يترقب اللبنانيون والإسرائيليون، بالإضافة إلى المجتمع الدولي، بتفاؤل حذر، مدى نجاح الهدنة المؤقتة في لبنان التي ستبدأ خلال ساعات. وقد أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، عن هذه الهدنة خلال جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي يوم الأربعاء، وذلك بالتعاون مع الولايات المتحدة، بهدف إرساء وقف لإطلاق النار لمدة 21 يوماً في لبنان، بدلاً من أن تتطور الأوضاع إلى حرب شاملة.
تفاصيل الهدنة المؤقتة بين إسرائيل وحزب الله
وتتسارع الجهود الدولية، خاصة من قبل فرنسا والولايات المتحدة، لإقامة وقف مؤقت لإطلاق النار بين حزب الله في لبنان وإسرائيل، مع السعي لتثبيت هدنة تمتد لـ 21 يوماً بين الطرفين.
وتأتي هذه الجهود في أعقاب الغارات الإسرائيلية العنيفة التي استهدفت عدة مناطق لبنانية منذ بداية الأسبوع، حيث تجاوزت هذه الغارات نطاق الجنوب اللبناني لتصل إلى قضاء كسروان وجبيل في شمال البلاد.
واعتبر مسؤول أميركي رفيع أن النداء المشترك الذي أطلقته الولايات المتحدة وعدد من الدول الأخرى لوقف فوري مؤقت لإطلاق النار في لبنان يمثل 'اختراقاً مهماً'.
وأفادت قناة 12 العبرية بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وضع شروطاً للهدنة، مع تقديرات تشير إلى أن حزب الله لن يوافق عليها.
دوافع إسرائيل وحزب الله في التوصل إلى الهدنة
وأكد حزب الله المدعوم من إيران أن أي خفض للتصعيد مرتبط بوقف إطلاق النار في غزة، مشدداً على ارتباط مصير لبنان بالوضع في القطاع الفلسطيني.
وكشف مصدر في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن منح الضوء الأخضر.
أفاد مصدر اليوم الخميس بأن 'نتنياهو منح الضوء الأخضر لوقف إطلاق النار في لبنان بهدف إتاحة الفرصة للمفاوضات الجارية بمساعدة دولية'، مشيراً إلى أنه قد تعهد أمس بإجراء مفاوضات تحت وطأة النيران، وفقاً لما ذكرته القناة 12 الإسرائيلية.
وفي نفس السياق، كشف مسؤولان أميركيان عن إمكانية قبول مقترح الهدنة المؤقتة الذي قدمته فرنسا في وقت سابق.
وأوضح أحد المسؤولين أنه 'يتعين على الحكومة اللبنانية الحصول على موافقة حزب الله بشأن الهدنة'، وفقا لما نقلته صحيفة 'نيويورك تايمز'.
وأضاف أن إسرائيل قد توافق على مقترح وقف النار مع حزب الله خلال الساعات القليلة القادمة.
في المقابل، ظهرت بعض الأصوات الإسرائيلية التي تعارض أي نوع من المهادنة، حيث اعتبر وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريش أن 'حزب الله هو المستفيد الوحيد من وقف إطلاق النار'، مطالباً الحكومة بعدم السماح له بالتعافي.
كما أشار في تغريدة له على منصة إكس إلى أن 'الحملة في الشمال يجب أن تنتهي بسيناريو واحد، وهو القضاء على حزب الله ومنعه من إيذاء سكان الشمال'، وفقاً لتعبيره.
هل هناك إمكانية التوصل إلى وقف إطلاق نار قريباً؟
من جهة أخرى، أعرب رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي عن تفاؤله، حيث رد على سؤال حول إمكانية التوصل إلى وقف إطلاق نار قريباً بالقول: 'نعم، نأمل أن يكون ذلك ممكناً'.
وكان بارو قد أعلن خلال الجلسة الطارئة التي عُقدت بناءً على طلب بلاده أنه 'في الأيام الأخيرة، عملنا مع شركائنا الأميركيين على وقف مؤقت لإطلاق النار، لمدة 21 يوماً بين إسرائيل وحزب الله، بهدف إتاحة الفرصة لإجراء مفاوضات تؤدي إلى وقف كامل للنار'.
وأضاف أن 'هذا المقترح سيتم الإعلان عنه قريباً، ونحن نأمل في قبول الطرفين له'.
