يقول المولى عز وجل في كتابه العزيز ﴿ وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا ﴾ (البقرة: 231). وعندما ندرس سبب نزول هذه الآية نعرف أن المولى سبحانه وتعالى لم يترك كبيرة ولا صغيرة في أحوال الناس الشخصية إلا و عالجها في قرآنه الكريم، وسبب نزول هذه الآية الكريمة هو الذي بنى عليه فقهاء المسلمين بعد ذلك فكرة التعسف في استخدام الحق الذي نقله فقهاء القانون الفرنسيين فيما بعد، ويتضح من سبب نزول هذه الآية لنا الأصل الشرعي فيما يتعلق بوجود أساس فقهي لنظرية التعسف في استخدام الحق، وسبب هذه الآية أنها نزلت في رجل من المدينة هو ثابت بن يسار، طلق زوجته وقبل أن تنقضي عدتها بيوم أو يومين أعاده إلى عصمته، ثم كرر طلاقها وكرر فعل نفس الأمر مرة ثانية، ثم مرة ثالثة حتى مضت 9 أشهر بنية الإضرار بها وإيذائها معنويا بالرغم من أن هذا الرجل قد استخدم حقا له، ولكن استخدم هذا الحق بشكل ألحق الضرر بشخص آخر .
ووجه الدلالة في هذه الآية الكريمة هو أن الله سبحانه وتعالى قد وجه الأزواجمن المسلمين بعدم التمسك بحق الرجعة عند التطليق بنية الإضرار بالزوجة المطلقة، فيتحقق بذلك العدوان من جانب الزوج على مطلقته على الرغم من أن الزوج هنا قد تمسك بحق من حقوقه، ولكن استخدم هذا الحق بشكل متعسف بما أوقع الضرر بشخص آخر، وهو ما قد يوقع الضرر بالمجتمع في حالة استخدام كل شخص لحقه في تطليق واستعادة زوجته لعصمته ثم تطليقها بهذه الطريقة.