اعتمد الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، اليوم الأربعاء، النسخة النهائية لكتاب: فقـه النـوازل "كورونا المستجد - كوفيد 19 أنموذجًا "، وهو كتاب يُعــدُّ تأصيلا علميًّا وفقهيًّا لفقه النوازل والمستجدات، ويتناول قضايا فى غاية الأهمية مثل: الحجر الصحى، والعزل المنزلى، وأداء العبادات والشعائر فى زمن النوازل والجوائح .
ويؤكد الكتاب، عدم التناقض بين الإيمان والعلم، ويبرز حاجتنا إلى الدعاء والدواء معًـا، فليس أحدهما بديلا للآخر، ولا نقيضًا له، كما يبرز الكتاب العلاقة بين القواعد الفقهية والمستجدات العصرية، ويجيب على كثير من الأسئلة الشائكة فى بابه .
ويأتى هذا الكتاب بمشاركة وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، ونخبة متميزة من الأساتذة والباحثين المتميزين المتخصصين فى الدراسات الفقهية والشرعية .
وقد قدم له الوزير بمقدمة جاء فيها : "للأحوال العادية أحكامها ، وللنوازل أحكامها ، والطامة الكبرى فى انسداد أفق من لا حظَّ لهم من العلم النافع، ممن جمدت عقولهم عند حفظ بعض المسائل أو الأحكام الجزئية دون أن يلموا بشيء من فقه الأولويات أو فقه النوازل، ولم يفقهوا شيئًا من قضايا الاستحسان والاستصحاب، أو المصالح المرسلة، أو ما عمت به البلوى، دون أن يفرقوا بين الكليات والجزئيات، ودون أن يحسنوا ترتيب الكليات أو المقاصد الضرورية، ولم يفقهوا مراد الشارع منها، إنما جعلوا عمدتهم ورائدهم فى كل شيء بعض ما حفظوه من بطون الكتب أو ما أخذوه على يد كبيرهم فى الجماعة أو التنظيم، فيحفظونه وكأنه القرآن الكريم الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، بل إن أحدهم يجادلك فى فهم النص القرآنى المقدس ولا يسمح لك أن تراجعه أو تناقشه فى كلام شيخه ومرجعه حتى لو كان هو أيضًا لم يفهم كلام من نقل عنه على وجه صحيح؛ لأن الولاءات التراتبية فى هذه الجماعات لا تسمح بالنقاش أو المراجعة أو الحوار العقلى" .
وتابع الوزير فى مقدمة الكتاب: "وللأسف الشديد لا يزال هناك متحجرون يقفون عند ظواهر النصوص ولا يتجاوزون الظاهر الحرفى لها إلى فهم مقاصدها ومراميها، فيقعون فى العنت والمشقة على أنفسهم وعلى من يحاولون حملهم على هذا الفهم المتحجر، دون أن يقفوا على فقه وفهم مقاصد السنة النبوية المطهرة المشرفة بما تحمله من وجوه الحكمة واليسر، وما لو أحسنا فهمه وعرضه على الناس لغيرنا تلك الصورة السلبية التى سببتها أو سوقتها الأفهام والتفسيرات الخاطئة للجماعات الإرهابية والمتطرفة والمتشددة ورؤى أصحاب الأفهام السقيمة الجامدة المتحجرة على حد سواء، ورحم الله الحسن البصرى حين قال: ".. فَإِنَّ قَوْمًا طَلَبُوا الْعِبَادَةَ وَتَرَكُوا الْعِلْمَ حَتَّى خَرَجُوا بِأَسْيَافِهِمْ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَوْ طَلَبُوا الْعِلْمَ لَمْ يَدُلَّهُمْ عَلَى مَا فَعَلُوا ", فنحن فى حاجة إلى خطاب دينى مستنير يرتكز على فهم المقاصد العامة للشرع الحنيف" .
وأضاف: "ومن ثمة كان تأليفنا لهذا الكتاب بمشاركة نخبة واسعة من الأساتذة الفضلاء ، والباحثين المتميزين ؛ لإلقاء الضوء على جانب هام من فقه النوازل والمستجدات ، فى ضوء تلك النازلة التى اجتاحت معظم دول العالم "كورونا المستجد – كوفيد 19" ، آملين أن يسهم فى إلقاء الضوء على ما فى ديننا من المرونة والسعة فى التعامل مع النوازل والمستجدات ، وبيان أن الفكر الإسلامى الرشيد قائم على مراعاة المصالح المعتبرة للبلاد والعباد ، فحيث تكون المصلحة المعتبرة فثمة شرع الله ".
وأكد الوزير، أننا فى حاجة ملحة إلى الفهم المقاصدى للنصوص، وإلى دراسة عصرية للقواعد الفقهية والأصولية وإعطائها الأولوية فى مجال الدراسة الأكاديمية وفى مجال التدريب والتأهيل النوعى التراكمى المستمر، بما يسهم فى تكوين عالم عصرى مستنير قادر على إعمال العقل فى فهم النص فى ضوء الحفاظ على ثوابت الشرع، مؤملين أن يكون الكتاب إضافة هامة فى بابه بصفة خاصة وفى مجال الدراسات الدينية بصفة عامة .
وأوضح، أنه سيتم إتاحة الكتاب إلكترونيًا على موقع الوزارة فى موعد أقصاه الجمعة، كما تتم طباعته بمطابع الأوقاف ليتاح مطبوعًا منتصف الشهر الكريم، لافتا إلى أنه تم الاتفاق مع الهيئة العامة للكتاب على إصدار طبعة خاصة من الكتاب ضمن إصدارات سلسلة رؤية، نظرًا للأهمية البالغة لموضوع الكتاب فى الظرف الراهن .