في تطور لافت للأحداث، أعلنت السلطات السورية اليوم عن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في محافظة السويداء الجنوبية، بعد اشتباكات عنيفة بين القوات الحكومية ومقاتلين دروز محليين أسفرت عن سقوط مئات القتلى والجرحى. يأتي هذا الاتفاق في ظل تصعيد عسكري إسرائيلي غير مسبوق، استهدف محيط القصر الرئاسي ومقر قيادة الأركان للجيش السوري في دمشق، بالإضافة إلى شن غارات على القوات الحكومية في محافظتي السويداء ودرعا.
تفاصيل اتفاق السويداء
أفادت وكالة الأنباء السورية (سانا) نقلاً عن مصدر بوزارة الداخلية، بالتوصل إلى اتفاق في السويداء يتضمن نشر حواجز أمنية ودمج المحافظة بشكل كامل ضمن الدولة السورية. ووقع الاتفاق من الطرف الدرزي شيخ عقل الطائفة، يوسف جربوع، الذي أكد أن الاتفاق ينص على:
وقف كامل وفوري للعمليات العسكرية وعودة قوات الجيش إلى ثكناتها.
تشكيل لجنة مراقبة من الدولة ووجهاء السويداء للإشراف على تنفيذ وقف إطلاق النار.
الاندماج الكامل للسويداء ضمن الدولة السورية والتأكيد على سيادتها الكاملة على جميع أراضي المحافظة.
نشر حواجز الأمن الداخلي والشرطة من الدولة، مع الاستعانة بعناصر شرطة من السويداء لتولي مهام قيادية وتنفيذية لإدارة الملف الأمني.
تنظيم السلاح الثقيل بما يضمن إنهاء مظاهر السلاح خارج إطار الدولة.
إعادة تفعيل جميع مؤسسات الدولة في جميع مناطق السويداء.
ورغم التوصل إلى هذا الاتفاق، رفض الشيخ الدرزي حكمت الهجري الاتفاق بشكل قاطع، مؤكداً أن القتال سيتواصل لحين "تحرير كامل السويداء"، ومحذراً أي جهة أو شخص يخرج عن الموقف الموحد.
التصعيد الإسرائيلي يطال قلب دمشق
تزامن التوصل إلى اتفاق السويداء مع ضربات جوية إسرائيلية مكثفة وغير معتادة. أعلن الجيش الإسرائيلي اليوم أنه استهدف "هدفاً عسكرياً" في محيط القصر الرئاسي السوري في دمشق، ومدخل مجمع رئاسة الأركان العامة. وأفاد مصدر طبي لوكالة رويترز بمقتل 5 من قوات الأمن في هذه الضربات التي استهدفت وزارة الدفاع السورية.
من جانبها، اعتبرت الخارجية السورية هذه الغارات "تصعيداً خطيراً"، وحملت إسرائيل "المسؤولية الكاملة عن هذا التصعيد الخطير وتداعياته"، مؤكدة احتفاظ سوريا بحقوقها المشروعة في الدفاع عن أرضها وشعبها. ووصفت الخارجية السورية الهجمات بأنها "خرق فاضح لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي الإنساني"، داعية المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤوليته لوضع حد "للعدوان الإسرائيلي المتكرر".
وأوضح المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، أن الهجمات استهدفت مقر القيادة العسكرية للنظام السوري الذي يدير منه القادة القتال ويرسلون القوات إلى السويداء، بالإضافة إلى "هدف جوي" في منطقة القصر الرئاسي.
تداعيات مزدوجة الأبعاد
هذا التزامن بين اتفاق وقف إطلاق النار الداخلي والتصعيد الخارجي يضع سوريا أمام تحديات معقدة. فبينما تسعى الحكومة السورية لتعزيز سيطرتها واستقرارها الداخلي في مناطق مثل السويداء، تواجه في الوقت نفسه تزايداً في الهجمات الإسرائيلية التي تستهدف مواقع حساسة وحيوية في قلب العاصمة. السؤال المطروح الآن هو ما إذا كان هذا الاتفاق في السويداء سيصمد أمام الرفض الداخلي من بعض الأطراف، وكيف ستؤثر الضربات الإسرائيلية المتواصلة على قدرة الحكومة السورية على استعادة الاستقرار الشامل في البلاد.