رمضان حول العالم في زمن الكورونا.. ماذا يفعل المسلمون للحفاظ على طقوسهم الدينية بأوروبا؟

رمضان في اوروبا
رمضان في اوروبا
كتب : سها صلاح

إن أقدس شهر في التقويم الإسلامي هو شهر رمضان الكريم، لكن إجراءات العزل الصحي في المنزل لاحتواء فيروس كورونا تعني أن العديد من المسلمين سيضطرون إلى تكييف تقاليدهم الإسلامية التي اعتادوا عليها في هذا الشهر الكريم مع الحياة تحت الحظر، حيث يستعد العائلات لقضاء رمضان "أون لاين"، ولكن ماذا يفعل المسلمون في الدول الأوروبية والذين كانوا يتجمعون معاً في خيمات رمضانية والآن ماذا يفعلون؟

الإفطار عبر الانترنت

في هذا السياق، قال محمد رضا عضو في اتحاد الجاليات الأوروبية والقاطن في بريطانيا في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر": " أن هناك حملات صعدت قبل رمضان داخل المساجد والمراكز الإسلامية في لندن لوضع خدمماتهم عبر الانترنت، حتى أن صلاة التراويح نفسها ستكون أون لاين عبر برامج الفيديو لدى كل شخص مسلم في بريطانيا ممن يردون ذلك".

اقرأ أيضاً: قصص ممرضات تحولن إلى "عزرائيل الموت".. ماذا يحدث داخل مستشفيات أوروبا بسبب كورونا؟

وبشأن الإفطار الجماعي للجالية المصرية في بعض الأماكن في بريطانيا سيتم عمل الخيمة باعداد قليلة جداً 5 على الأكثر يشاركون الأمر البقية عبر الانترنت.

المساجد ممتلئة بالأشخاص

ومع إغلاق المساجد، وتباعد أفراد العائلة - أحيانا داخل المنزل نفسه، لن يتمكن المسلمون من الإفطار وأداء الصلوات معا،لكن هناك جوانب إيجابية، حيث تدعو روح رمضان لمساعدة المحتاجين.

حيث قالت أنه في حي ستانمور، شمال غربي لندن، يقدم "مسجد الحُجة" خدمة لأكثر من 150 عائلة طوال شهر رمضان بتوصيل وجبات، مطهوة في مطاعم بالمنطقة، وممولة من تبرعات خيرية، ويوزعها متطوعون.

وعلى جانب أخر، يقول عاصم محمد أحد مسؤولي المسجد "أظن أننا نرى الأفضل في الناس. جاءنا 200 متطوع خلال 48 ساعة، وهذا أمر رائع. في العادة نقدم الوجبات لألف وخمسامئة شخص في مركزنا خلال الشهر، وبعض الناس يعتمدون تماما على وجباتنا".

ويأمل المنظمون الوصول إلى 200 أسرة كل ليلة من ليالي رمضان. وقد سجل 1000 شخص تقريبا اهتمامهم.

وقال محمد إن المركز وضع نفسه تحت تصرف بلدية "هارو" من أجل توزيع الطعام للمحتاجين، من التبرعات التي تصل من سكان المنطقة،وسيستمر المسجد في بث الدروس الدينية خلال رمضان عبر الإنترنت.

وقد نظمت جماعة "رابطة شباب الأحمدية" الخيرية عبر الإنترنت دورات رياضية وأنشطة اجتماعية وصلوات، فيما تخطط للوصول إلى عدد أكبر من الناس في رمضان.

اقرأ أيضاً: أطباء يكشفون أهمية الأطعمة في مواجهة كورونا

وقال عبد الله عوضي مدير الأعمال الخيرية في الرابطة إنهم ينظمون في العادة تجمعات كبيرة لتناول الطعام، يُدعى إليها سكان المنطقة غير المسلمين ليتعرفوا على رمضان والإسلام، لكن هذا العام تتطلع الرابطة لإشراك الناس عبر الإنترنت.

وقال الإمام صباح أحمدي، المقيم في لندن، إن رمضان سيكون صعبا هذه السنة بسبب إجراءات العزل، لكنهسيلجأ إلى وسائل التواصل الاجتماعي مثل انستجرام من أجل إعطاء الدروس الدينية، وأضاف أن العزلة ربما ستمنح الصائمين فرصة للتقرب إلى الله، وهو ما ينبغي فعله في شهر رمضان.

الاطفال في رمضان

بالنسبة للمسلمين في عدة دول أوروبية منها روسيا وألمانيا وبعض الولايات في أمريكا وبريطانيا، يقول الإمام عمر سليمان، مؤسس ورئيس معهد يقين للبحوث الإسلامية في بريطانيا وفقاً لصحيفة التايم البريطانية ، إن المساجد مكتظة بالمصلين في شهر رمضان، ولكن بإجراءات التباعد الأجتماعي، والبعض سيركز على الصلاة الفردية والاعتكاف المفرد في منزله.

أما هند مكي، وهي باحثة في حوار بين الأديان ومقرها شيكاغو في معهد السياسة الاجتماعية والتفاهم، لشبكة "سي إن إن" أنها ترى في رمضان وقتًا جيدًا للتأمل الذاتي، على الرغم من كون رمضان تجربة جماعية، ولكننا يمكن أن نعود إلى فكرة الأعتكاف".

