خرج الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، بتصريح مثير للجدل إن هناك أقوالاً لعلماء توضح أن تمثال أبو الهول في مصر يجسد وجه نبي الله إدريس عليه السلام، وهذا القول رجحه بعض علماء المسلمين، مثل الشيخ محمود أبو الفيض المنوفي في كتابه "العلم والدين"، مضيفاً أن الأثريين سلكوا مسلكًا آخرًا، وقالوا إن أبو الهول موجود قبل الأهرامات، وأن سيدنا إدريس ليس هو خوفو أو خفرع أو منكرع،وأن هذا النبي العظيم علم البشرية أشياءً قبل الحضارة، وكان يعلم 72 لغة، واسم إدريس جاء من الدراسة أي إدرس، وهناك من يرى أن إدريس جاء من أوزوريس.
ولكن هل هناك تأكيدات على أن النبي إدريس قام ببناء الأهرامات ووجهه تجسيد لأبو الهول؟
من هو النبي إدريس عليه السلام
النبي إدريس عليه السلام، و هو إدريس بن يرد بن مهلاييل بن شيث بن آدم، ويُعرف أيضًا باسم أخنوخ، ووجه تسميته إدريسًا أن الاسم مأخوذٌ من الدرس والدراسة لكثرة دراسته وتفكره وتأمله في الصحف المُنزلة على آدم وشيث -عليهما السلام- وقيل عن إدريس إنّه أول من خطَّ بالقلم، ومن كثرة علمه الذي نفع به الناس، ارسل الله له ملكاً قائلاً:" يا إدريس أن لك عشرة أمثال منفعة كل من تعلم، ماحييت في الأرض"، وقد عاش 365 سنة.
اقرأ أيضاً: علي جمعة: سيدنا إدريس تعلم 72 لغة.. وهو أول مصمم أزياء
أين ولد النبي إدريس عليه السلام
ولد النبي إدريس عليه السلام بمدينة بابل بالعراق وقيل أنه ولد في فلسطين ثم جاء إلى مصر وهذا الرأي الارجح، إدريس عليه السلام هو أول نبي بُعث بعد موت سيدنا آدم عليه السلام، فكانت الفترة بين موت آدم وبعث إدريس هى 200 عام، إذ أنه يعتقد أن آدم عليه السلام قد عاش ألف سنة إلا أربعين عام، وأن سيدنا إدريس قد ولد وآدم ما زال حياً وعند موت آدم كان سيدنا إدريس قد بلغ من العمر مائة عام.
نزل عليه الوحي والنبوة بعد موت آدم بمائة عام، وظل في نبوته لمدة مئة وخمس سنين وكان الناس من آدم إلى إدريس أهل ملة وعقيدة متمسكين بالإسلام، وتوحيد الله سبحانه وتعالى وبعد موت إدريس حدث الاختلاف من جديد.
ماهي الدعوة التي نزل بها النبي إدريس؟
كان إدريس عليه السلام يُعلم الناس الشريعة السمحة ودين الله الحق، وقد كانوا مسلمين بالفطرة فلم ينتشر الكفر والضلال بينهم في ذلك الوقت، وبعد بعد وفاة نبي الله إدريس آتى الناس إبليس اللعين وزين إليهم صنع تماثيل لخمسة من الصالحين، وكان حينها لم يكن محرماً صنع التماثيل فقاموا بذلك، ومن ثم قام إبليس بفتنتهم عن دينهم وأخذ يُوسوس فيهم لكي يقوموا بعبادة هذه الأصنام الخمسة.
فما كان منهم إلا أنهم أطاعوه وساروا في طريق الضلال والشرك والبعد عن الدين الحق، فقد ورد في بشأن ذلك "وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن وداً ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق ونسرا" وهذه هى أسماء الصالحين الذين ماتوا وصنع لهم قومهم تماثيل.
*ومن الآداب التي نادى بها
-حث الناس على الزهد في الدنيا الفانية، والنظر إلى ما عند الله تعالى من ثواب الآخرة.
-كان يأمر قومه بالبعد عن المحرمات كالخمر.
-أمرهم باتباع بعض الآداب والمبادئ الفاضلة، كالعدل وعدم الجور والظلم.
-أمر قومه بالصلاة والزكاة وصيام بعض الأيام.
معجزات النبي إدريس عليه السلام
النبي إدريس عليه السلام هو أول من خط القلم، وأول من تعلم الاستدلال بمواقع النجوم أثناء السفر والسير، وأول من خاط الثياب بالخيط والإبرة وارتداها، فضلاً عن أنه أول من استخدم الدواب والأحصنة للسفر والحروب.
