أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، الخميس، إصابة أحد جنوده خلال عمليات عسكرية في شمال قطاع غزة، في حادثة أثارت مخاوف واسعة من استخدامها ذريعة لتصعيد جديد وارتكاب مجازر بحق المدنيين، في ظل سجل متكرر من الخروقات والانتهاكات خلال الأسابيع الماضية.
ونقلت قناة «كان» العبرية الرسمية عن جيش الاحتلال قوله إن الجندي أصيب بجروح طفيفة في وقت سابق من اليوم، جراء ما وصفه بـ«طلقات نارية طائشة» في منطقة جباليا شمال قطاع غزة. ولم يقدم جيش الاحتلال تفاصيل إضافية حول ملابسات الحادث أو الجهة المسؤولة عنه.
ويخشى فلسطينيون ومراقبون من أن توظف المؤسسة العسكرية الإسرائيلية هذه الحادثة لتبرير تنفيذ عمليات قصف واغتيال جديدة، وهو نهج اعتاد عليه جيش الاحتلال في مواقف مماثلة، حيث تُستخدم حوادث أمنية محدودة أو ادعاءات غير مثبتة لتوسيع دائرة العدوان واستهداف المدنيين والبنية التحتية في القطاع.
ويأتي هذا التطور بعد أيام قليلة من جريمة مشابهة، حين قصف جيش الاحتلال سيارة مدنية داخل قطاع غزة، ما أسفر عن استشهاد أربعة من قادة كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، يتقدمهم القيادي البارز رائد سعد. وبرر الاحتلال تلك الجريمة آنذاك بمزاعم تتعلق بتفجير عبوة ناسفة داخل مناطق يزعم سيطرته عليها شرق القطاع، وهي رواية شكك بها فلسطينيون وعدّوها ذريعة لتنفيذ عملية اغتيال مخططة سلفًا.
ويؤكد فلسطينيون في قطاع غزة أن هذا الأسلوب بات نمطًا متكررًا في سلوك جيش الاحتلال، حيث تُوظف ادعاءات أمنية لتبرير ضربات عسكرية تؤدي في كثير من الأحيان إلى سقوط ضحايا من المدنيين، في انتهاك واضح لقواعد القانون الدولي الإنساني.
وفي السياق ذاته، يواصل جيش الاحتلال ارتكاب خروقات متواصلة لاتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيّز التنفيذ في 11 من الشهر الماضي، ما أدى، بحسب مصادر فلسطينية، إلى استشهاد نحو 400 فلسطيني وإصابة أكثر من ألف آخرين، غالبيتهم من المدنيين، بينهم نساء وأطفال.
وكان المكتب الإعلامي الحكومي في غزة قد أكد، في بيان صدر قبل أيام، أن الاحتلال ارتكب «خروقات جسيمة ومنهجية» لاتفاق وقف إطلاق النار، واصفًا هذه الانتهاكات بأنها تمثل «انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني وتقويضًا متعمدًا لجوهر بنود البروتوكول الإنساني» الملحق بالاتفاق.
وحذرت جهات فلسطينية من أن استمرار هذه الخروقات، في ظل غياب محاسبة دولية فاعلة، ينذر بتدهور الأوضاع الإنسانية والأمنية في القطاع، ويقوض أي جهود تهدف إلى تثبيت التهدئة أو الانتقال إلى مراحل لاحقة من الاتفاق.
وتبقى المخاوف قائمة من أن تشهد الأيام المقبلة تصعيدًا جديدًا، في حال استغل الاحتلال حادثة إصابة الجندي لتوسيع عملياته العسكرية، في وقت يواجه فيه قطاع غزة أوضاعًا إنسانية كارثية نتيجة الحصار والقصف المتكرر، وسط دعوات متزايدة للمجتمع الدولي للتدخل ووقف الانتهاكات المتواصلة بحق المدنيين.