أثار تحليل أمني جديد تساؤلات حول استراتيجية الرئيس الأميركي دونالد ترامب الخاصة بالأمن القومي، بعد أن أغفلت أي ذكر للردع النووي الموسع ومنع الانتشار، وهو ما يعتبره خبراء أمنيون عنصرًا حاسمًا لضمان الاستقرار الدولي وحماية مصالح الولايات المتحدة وحلفائها.
ويرى هنري سوكولسكي، المدير التنفيذي لمركز تعليم سياسات منع الانتشار النووي، أن تجاهل هذين البعدين الاستراتيجيين يحمل مخاطر كبيرة، مشيرًا إلى أن أمن أميركا التقليدي اعتمد لعقود على الربط بين الردع النووي ومنع الانتشار. وأضاف سوكولسكي، الذي شغل سابقًا منصب نائب مدير سياسات منع الانتشار النووي في وزارة الدفاع الأميركية، في تقرير نشرته مجلة "ناشونال إنتريست"، أن اعتماد سياسة تشجيع الحلفاء على امتلاك الأسلحة النووية كبديل عن الردع الأميركي الموسع قد يؤدي إلى زعزعة استقرار الأمن الدولي ويقوض أحد أنجح أساليب واشنطن في حماية حلفائها.
وأكد سوكولسكي أن الردع النووي الموسع ساهم في منع اندلاع حروب شاملة، وحافظ على استقرار الحرب الباردة دون أن تتحول إلى صراع مباشر، كما ساعد في منع عدة دول حليفة من السعي لتطوير أسلحتها النووية، مما حافظ على ميزان القوى العالمي. وأضاف أن التاريخ يعكس أن نشر ذخائر نووية إضافية بين دول صغيرة لم يحقق السلام والاستقرار، بل استدعى في بعض الحالات إنفاق الولايات المتحدة على الدفاع أكثر، وليس أقل، للحفاظ على التوازن.
ويربط سوكولسكي هذه القضية بسياقات تاريخية، مشيرًا إلى الحروب العالمية الأولى والثانية، وتجارب القوى الأوروبية في الدبلوماسية العسكرية، فضلاً عن أحداث مثل العدوان الثلاثي على قناة السويس عام 1956 وبرنامج العراق النووي عام 2003، موضحًا كيف يمكن أن يؤدي سوء تقدير القدرة النووية للدول إلى استدراج أميركا إلى صراعات طويلة ومكلفة.
ويرجح بعض المحللين أن غياب الردع النووي الموسع في استراتيجية ترامب يعكس اعتقاد الإدارة بأن منظومة الدفاع الصاروخي، مثل "القبة الذهبية"، ستوفر حماية كافية، غير أن إنشاء هذه المنظومة سيستغرق وقتًا، وبالتالي يبقى الردع النووي التقليدي عنصرًا أساسيًا لضمان الأمن الأميركي وأمن الحلفاء على المدى القصير والمتوسط.
ويخلص سوكولسكي إلى أن سياسة النأي بالنفس عن الحروب وتخفيف الإنفاق الدفاعي تتطلب تحديثات مستمرة لأنظمة القيادة والسيطرة والاتصالات والاستخبارات لضمان المصداقية، وأن أي انحراف عن الردع الموسع يمكن أن يؤدي إلى مزيد من التعقيدات الجيوسياسية وتفشي أسلحة نووية غير خاضعة للرقابة.