أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، مساء الثلاثاء، حظر كافة ورادات النفط الروسية، في قرار سيخلّف الكثير من التداعيات الاقتصادية والسياسية، وقرأه مراقبون باعتباره "أشد العقوبات" على روسيا منذ بداية الأزمة الأوكرانية.
وتوقع مراقبون أن يحفز القرار بعض الدول الأوروبية لحظر واردات النفط الروسي بشكل جزئي، لكن آخرين استبعدوا ذلك، بسبب اعتماد غالبيتهم على الواردات النفطية من روسيا بنسبة تتجاوز الـ40% من حجم الاستهلاك اليومي.
ومن جانبها صعدت بريطانيا من عقوباتها المفروضة على روسيا، معلنة، الثلاثاء، قرارا بوقف واردات النفط الخام والمنتجات البترولية الروسية بحلول نهاية العام 2022.
وعبّرت ألمانيا عن قلقها البالغ إزاء التأثير الاقتصادي على البلاد جرّاء القرار الأميركي الذي سيدفع إلى ارتفاع غير مسبوق في أسعار النفط الخام.
وقالت مصادر حكومية، تحدثت لمجلة "دير شبيغل" الألمانية، إن "برلين قلقة من تزايد أسعار الغاز والبنزين بعد الخطوة الأميركية، وتداعيات ذلك السلبية على معدلات التضخم."
ولا يتوقع الخبراء أن يأتي القرار الأوروبي بشأن واردات النفط الروسي متسرعا، ودون إيجاد بدائل آمنة وسريعة لتوفير احتياجات دول القارة، وتغطية الاستهلاك اليومي وهو أمر لن يحدث بسهولة وفي وقت قصير، بالرغم من كونه خيارا مطروحا منذ فترة طويلة لكن لا يمكن الاعتماد عليه في الوقت الحالي.
ويرى السياسي الألماني حسين خضر، أن كل البدائل مطروحة أمام الدول الأوروبية، لتصعيد العقوبات ضد روسيا، ردا على استمرار العمليات العسكرية في أوكرانيا، مشيرا إلى أهمية القرار الموحد من جانب دول الاتحاد لتحقيق الصدى المطلوب والضغط على الجانب الروسي.
وفي تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية" أوضح خضر أنه "في الأسابيع الأخيرة، كان الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يستعدان لمزيد من التصعيد والعقوبات بالتنسيق الوثيق، وما يجري الآن تنفيذ أول جزء من العقوبات. وهذا يشمل على سبيل المثال لا الحصر إيقاف تشغيل نورد ستريم 2".
وأضاف: "ستتم إضافة المزيد من العقوبات المنسقة عن كثب، والتي ستضرب المقربين من الرئيس فلاديمير بوتن بشدة بشكل خاص. نحن على استعداد لفرض مزيد من العقوبات التي من شأنها أن تضرب روسيا بشدة."
وهددت روسيا بقطع إمدادات الغاز الطبيعي عن أوروبا، الاثنين، ردا على توسيع حظر استيراد النفط المحتمل الذي قد تواجهه موسكو قريبا، بسبب عملياتها في أوكرانيا.
وقال نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك في خطاب متلفز: "فيما يتعلق بالاتهامات التي لا أساس لها ضد روسيا وفرض حظر على نورد ستريم 2، لدينا كل الحق في اتخاذ قرار مماثل وفرض حظر على ضخ الغاز عبر خط أنابيب الغاز نورد ستريم 1، والذي يتم تحميله اليوم عند حده الأقصى".
وخلال الأسابيع الماضية تحدثت تقارير أوروبية عن بدائل للغاز الروسي متمثلة في الفحم والطاقة النووية، لكن الخبراء حذروا من مخاطرها المحتملة على البيئة.
ووفق تقرير لصحيفة "لا تريبين" الفرنسية فإن الفحم وبناء محطات الطاقة النووية بدائل ستؤثر سلبا على المناخ، وتعمّق أزمة الاحتباس الحراري.
وتستورد أوروبا 40 في المئة من النفط والغاز من روسيا، وعلى رأس المستوردين ألمانيا التي أعلنت إلغاء خط أنابيب الغاز "نورد ستريم 2"، وهو قرار قد يؤثر على المدى البعيد في البيئة الأوروبية، حسب الصحيفة الفرنسية، حيث كانت ألمانيا تخطط للاستغناء عن محطات نووية ليحل مكانها الغاز.
ومؤخرا، قال نائب المستشار الألماني وزير الاقتصاد روبرت هابيك، في تصريحات بثها التلفزيون الألماني: إن المخاوف من انعدام أمن الطاقة أدّت إلى أن جهات أجنبية ومعنيين بالأمر محليا بدأوا يعيدون النظر في عملية التخلص التدريجي من مفاعلات الطاقة النووية.
وأوضح التقرير أنه إذا قطع الاتحاد الأوروبي علاقاته مع روسيا وتم وقف استيراد الغاز فإن عددا من الحكومات الأوروبية قد تضطر إلى إعادة تنشيط محطات الفحم التي توقفت عن العمل.