وأكد الوزير الفرنسي أن اندلاع حرب شاملة بين إسرائيل وحزب الله 'ليس أمراً حتمياً'، داعياً جميع الأطراف إلى الانخراط 'بجدية' في إيجاد حل سلمي للنزاع.
كما طالب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بعد اجتماعه مع ميقاتي على هامش الدورة السنوية التاسعة والسبعين للأمم المتحدة في نيويورك، كلاً من إسرائيل وحزب الله بالالتزام بقرارات الأمم المتحدة المتعلقة بلبنان. ودعا إسرائيل إلى وقف التصعيد في لبنان، وحزب الله إلى وقف إطلاق النار تجاه إسرائيل.
تأكيد أهمية الهدنة كخطوة إيجابية نحو السلام
وأصدر الرئيسان الأميركي جو بايدن والفرنسي إيمانويل ماكرون بيانًا مشتركًا في الساعات الأولى من صباح اليوم الخميس، حيث أكدا فيه: 'لقد عملنا معًا في الأيام الأخيرة على دعوة مشتركة لوقف مؤقت لإطلاق النار، بهدف منح الدبلوماسية فرصة للنجاح وتفادي مزيد من التصعيد عبر الحدود'.
وأشار بايدن وماكرون إلى أن 'البيان الذي تم التفاوض عليه يحظى الآن بدعم كل من الولايات المتحدة وأستراليا وكندا والاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر'.
وأكدت الدول الموقعة على البيان المشترك أن 'الوقت قد حان للتوصل إلى تسوية دبلوماسية تتيح للمدنيين على جانبي الحدود العودة إلى ديارهم بأمان'.
وأشارت إلى أن 'الدبلوماسية لن تحقق نجاحها في ظل تصاعد هذا النزاع، لذا ندعو إلى وقف فوري لإطلاق النار لمدة 21 يوماً على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، مما يتيح المجال للدبلوماسية للتوصل إلى تسوية'.
تأكيد أن السلام في الشرق الأوسط يعتبر أمرًا ضروريًا للاستقرار العالمي
ومن المتوقع أن يقوم وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو بزيارة لبنان في الأيام المقبلة، بعد أن عملت بلاده مع الأطراف المعنية لتحديد المعايير اللازمة لحل دبلوماسي للأزمة، وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 1701 الذي اعتمدته الأمم المتحدة بعد الحرب التي استمرت 33 يوماً بين إسرائيل وحزب الله في عام 2006.وقد تم بموجب هذا القرار توسيع تفويض قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، مما أتاح لها دعم الجيش اللبناني في الحفاظ على أجزاء من الجنوب خالية من الأسلحة أو المسلحين، باستثناء ما يتبع الدولة اللبنانية.
الضغوط الدولية على الطرفين لوقف العنف
خلال فترة الهدنة التي تمتد لـ21 يومًا، سيتم إجراء مفاوضات بين الطرفين بهدف الوصول إلى حل محتمل للصراع الذي اندلع بعد هجوم حزب الله في 8 أكتوبر، كما يسعى الطرفان إلى التوصل إلى اتفاق شامل على طول الخط الأزرق يتيح للسكان العودة إلى منازلهم في كل من لبنان وإسرائيل.
نتائج الصراع الطويل بين إسرائيل ولبنان
في سياق متصل، ارتفع عدد القتلى اللبنانيين إلى 72 شخصًا فقط في يوم أمس، بينما تم تسجيل 100 إصابة بين المدنيين، وفقًا لما أعلنته وزارة الصحة.
كما أفاد وزير الخارجية اللبناني، عبد الله بو حبيب، بأن عدد النازحين من الجنوب قد بلغ حوالي 500 ألف منذ الثامن من أكتوبر، أي بعد يوم واحد من اندلاع الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس.
هذا وقد تعرضت عدة مناطق لبنانية في البقاع والجنوب لعمليات قصف إسرائيلي عنيف، مما أسفر عن مقتل العشرات، ولا يزال هناك عدد من المصابين تحت الأنقاض.
منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة في السابع من أكتوبر الماضي، شارك حزب الله في مواجهات مع الجيش الإسرائيلي.
ومع ذلك، شهد الصراع تصعيدًا خطيرًا الأسبوع الماضي، عندما قامت إسرائيل بتفجير آلاف أجهزة البيجر والووكي توكي التي يستخدمها عناصر الحزب، مما أسفر عن سقوط عشرات القتلى وحوالي 3000 جريح.