ما علاقة النبي إدريس بمصر والفراعنة؟
جاء في كتاب عالم الآثار المصرية سليم حسن "أبو الهول تاريخه فى ضوء الكشوف الحديثة" إن المصريين كانوا دائما يصورون الفرعون كأسد، فيقولون "كالأسد في ساحة القتال" أو "الأسد الضارى" أو "أسد بين الحكام" ويمثلونه في هذه الصورة في كل عصور التاريخ المصري، وكان أمنحت الثالث بوجه خاص مغرما بأن يصور في صورة أسد، وقد جاء على التمثالين اللذين عثر عليهما في جبل "بركال" في بلاد النوبة من نقوش: لقد أقام هذا الأثر ليمثل صورته الحية على الأرض "نب ماعت رع" أمنحتب الثالث،غير أن هذا الرأى لم يسجل إلا بعد نحو 1400 سنة من إقامته، حيث أشار في لوحته الكبيرة التي أقامها من الحجر الجيرى أن أبو الهول إنما كان أقدم من الأهرامات، كما أنه يشير إليه باسم "حور مأخت" و"حور أختى".
وفي إحدى البرديات المكتشفة ذكر أن تحتمس الرابع فيما روى من أحلامه من الجرانيت ما قد يعبر عن رائيه في أبو الهول، إذ سواه بالإله "خبرى – رع – أتوم" كما سمى هذا المعبود باسمه الشائع "حور مأخت"، فيمكن اعتبار أبو الهول مساويا للإله أتوم، ويمكن أن نعده من أقدم الآلهة المصرية.
فيما ذكر الكتاب أن الآراء التي صدرت عن أبو الهول من المؤرخين العرب بعد الفتح الإسلامي، كانت قليلة وإن لم تكن مع ذلك عديمة القيمة إذ تبين مدى تغلغل المأثورات المحلية بين الناس رغم تغير الدين مرتين في مصر.
وفي هذا السياق، قال زاهي حواس عالم الآثار الدكتور زاهي حواس إنه ليس هناك أي داعٍ لأن يتحدث الشيخ علي جمعة مفتي الديار المصرية السابق عن الآثار، فهو رجل فقيه في الدين؛ ولذا فإنه عندما تحدث عن الآثار، فقد تحدث بمعلومات عن الآثار لا تمت للعلم بصلة، بل هي معلومات رددها الكثيرون من مهووسي الآثار دون علم أو دراسة، ولا يمكن للشيخ علي جمعة أن يأتي في حديث تليفزيوني ويفتي في أشياء ليست من تخصصه، وهو لم يكتب مقالاً علميًا واحدًا في علم الآثار.
وأضاف حواس، أن أغلب ما قاله الشيخ علي جمعة هو ترديد لما كتبه د. سيد كريم في كتاب له باسم "لغز الحضارة المصرية" وكل ما جاء في هذا الكتاب عبارة عن تخيلات بعيدة عن العلم.
وقد ردد هذه المعلومات، التي أدلي بها الشيخ علي جمعة، الدكتور مصطفى محمود في برنامجه "العلم والإيمان"، وما يزال البعض من غير الدارسين يرددون هذا الكلام الذي يتساوى مع مهاويس الشهرة الذين يقولون إن الهرم بناه قوم جاءوا من قارة أطلنتس المفقودة،وما قاله الآن هو عبارة عن ترديد لما قاله الرحالة العرب عندما جاءوا إلى مصر في القرن التاسع الميلادي،
وتابع عالم الآثار المصرية، أولاً: ما هو دليله على أن النبي إدريس هو أول من بنى الأهرامات وأن تمثال "أبو الهول" تجسيد له وعلم التحنيط.
أولاً لدينا الأدلة الكاملة عن أن الملك زوسر هو الذي بنى أول هرم موجود لدينا، وأن الذي غير البناء من الطوب اللبن إلى الحجر هو إيمحتب العبقري، ولدينا أقدم بردية عُثر عليها إلى الآن، وهي بردية وادي الجرف، والتي يتحدث فيها رئيس العمال "مرر" عن بناء هرم خوفو. وقال إن منطقة الهرم كانت تسمى "عنخ خوفو"، بمعنى "خوفو يعيش"، وأن خوفو عاش في قصر بالهرم، وتحدث عن مدة حكم خوفو.
وبعد ذلك استمر بناء الأهرامات حتى بداية الدولة الحديثة، وهل يمكن أن ننسى كل هذا وكذلك المقابر الموجودة في الجيزة، والتي تتحدث عن كهنة خوفو وخفرع ومنكرع والعديد من الألقاب المتصلة بالعالم الآخر وبالادارة في الحكم، وهل يمكن أن ننسى القوائم الملكية التي تحدد أسماء الملوك وليس بينهم اسم النبي إدريس عليه السلام؟.
