كشف وزير الدفاع الأمريكي، بيت هيجسيث، اليوم الخميس، على هامش اجتماع وزراء دفاع حلف شمال الأطلسي (الناتو) في بروكسل، عن أن واشنطن بصدد مراجعة شاملة لهيكلة انتشار قواتها العسكرية حول العالم. هذا التعديل المقترح يعكس تحولاً في الأولويات الاستراتيجية للولايات المتحدة، حيث يركز على محورين رئيسيين: حماية الحدود الجنوبية للبلاد وتعزيز قدرات الردع في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
إعادة تقييم جذرية لانتشار امريكا العسكري العالمي
تصريحات هيجسيث، التي نقلتها وسائل الإعلام، تسلط الضوء على تزايد القلق الأمريكي بشأن أمن حدودها الجنوبية. فبينما كان التركيز التاريخي على التهديدات الخارجية في مناطق بعيدة، يبدو أن الإدارة الحالية تولي أهمية قصوى لـ 'إغلاق' الحدود، في إشارة واضحة إلى تدفقات الهجرة غير الشرعية التي أشار الوزير إلى أنها بلغت '20 مليون شخص بشكل غير قانوني' خلال الإدارة السابقة. هذا التركيز على الأمن الداخلي يعكس تحولاً في مفهوم التهديدات للأمن القومي الأمريكي، حيث باتت القضايا الحدودية تحتل صدارة الأجندة العسكرية.
في الوقت ذاته، لم تغفل تصريحات هيجسيث أهمية منطقة الهندو-باسيفيك، حيث أكد على ضرورة 'التركيز عليها وضمان الردع هناك'. هذه الإشارة تؤكد استمرار الأهمية الاستراتيجية لهذه المنطقة في ظل التنافس المتزايد مع القوى الصاعدة، وتحديداً الصين. إعادة التموضع العسكري قد تعني تعزيز الوجود الأمريكي في هذه المنطقة، أو تغيير نوعية القوات والقدرات المنتشرة فيها لتكون أكثر فعالية في مواجهة التحديات الإقليمية.
أحد أبرز النقاط التي أثارها الوزير كانت دعوته إلى 'توزيع عبء (النفقات الدفاعية) حول العالم'. هذه العبارة تحمل دلالات واضحة على رغبة واشنطن في أن يضطلع حلفاؤها وشركاؤها بمسؤولية أكبر في الأعباء الدفاعية والأمنية. تعليقه بأن 'أمريكا لا تستطيع (حماية) الجميع في نفس الوقت وليست ملزمة بذلك' يمثل إشارة صريحة إلى أن واشنطن قد تسعى لتقليص بعض التزاماتها الأمنية في مناطق معينة، أو على الأقل إعادة تقييم حجم وكيفية مساهمتها، ما قد يضع ضغوطاً على بعض الحلفاء لزيادة إنفاقهم الدفاعي أو تطوير قدراتهم الذاتية.
باختصار، تبدو الولايات المتحدة في مرحلة إعادة تقييم جذرية لانتشارها العسكري العالمي. هذه المراجعة تهدف إلى التوفيق بين التهديدات الداخلية والخارجية الجديدة، مع السعي لتقاسم الأعباء الدفاعية بشكل أكثر عدالة، مما قد يؤدي إلى تغيير في خريطة الوجود العسكري الأمريكي حول العالم، وربما يؤثر على ميزان القوى والتحالفات القائمة.