بعد ساعات من بث اعترافات له بـ"بالإكراه"، انتحر شقيق فتاة تعرضت للضرب حتى الموت في إيران، فيما خرج والد الفتاة مهسا أميني متحدثًا مرة أخرى، بشأن قضية موت ابنته على يد شرطة الأخلاق.
وقالت تقارير لمواقع إيرانية مقربة من الإصلاحيين، الخميس، إن محمد رضا بناهي شقيق الطالبة إسراء بناهي التي تعرضت للضرب حتى الموت على يد القوات الإيرانية، أقدم على الانتحار في وقت متأخر من مساء الأربعاء في محافظة أردبيل شمال إيران.
وإسراء بناهي، مراهقة من أردبيل، لقيت حتفها الأسبوع الماضي في هجوم لقوات الأمن على مدرستها، بعد أن شاركت في احتجاجات داخل باحة المدرسة، ومنعت الإدارة من بث نشيد "سلام فرماندة" الذي يشيد بالمرشد علي خامنئي.
إلا أن الحكومة الإيرانية نفت تلك الرواية، بل تساءلت عما إذا كانت الفتاة البالغة من العمر 15 عامًا طالبة.
ملابسات "الانتحار"
ونقل موقع "سحام نيوز" عن مقربين من عائلة بناهي قولهم، إن محمد رضا بناهي، شقيق إسراء بناهي، جرى نقله إلى مستشفى الخميني بمحافظة أردبيل بعد إقدامه على الانتحار.
ووفق العائلة فإن "انتحاره جاء بسبب عنف السلطات الأمنية التي اقتحمت المدرسة في المحافظة، وقامت بقتل شقيقته إسراء بناهي في 13 من أكتوبر الجاري".
وقال "سحام نيوز"، إن خبر "انتحار" محمد رضا بناهي نشر لأول مرة على موقع إنستجرام مساء الأربعاء، من قبل أحد صانعي الأفلام الموالين للحكومة ويدعى جواد موجويي.
وأضاف أن "انتحار محمد رضا بناهي، تزامن مع بث تصريحاته حول طريقة وفاة شقيقته على التلفزيون الحكومي الإيراني، الذي اتُهم مرارًا بتسجيل وبث اعترافات قسرية من المعارضين للنظام".
وفي اعترافاته التي "انتحر" بعدها بساعات، كرر محمد رضا بناهي رواية الحكومة والتي تفيد بأن شقيقته كانت تعاني من مرض في القلب بسبب التهديدات والضغوط الأمنية.
حداد عام
وفي سياق متصل، أعلن المجلس التنسيقي للمنظمات النقابية الإيرانية، الحداد العام من الخميس إلى السبت المقبل، قائلا في بيان حمل عنوان "يشربون دماء شباب الوطن": "أنتم أيها الحكام ومرتكبو القمع الممنهج قتلتم عددًا من الطلاب الأبرياء في هذا البلد في أيام صنع التاريخ هذه، بقلوب مليئة بالكراهية وأيادي ملطخة بالدماء".
وخلال الاحتجاجات التي تعم البلاد منذ أكثر من شهر، انضم إليها العديد من الطلاب في المدارس، وخاصة الفتيات، رافعة شعارات "المرأة، الحياة، الحرية" و "الموت للديكتاتور".
وفي العديد من المدن الإيرانية، كانت المدارس مسرحًا للاحتجاجات فيما أغلق بعض المعلمين الفصول الدراسية، مما دفع كاثرين راسل، المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، للإعراب عن قلقها الأسبوع الماضي بشأن "التقارير المستمرة عن القتلى والجرحى واحتجاز الأطفال والمراهقين في الاضطرابات العامة الحالية في إيران".
والد مهسا يتحدث
وفي سياق متصل، تحدث أمجد أميني، والد الفتاة مهسا أميني التي أشعلت الاحتجاجات في إيران بعد مصرعها على يد ما يعرف بـ"شرطة الأخلاق" في إيران، قائلا إنه طالب نائب الطبيب الشرعي بأن يكتب حقيقة وفاة ابنته، إلا أنه رد عليه قائلا: إنه يكتب ما هو "لمصلحة الوطن".
وفي مقابلة مع صحفي مستقل داخل إيران، أوضح أميني كيف عاملته سلطات الطب الشرعي، قائلا: "توسلت إلى نائب الفحص الطبي للسماح لي برؤية ابنتي، لكنه لم يسمح لي بذلك، أخبرته أنك أقسمت على قول الحقيقة، اكتب الحقيقة عن ابنتي أيضًا".
إلا أن نائب الطب الشرعي رد عليه، قائلا: "أنا أكتب ما أريد، كل ما هو جيد للبلد. لا علاقة لك به! "
تعليمات أمنية
وأضاف والد مهسا أميني أنه بمثل هذه المعاملة من قبل السلطات القانونية، يحق له رفض أقوال وتقارير الطب الشرعي المتعلقة بوفاة ابنته، مشيرًا إلى أن الشرطة الإيرانية طلبت من الجيران أن يقولوا إن "مهسا انتحرت أمام مستشفى كسرى بطهران".
وفي 7 أكتوبر الجاري، أعلنت هيئة الطب العدلي الإيرانية أن وفاة مهسا أميني "لم تكن بسبب ضرب الرأس والأعضاء والعناصر الحيوية في الجسم".
وفي إشارة إلى "تاريخ جراحة ورم الدماغ" التي أجرتها مهسا أميني في سن الثامنة، زعم البيان الحكومي، أن مهسا كانت تعاني من اضطراب في محور ما تحت المهاد والغدة النخامية.
إلا أن أمجد أميني أكد مرارًا أنه "رأى بعينيه آثار دم على جسد ابنته، في مؤخرة رقبتها وأذنيها، وأن أجزاء كثيرة من جسدها بما في ذلك ساقيها مصابة بكدمات".
تهديدات بالاعتقال
وفي الأسابيع الأخيرة، أبلغ شهود عيان وعدد من الأطباء المستقلين الذين شاهدوا الأشعة المقطعية لدماغ مهسا عن علامات "كدمات ودماء في الرئة من ضربة شديدة في الرأس".
وكانت نزيلا معروفيان، الصحفية المستقلة التي أجرت مقابلة مع والد مهسا أميني، قالت في تغريدة إنها تلقت "تهديدا بالاعتقال" من قبل الأجهزة الأمنية في حال نشر هذه المقابلة.
وفي إعلانها عن خبر نشر هذه المقابلة، كتبت معروفيان في تغريدة يوم الأربعاء، قائلة إنه من الضروري التذكير بأنها "لا تنوي الانتحار ولا تعاني من أي مرض كامن".
وفيما لم تعترف الحكومة الإيرانية بالاتهامات الموجهة إليها بقتل المتظاهرين، قالت منظمة العفو الدولية غير الحكومية في 13 أكتوبر الجاري، إن قوات الأمن والشرطة قتلت ما لا يقل عن 23 طفلاً - 20 فتى و 3 فتيات - بإطلاق النار أو باستخدام وسائل عنف أخرى أثناء الاحتجاجات التي عمّت البلاد في إيران، منذ مقتل مهسا أميني.