيما بعد فيروس كورونا ليس كما قبله.

ويمثل جائحة الفيروس التاجي صدمة كبيرة لنظام ما بعد الحرب ، الذي أنشأته الولايات المتحدة وحلفاؤها ، والذي عزز على مدى السنوات الـ 75 الماضية القيم الديمقراطية الليبرالية ، والاقتصاد العالمي المفتوح ، والهيئات المؤسسية الرسمية المدعومة من الدول الديمقراطية القوية.

هذا الإطار هو نظرة أولية على الآثار الجيوسياسية لأزمة ما زالت تتكشف. ويبدأ بتحديد الآفاق الصحية والاقتصادية لوباء الفيروس التاجي ، وكذلك الآثار المترتبة على القيادة العالمية للولايات المتحدة في تجاوز العاصفة، وفقاً لتقرير شبكة بلومبرج الاقتصادية.

اقرأ أيضاً: انهيار الاقتصاد بسبب كورونا.. ماذا لو سقطت العملة الأمريكية؟

سيناريوهات ما بعد كورونا

السيناريو 1

في أسوأ ثلاثة سيناريوهات ما بعد COVID-19 ، تكافح الولايات المتحدة وأوروبا والصين للتعافي على الرغم من الجهود المالية والنقدية الكبيرة، لكن الكساد العالمي لا يشبه أي شيء شوهد منذ ثلاثينيات القرن الماضي يسيطر على العالم حيث تتبنى الدول الانعزالية ويخيم الصراع المفتوح بين الولايات المتحدة والتحالف الصيني الروسي، ومن المتوقع أن تهيمن الصين بشكل أسرع في تلك المرة فروسيا تخسر كل شئ في هذا المضمار.

السيناريو 2

تتميز بالصين الصاعدة ،بامتلاكها أجزاء كبيرة من البنية التحتية في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، ومن هنا ستلوح في الأفق حرب باردة جديدة مع اقتراب الولايات المتحدة وأوروبا من مواجهة التحالف المتنامي بين الصين وروسيا.

السيناريو 3

يرى أكثر سيناريوهاتنا الثلاثة تمهيديًا في مرحلة ما بعد فيروس كورونا أن العالم يتقارب في تعاون متزايد، حيث يؤدي الالتزام الجديد بالحكم الأفضل إلى إنشاء هيئات دولية لمواجهة التهديدات العالمية مثل المرض والصراع والمناخ. يؤدي تحسين التعاون الدولي إلى انتعاش على شكل حرف V حيث تستأنف الاقتصادات الكبرى النمو.

الاقتصاد الصيني والأمريكي يتهاويان

وعلى الرغم من مواجهة الصين لتحدٍّ وبائي مسبقاً، المتمثل بأزمة (سارس) في 2003، فإن تداعيات فيروس كورونا على اقتصادها تختلف، فالصين في 2003 لم تكن مؤثرة بالاقتصاد العالمي مثل الصين في 2020، إذ شهد الاقتصاد الصيني قفزات مذهلة خلال الفترة السابقة؛ ففي عام 2000 تجاوز الناتج المحلي الإجمالي للصين نظيره الإيطالي، وفي عام 2005 تجاوز نظيره الفرنسي، وفي 2007 تجاوز المملكة المتحدة، وفي 2009 تجاوز اليابان، ليستقر بعد ذلك كثاني اقتصاد على مستوى العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية.

وعلى الرغم من مسارعة الصين لتطبيق إجراءات صارمة من أجل الحد من تفشي الوباء، فإنها لم تتمكن من تلافي الأضرار الاقتصادية الناجمة عن تطبيق تلك الإجراءات، إذ تضررت قطاعات اقتصادية هامة، أبرزها قطاع السياحة والطيران، ونظراً لارتباطها بأسواق عالمية في التصنيع والتصدير، أثَّر انتشار الفيروس وحالة فرض وقف الاستيراد والتصدير منها في نموها الاقتصادي بشكل كبير. ويرجح العديد من الخبراء أن تفشي الفيروس قد يؤدي إلى تراجع الناتج المحلي الإجمالي الصيني بنسبة تقارب 1.2٪، ويقدر الناتج المحلي للصين بنحو 13.6 تريليون دولار في عام 2018، بما يمثل نسبة 15.8% من الناتج المحلي العالمي، ومن هنا تشير كثير من التقارير إلى أن انتشار فيروس كورونا سيكون له تأثيرات كبيرة في الاقتصاد العالمي، ولذا خفضت الوكالة الدولية توقعاتها بنمو الاقتصاد الصيني إلى 4% مقابل 5.6% في توقعات سابقة للربع الأول من العام الحالي، وتتوقع (أوكسفورد إيكونومكس) انخفاض النمو الصيني إلى 5.4% خلال عام 2020، وهو الأدنى لها منذ عام 1990.

اقرأ أيضاً: التجربة اليابانية هي الحل.. هل ستلجأ الدول للأموال المحرمة لإنقاذ الاقتصاد في زمن كورونا؟

أما عن أمريكا فهي ليست أفضل حالاً، فوفقاً لوزارة الخزانة الأمريكية بلغ عجز الميزانية الاتحادية للسنة المالية 2019 حتى شهر سبتمبر/أيلول، نحو 984 مليار دولار، أي ما يوازي 4.6% من إجمالي الناتج الداخلي. يعد هذا العجز الأكبر منذ عام 2012 عندما بلغ العجز 1100 مليار دولار في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، حينما كان أول اقتصاد في العالم يخرج من الأزمة المالية ومن الانكماش الكبير. وعلى الرغم من أن سياسة الرسوم الجمركية العقابية التي فرضت على السلع الصينية في إطار المواجهة التجارية التي تخوضها إدارة ترمب مع بيجين، قد حققت عائدات قياسية بلغت ثلاثين مليار دولار، بزيادة نسبتها 70% عن الأحوال العادية، ارتفع العجز إلى 205 مليارات دولار إضافية عن 2018.

إذ سجلت الواردات ارتفاعاً نسبته 4%، وبلغت 3462 مليار دولار، وهو مبلغ قياسي، لكن وتيرة زيادة النفقات كانت ضعف ذلك، أي 8%، لتبلغ 4447 مليار دولار، وهو رقم يعد قياسياً أيضاً. وعزت الخزانة الأمريكية السبب في ارتفاع النفقات إلى شيخوخة السكان وارتفاع رواتب التقاعد (6%)، ونفقات التأمين الصحي (8%) للأكثر فقراً والأكبر سناً.

إذن فإن السيناريو الثالث هو الأكثر ترجيحاً، حيث ستتعافى اقتصادات الدول ببعضها البعض، ولكن في حالة فرض عقوبات جديدة من جانب أمريكا على الصين وغيرها ما بعد فيروس كورون، سينتهي الأمر بسقوط أمريكا العظمى أيضاً، فالعزف المنفرد في تلك الحالة لن يجدي نفعاً.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً