ترأس الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اليوم، ندوة تحت عنوان "النظام العالمي الجديد ما بعد كورونا .. الفرص والأولويات"، بحضور الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، والدكتورة نجلاء الأهواني، وزيرة التعاون الدولي السابقة، بالإضافة إلى نخبة من الخبرات المصرية من المتخصصين في العلاقات السياسية والدولية، وأساتذة الاقتصاد والتجارة الدولية، ومجموعة كبيرة من مسئولي بنوك الاستثمار وسوق المال، فضلاً عن متخصصين فى المجالات السياحية والتجارية، إلى جانب عدد من المفكرين المصريين، ورؤساء مجالس إدارات عدد من الشركات.
وفي مستهل اللقاء، قال رئيس الوزراء إن الحكومة بالتعاون مع المجموعة الاقتصادية، دأبت خلال الفترة الماضية على التباحث ومناقشة السيناريوهات المحتملة للتعامل مع "عصر ما بعد كورونا"، لاسيما في ضوء المناقشات الجارية حول العالم خلال هذه الآونة، والتي تشير إلى ضرورة التعايش مع هذا الفيروس المستجد حتى يتم اكتشاف لقاح أو دواء له.
وأضاف الدكتور مصطفى مدبولي أن انتشار "كوفيد 19"، كان له تداعيات كبيرة للغاية على الاقتصادين العالمي والمحلي، لافتاُ إلى أن عدداً كبيرا من القطاعات في مصر تأثرت بشدة مع خسائر ملحوظة في الاقتصاد، ومن القطاعات التي كان للفيروس تأثير سلبي مباشر عليها مجالا السياحة والطيران، فقطاع السياحة كان قد بلغ أفضل مستوياته على الإطلاق قبل انتشار فيروس كورونا، وكان من المتوقع لإيراداته أن تتخطى معدلات أكبر بكثير من أي إيرادات تحققت قبل عام 2010، كما أثر أيضا انتشار فيروس كورنا على قطاع الطيران الذي تضرر بشدة من حظر حركة الطيران، بالإضافة إلى توقف حركة التجارة عالميًا.
وتابع رئيس الوزراء أن المجموعة الاقتصادية بدأت في دراسة سيناريوهات التعامل مع فيروس كورونا من الناحية الاقتصادية، مشيراً إلى أنه عند مناقشة هذه السيناريوهات أخذنا في الاعتبار كيفية معالجة الأمر داخليا من خلال عدد من الإجراءات، لكن في الوقت ذاته كان من الأهمية بمكان النظر إلى الآلية التي يتعامل بها العالم مع هذه الأزمة، وكيف ينظر إليها خلال المرحلة المقبلة.
وأوضح رئيس الوزراء أن عددًا من المؤسسات الدولية الآن، بدأت تتحدث عن أن عصر ما بعد كورونا ربما يشهد تغييرًا كبيرًا في الكيانات السياسية والاقتصادية العالمية خلال المرحلة المقبلة، وأن هناك أطروحات مفادها أن المرحلة التي ستعقب انتهاء أزمة كورونا مباشرة، ستبدأ فيها كل دولة في معالجة المرض وآثاره داخليا مع تشجيع الكيانات الوطنية على التعافي.
وأضاف رئيس الوزراء، يبدو أن الأزمة تمثل محنة كبيرة، لكن وسط هذه الأزمة ثمة فرص كبيرة لمصر، فقد حان الوقت لأن تتواجد مصر في الأسواق التي لم يسبق لها التواجد فيها.
وأوضح أن الهدف من عقد هذا اللقاء المفتوح مع هذه النخبة من رجال السياسة والاقتصاد، هو بحث الفرص والأسواق والقطاعات والأنشطة التي سيكون التركيز عليها خلال الفترة المقبلة، وذلك من أجل تعظيم الاستفادة من الأوضاع الحالية، حيث سيتم التوافق على ورقة عمل تتضمن عددا من الأفكار القابلة للتنفيذ، أخذًا في الاعتبار الظروف الاقتصادية المحلية والأوضاع العالمية المتغيرة، لافتا إلى أن الفترة المقبلة ستشهد عقد لقاء أو لقاءين أسبوعيا للتوافق حول الأفكار التي سيتم اقتراحها، وبعد ذلك سيعقد مؤتمر تحت رئاسة رئيس الجمهورية وبحضور عدد من رجال السياسة والاقتصاد لمناقشة هذه الأفكار.
