تستمر إسرائيل في توجيه ضربات عسكرية داخل الأراضي السورية، مستهدفة القدرات العسكرية للنظام الجديد في دمشق . هذه الضربات، التي تزايدت وتيرتها منذ سقوط نظام بشار الأسد، تُشير إلى تحول استراتيجي في السياسة الإسرائيلية تجاه سوريا، حيث يبدو أن إسرائيل تسعى إلى استغلال الفراغ الأمني الذي خلفه الصراع لتقويض القدرات العسكرية السورية، ومنعها من تشكيل تهديد مستقبلي.
توقيت الضربات الإسرائيلية، بالتزامن مع احتفالات السوريين برحيل الأسد، يحمل دلالات رمزية واضحة، حيث يُشير إلى أن إسرائيل تعتبر هذه اللحظة فرصة سانحة لتوجيه ضربة قاصمة للقدرات العسكرية السورية، دون أن تواجه مقاومة قوية. كما أن استهداف مواقع عسكرية قريبة من المناطق المدنية، كما حدث في حي مساكن الضاحية بدرعا، يُثير مخاوف جدية بشأن سلامة المدنيين، واحتمال وقوع المزيد من الضحايا.
لم تقتصر التحركات الإسرائيلية في سوريا على العمليات العسكرية الجوية، بل اتخذت أيضًا منحى سياسيًا تصعيديًا منذ رحيل بشار الأسد. فقد تبنت إسرائيل خطابًا سياسيًا عدائيًا تجاه الإدارة السورية الجديدة، تجلى ذلك في تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في 9 مارس، الذي وصف فيه الرئيس السوري، أحمد الشرع، بأنه "إرهابي جهادي من مدرسة القاعدة يرتكب فظائع بحق السكان المدنيين العلويين".
تعكس هذه التصريحات الإسرائيلية تحولًا واضحًا في الموقف الإسرائيلي تجاه سوريا، حيث تتجاوز مجرد العمليات العسكرية إلى توجيه اتهامات سياسية خطيرة ضد القيادة السورية الجديدة. هذا الخطاب التصعيدي يُشير إلى أن إسرائيل تسعى إلى تشويه صورة الإدارة السورية الجديدة، وتقديمها كتهديد إقليمي، مما قد يُمهد الطريق لتبرير المزيد من التدخلات العسكرية الإسرائيلية في سوريا.
من الواضح أن إسرائيل تستخدم هذه التصريحات السياسية لتحقيق عدة أهداف، منها:
تقويض شرعية الإدارة السورية الجديدة، وعزلها دوليًا.
إثارة الانقسامات الطائفية في سوريا، وتأجيج الصراع الداخلي.
تبرير العمليات العسكرية الإسرائيلية في سوريا، وتقديمها كجزء من الحرب على الإرهاب.
ومع ذلك، فإن هذا الخطاب التصعيدي يحمل أيضًا مخاطر كبيرة، حيث قد يؤدي إلى تأجيج التوترات الإقليمية، وتوريط إسرائيل في صراع أوسع. كما أن الاتهامات التي توجهها إسرائيل إلى القيادة السورية الجديدة قد تُؤدي إلى زيادة حدة الانقسامات الطائفية في سوريا، وتأجيج الصراع الداخلي.
وفي ظل غياب أي حل سياسي للأزمة السورية، يبدو أن إسرائيل ستواصل استخدام الخطاب السياسي التصعيدي، إلى جانب العمليات العسكرية، مما يُنذر بمزيد من التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة.
وفي نفس الوقت تهدف إسرائيل إلى تحقيق عدد من الأهداف وتشمل :
تقويض القدرات العسكرية السورية، ومنعها من تشكيل تهديد مستقبلي لإسرائيل.
إرسال رسالة ردع قوية إلى النظام السوري وحلفائه، مفادها أن إسرائيل لن تتسامح مع أي محاولة لتهديد أمنها.
استغلال الفراغ الأمني في سوريا لتعزيز نفوذها في المنطقة.
ومع ذلك، فإن هذه الضربات تحمل أيضًا مخاطر كبيرة، حيث قد تؤدي إلى تصعيد التوترات الإقليمية، وتوريط إسرائيل في صراع أوسع. كما أن استهداف المدنيين قد يُؤدي إلى تأجيج المشاعر المعادية لإسرائيل في المنطقة، وزيادة حدة الصراع.
وفي ظل غياب أي حل سياسي للأزمة السورية، يبدو أن إسرائيل ستواصل توجيه ضرباتها العسكرية، مما يُنذر بمزيد من التصعيد والعنف في المنطقة.