"كانوا مجرد أطفال".. تحت هذا العنوان فضحت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، جرائم العدوان الإسرائيلي على غزة، والذي جاء أعلى صورة كبيرة لشهداء القطاع من الأطفال.
ونشرت الصحيفة الأمريكية على صدر صفحتها الأولى أسماء وصور وتفاصيل حياة الأطفال الفلسطينيين الذين استشهدوا خلال حرب الـ11 يومًا في غزة، في محاولة لرسم صورة قريبة للمجزرة الوحشية التي تعرض لها الأطفال على يد الاحتلال الإسرائيلي.
واستشهد خلال 11 يومًا من العدوان الإسرائيلي 66 طفلاً دون سن 18 عامًا في غزة، وفقًا لتقارير أوليّة.
وقالت نيويورك تايمز في مُستهل تقريرها المُعنون "كانوا مجرد أطفال"، إنه بعد دقائق قليلة من بدء أول غارة جوية لجيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة المحاصر، استشهد الطفل براء الغربلي، الذي لا يتجاوز عمره 5 سنوات، في جباليا بغزة، واستشهد أيضًا في الضربة نفسها الطفل مصطفى عبيد (16 عامًا) مساء يوم 10 مايو، لتليهم قافلة من الشهداء الصغار مع استمرار العدوان الإسرائيلي الوحشي.
وفي الوقت ذاته تقريبًا، استُشهد 4 أطفال من أبناء عمومة- يزن المصري،(عامان) مروان المصري (6 أعوام) رهف المصري (10 أعوام) إبراهيم المصري (11 عامَا) في قصف إسرائيلي على بيت حانون وغزة. ووصف ابن عمهم، مخلص المصري، الأمر بأنه "كان مُدمرًا والألم لا يوصف في العائلة".
وذكرت الصحيفة أنه عندما طُلب من أهالي الأطفال الشهداء وصف شعورهم، أجابوا بعبارة بسيطة: إنها إرادة الله. وكان صوتهم أقرب إلى الهمس، ومع كلمات لا تنقل الاستسلام، تحدثوا عن أحلام أطفالهم الشهداء وكيف كانوا يريدون أن يكبروا ليصبحوا أطباء وفنانين وقادة.
من أولئك الأطفال الذين نقلت الصحيفة قصة حياتهم القصيرة، نادين عواد (16 عامًا) التي استشهدت في 12 مايو الجاري. وكانت طالبة متفوقة تتحدث الإنجليزية بطلاقة وعلمت نفسها العزف على البيانو وشاركت في برنامج للتعايش بين اليهود والعرب.
وأشارت الصحيفة إلى أن أطفال غزة نشأوا وسط انتشار الفقر والبطالة، ولا يمكنهم السفر بحرية خارج القطاع بسبب الحصار، كما أنهم يعيشون تحت التهديد المستمر بالحرب، ولا تحتاج للعيش سوى 15 عامًا لترى أربع هجمات إسرائيلية وحشية، وكل شخص تقريباً في غزة يعرف شخصاً أُستشهد بالضربات الإسرائيلية.
وقالت علا أبوحسب الله، أخصائية نفس الأطفال في غزة، للنيويورك تايمز: "عندما أفكر في الأطفال الذين استشهدوا، أفكر أيضاً في الأطفال الذين نجوا، والذين تم انتشالهم من تحت الأنقاض وفقدوا أطرافهم، أو أولئك الذين سيذهبون للمدرسة ليعلموا هناك أن صديقهم استُشهد".
وقطاع غزة يعتبر واحدًا من أكثر الأماكن اكتظاظًا بالسكان على الكوكب، ونصف السكان هناك هم أطفال تحت سن الثامنة عشرة، لذلك عندما ضربت الطائرات الحربية الإسرائيلية المنازل والأحياء السكنية، كان عدد الأطفال المعرضين للخطر مرتفعًا.
وبيّنت "نيويورك تايمز" أنها استقت هويات الأطفال الشهداء وصورهم وظروف استشهادهم من آباءهم وأقاربهم والمدرسين في غزة والمنظمات الحقوقية الدوية إضافة إلى المسؤوليين الفلسطينيين ووسائل التواصل الاجتماعي والمؤسسات الإخبارية.
وقال خبراء الصحة العقلية والمنظمات المستقلة التي تعمل مع الأطفال في غزة، إنهم يعانون من اضطرابات ما بعد الصدمة والخوف المزمن والقلق، ويمكن أن تنتج هذه المشاعر كوابيس منهكة، بحسب الصحيفة.
وأكد كارل شمبري، المتحدث باسم المجلس النرويجي للاجئين، الذي يدير برنامج العلاج النفسي والتعليم للأطفال في القطاع أن غزة هي بالفعل تجربة عنيفة ومروعة للغاية للأطفال.
وأضاف: "كانوا يحصلون على مساعدة ورعاية للتخلص من الكوابيس والصدمات، الآن هم مدفونون بأحلامهم وكوابيسهم