من جانبها، أشارت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، فى مستهل حديثها، إلى أن هناك العديد من التساؤلات حول سيناريوهات ما بعد انتهاء أزمة فيروس "كورونا"، وما يتعلق بالنظام العالمي سواء من الناحية السياسية أو التكتلات الاقتصادية، والاتفاقيات التجارية الدولية، والقطاعات التي سيتم توجيه الاستثمارات لها خلال الفترة المقبلة، منوهة إلى الأهمية التي يحتلها قطاع اللوجيستيات، حيث بلغ حجم الاستثمارات به على مستوى العالم ما يقدر بـ 25 تريليون دولار.
وخلال الندوة، أشارت الدكتورة نجلاء الأهواني، إلى أن التقارير الدولية التي تتعامل مع فيروس كورونا المستجد تسير في اتجاهين، الأول هو دراسة التقلبات السياسية والجيوسياسية والاقتصادية التي ستحدث نتيجة ازمة فيروس "كورونا المستجد"، والثاني مواجهة التداعيات الاقتصادية سواء على المستوي العالمي أو المستوي المحلي.
وأوضحت الدكتورة نجلاء الأهواني، أن التقارير الدولية تشير إلى أن أزمة التشغيل والمتعطلين ستكون قضية شائكة في المستقبل، حيث إنه وفقا لتقديرات التقارير الدولية فإن حجم المتعطلين على مستوي العالم لن يكون أقل من 200 مليون فرد، خاصة أن هناك عددًا من القطاعات تضررت أكثر من غيرها سواء التي حدث بها إغلاق جزئي أو كلي مثل قطاعات السياحة، والطيران، والصناعة.
وأشارت الدكتورة نجلاء الأهواني إلى تأثير أزمة فيروس كورونا على قطاع التشغيل الرسمي وغير الرسمي، موضحة أنه يمكن التعامل مع الأمر من خلال مرحلتين الحالية، والمتمثلة في الإجراءات التي يتم اتخاذها حالياً لاحتواء الازمة، إلى جانب المرحلة التالية وهي التعافي ما بعد الأزمة.
وفيما يخص مرحلة احتواء الازمة، سلطت الضوء على مجموعة من الإجراءات والتدابير النقدية والمالية والاقتصادية التي اتخذتها بعض دول العالم للحفاظ على العمالة في مختلف المنشآت، مثل تقليل سعر الفائدة، وضخ سيولة في الأسواق، ومبادرات قطاعات معينة لانتشالها من الأزمة، وتقسيط الديون على الشركات، إلى جانب اللجوء لصندوق النقد الدولي.
وأوضحت أن السياسات المالية والاقتصادية عليها عبء كبير جداً لمحاولة احتواء مشكلة العمالة، لافتة إلى أنه يوجد إجراءات تم تحديدها لدعم المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، التي تعمل في إطار سلاسل التوريد العالمية مثل تقديم إعفاءات للشركات التي تحتفظ بالعمالة الخاصة بها.
وفيما يخص مرحلة التعافي ما بعد الأزمة، نوهت إلى أن ضرورة دعم القطاعات الأكثر عرضة للتأثر بالسلب جراء جائحة فيروس كورونا المستجد، وعلي رأسها قطاع الصناعة خاصة الصناعات التحويلية كونها تحتوي على عدد كبير من العمالة، مشيرة إلى أن هناك تجارب ناجحة لعدد من المشروعات التي نجحت في استغلال الأزمة الحالية، وقام العاملون بها بالعمل عن بعد من منازلهم.
وفى بداية حديثهم، أشار المشاركون بالندوة إلى أن هناك تغييرًا كبيرًا كان يحدث فى العالم قبل حدوث أزمة فيروس "كورونا"، وخاصة فى مجال التطور التكنولوجي، مؤكدين على أهمية متابعة حجم التغيرات الداخلية، والتي من شأنها أن تدعم وتقوي دعائم الدولة الأساسية سواء ما يتعلق بالتكنولوجيا أوالاقتصاد، مشيرين في الوقت نفسه إلى أن السوق المصري يعتبر من أكبر الأسواق بمنطقة الشرق الأوسط لتنوع المجالات به سواء السياحية والإنتاجية والتجارية أو الاستهلاكية.