اقرأ أيضاً: العمال المهاجرون يتحملون وطأة وباء كورونا.. ما هي الدول التي أخفقت في حمايتهم؟

فيما يشير خالد لطيف، وهو إمام يرأس المركز الإسلامي بجامعة نيويورك، إلى أنه في حين لا يمكن للمسلمين أن يصلوا جنبًا إلى جنب في جماعات هذا العام ، لا يزال هناك الكثير من الطرق للتعامل مع المجتمع، فالجوانب المجتمعية في رمضان مهمة للغاية، خاصة للمسلمين الذين يعيشون في أوروبا حتى لا ينسون تعاليم دينهم وسط صخب الحياة هناك، مضيفًا أنه من المهم محاولة مساعدة أفراد المجتمع الذين يعانون من نقص الخدمات.

وقد جمع المركز بالفعل أكثر من 770 ألف دولار لمساعدة المتضررين مالياً من فيروس كورونا، بمن فيهم أولئك الذين يكافحون من أجل تحمل تكاليف الدفن، كما كثفت العديد من المعاهد الإسلامية برامجها على الإنترنت لتعويض نقص الاتصال الشخصي.

رمضان بين الأطباء المسلمين في أوروبا

ناصر مليم، طبيب مسلم في إحدى مستشفيات نيويورك الأمريكية لصحيفة "التايم" البريطانية، أن بعض الأطباء والتمريض المسلمين في أمريكا اتفقوا على الغفطار الجماعي داخل المستشفيات مع اتباع إجراءات التباعد الاجتماعي، ولكننا سنفتقر هذا العام إلى الإفطار مع أسرنا في المنازل بسبب عدم خروجنا من دور الرعاية الصحية.

الطبيب مليم

واضاف "مليم" في حين أن ساعات العمل الطويلة للعاملين في مجال الرعاية الصحية غالباً ما تقف في طريق الإفطار والصلاة في صحبة مجتمع ، فإن هذا العام سيكون مختلف فجميعنا سنكون سوياً داخل المستشفيات وسنقيم شعائرنا الدينية.

وعلى جانب آخر، فالدكتورة إيمان الجمال، طبيبة غرفة الطوارئ التي تعالج مرضى فيروس كورونا في لوس أنجلوس، غير قادرة على العودة إلى منزلها فهي تعيش بمفردها في غرفة بجانب المستشفي التي تعمل بها وتخشى أن تكون بمفردها هذا العام، سيكون من الصعب جدًا تحفيز نفسي - صعبًا عاطفيًا - مع العلم أنني يجب أن أفعل ذلك بمفردي."

ويخطط كل من "مليم" و"إيمان" للصوم على الرغم من عملهما الشاق خلال الوباء، ويشعر ماليم بالقلق من الشعور بالجفاف أثناء ارتداء القناع الواقي وكيف يمكن أن يزيد من صعوبة الاستمرار في الصيام.

أما بالنسبة لطبيبة الأطفال كيران رحيم، شهر رمضان هذه السنة مختلف عن السنوات السابقة، حيث تقضي ساعات طوال خلف قناع طبي خانق في قسم للعناية الفائقة، وهي تعالج مرضى فيروس كورونا.

الطبيبة كيران رحيمي

ففي الظروف العادية، تصطحب أطفالها إلى منزل والدتها حيث يتناول أفراد العائلة الطعام سويا، أو تتناول طعام الإفطار مع صديقات في مطعم.

لكن بسبب كثافة العمل هذه السنة، ستعود منهكة من مستشفى جامعة هومرتون، بشمال شرق لندن، إلى زوجها وإبنيهما اللذين يبلغان من العمر ست سنوات وثلاث سنوات.

"كثيرون مثلي يختارون عدم الصيام أثناء العمل بقسم العناية الفائقة"، بحسب رحيمي التي تستطرد موضحة أن "الأمر شاق في معدات الوقاية الشخصية التي يرتديها الأطباء، في المرة الواحدة يكون بوسعك أن تعمل ساعة أو ساعتين فقط قبل أن تضطر لخلعها واحتساء مشروب ما".

وتقول رحيمي إن زملاء لها في الرابطة الطبية الإسلامية البريطانية طلبوا مشورة من علماء دين قالوا لهم إن من يعملون في قطاع حيوي وفي ظروف عمل مكثفة بإمكانهم الامتناع عن الصيام.

وبالنسبة لعاملين آخرين في قطاع الصحة، سيكون عليهم الإفطار وحيدين بعيدا عن عائلاتهم في ورديات مدتها 12 ساعة، وذلك في مقارنة كئيبة مع الأجواء المعتادة في رمضان،أما فرصة الحصول على إجازة في شهر رمضان، كما يفعل البعض عادة، فقد تلاشت مع بدء حالة الإغلاق،لكن الرسالة الأهم التي جاء بها الجميع هي أن يبقى الجميع في منازلهم وعدم زيارة العائلات أو الذهاب إلى المسجد الذي سيكون مغلقا.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
السيسي يوجه البنك المركزي والمنظومة المصرفية بتوفير المستلزمات الضرورية للإنتاج والصناعة