أما عن "أبو الهول" فلا يعود، على حد قول الشيخ علي جمعة، إلى ما قبل عهد خوفو وخفرع وهذا خطأ فادح؛ لأن كل الأدلة العلمية تشير إلى أن "أبو الهول" يعود إلى عهد الملك خفرع وأن نحته تم؛ كي يظهره في شكل حورس وهو يتعبد إلى الإله رع، والذي يظهر في المعبد الكائن أمام "أبو الهول"، وأن المصريين القدماء قد ربطوا بين قوة الأسد والملك، في شكل أسد يظهر وهو يطأ ويدوس أعداءه.
أما عن موضوع إدريس وربطه بأوزيريس، فهذا للأسف تم ربطه بسبب السجع اللغوي بين الاسمين، وآسف جدًا أن أقول إن هذا هو ما ردّده د. سيد كريم دون علم أو دليل، وإن سيدنا إدريس لم يعلم التحنيط؛ لأن التحنيط لم يأتِ مرة واحدة بل تعلمه المصريون منذ الأسرة الأولى حين قاموا بتجفيف الجثث، ووضعوا بعض المواد على الأرجل، وبعد ذلك تطور الأمر إلى عمل أقنعة في الأسرة الرابعة، ولم يصل التحنيط إلى ذورته إلا في الأسرة 18.
النبي إدريس في التوراة
لقد ورد في التوراة أن أخنوخ وهو النبي إدريس أن نزلت عليه النبوة بعد ولادة ابنه الأول متوشالح، أي في سن الخامس والستين صار أخنوخ مقربًا لدى الله تعالى، وظل في هذا المقام ثلاث مئة عام، ونص العبارة هي: "وَسَارَ أَخْنُوخُ مَعَ اللهِ بَعْدَ مَا وَلَدَ مَتُوشَالَحَ ثَلاَثَ مِئَةِ سَنَةٍ.. وسَارَ أَخْنُوخُ مَعَ اللهِ، وَلَمْ يُوجَدْ لأَنَّ اللهَ أَخَذَهُ” (التكوين 5: 22-24).
وجاء في المسيحية حيث ورد في العهد الجديد: "بالإِيَمانِ نُقِلَ أَخْنُوخُ لِكَيْ لاَ يَرَى الْمَوْتَ، وَلَمْ يُوجَدْ لأَنَّ اللهَ نَقَلَهُ" (رسالة بولس إلى العبرانيين 11: 5).
وزعمت بعض المصادر اليهودية المحرفة أن النبي إدريس عليه السلام انحرف عن طريق الصلاح في آخر عمره، فرفعه الله إلى السماء لكيلا يصير فاسقًا فتكون عاقبته وخيمة، كما قيل أيضًا أنه لم يُصعَد إلى السماء، بل مات بالطاعون.
قد ورد في كتب اليهود أيضًا أن حنوك اخترع علم الكتابة والفلَك والحساب "الموسوعة اليهودية مجلد 5 نقلا عن سِفر يوهاسين"
وجاء القرآن الكريم على ذِكر النبي إدريس في أكثر من موضعٍ فيه كواحدٍ من الأنبياء المرسلين من الله تعالى والذين يتوجب على المسلم الإيمان بهم وبما جاءوا به من عند الله تعالى كواحدٍ من أركان الإيمان -الإيمان برسله-، وتلك المواضع هي: [٥] قال تعالى: "اذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ ۚ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا"[٦] قال تعالى: "وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ ۖ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ"[٧]، "وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا" {مريم: 56ـ57}.
رفع النبي إدريس للسماء الرابعة
"وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ ۚ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا".. هكذا أشار الله عز وجل في سورة مريم إلى نبوة إدريس عليه السلام؛ حيث كان أول نبي مُنح النبوة عقب أدم وشيث عليهما السلام، وشرفُه الله تعالى برفعته له ربما مكانيًا أو معنويًا، فقد اختلفت الرؤى حول وفاته.
بيمنها ذهب تفسير الطبرى إلى ذكر رواية يونس بن عبد الأعلى بأن ابن عباس كعبا قال له : ما قول الله تعالى لإدريس ( ورفعناه مكانا عليا ) قال كعب : أما إدريس ، فإن الله أوحى إليه : إني رافع لك كل يوم مثل عمل جميع بني آدم ، فأحب أن تزداد عملا فأتاه خليل له من الملائكة ، فقال : إن الله أوحى إلي كذا وكذا، فكلم لي ملك الموت ، فليؤخرني حتى أزداد عملا فحمله بين جناحيه ، ثم صعد به إلى السماء; فلما كان في السماء الرابعة ، تلقاهم ملك الموت منحدرا ، كما إنه أخاف ملك الموت ، فكلمه في الذي كلمه فيه إدريس ، فقال : وأين إدريس؟ فقال : هو ذا على ظهري ، قال ملك الموت : فالعجب بعثت أقبض روح إدريس في السماء الرابعة .