توجه رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأحد، إلى ولاية فلوريدا الأميركية في زيارة سياسية تحمل أبعادًا حساسة، يلتقي خلالها الرئيس الأميركي دونالد ترامب وعددًا من كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية، وسط تطورات إقليمية متسارعة وضغوط قانونية تلاحقه على الساحة الدولية.
وكشفت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية أن نتنياهو سلك مسارًا جويًا طويلًا وغير معتاد في رحلته إلى الولايات المتحدة، متجنبًا المرور في أجواء دول قد تضطره للهبوط فيها، ما قد يعرّضه لخطر التوقيف وتسليمه إلى محكمة الجنايات الدولية، على خلفية مذكرة الاعتقال الصادرة بحقه. ويعكس هذا الإجراء حجم القلق الإسرائيلي من التداعيات القانونية المتزايدة لملاحقة نتنياهو دوليًا.
من جهتها، أفادت هيئة البث العبرية الرسمية بأن نتنياهو وزوجته سارة، برفقة وفد سياسي وأمني، انطلقوا في ما وصفته بـ«زيارة سياسية لولاية فلوريدا»، في وقت نشر فيه مكتب رئيس الحكومة جدولًا جزئيًا للزيارة دون الكشف عن جميع تفاصيلها.
وبحسب الجدول المعلن، يبدأ نتنياهو لقاءاته، الاثنين، باجتماع مع وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، يعقبه لقاء مرتقب مع الرئيس دونالد ترامب في منتجع «مارالاغو» الشهير بفلوريدا. ولم يعلن مكتب نتنياهو عن برنامج اليوم الثاني من الزيارة، الثلاثاء، غير أن يديعوت أحرونوت رجّحت أن يشهد هذا اليوم لقاءً مع نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس.
وتشير المعطيات إلى أن نتنياهو سيلتقي، الأربعاء، شخصيات أميركية محسوبة على التيار الإنجيلي، قبل أن يشارك لاحقًا برفقة زوجته في فعالية دينية داخل كنيس «شول» بمدينة ميامي، بحضور عدد من أعضاء الكونغرس الأميركي وقيادات من الجالية اليهودية، وفق بيان صادر عن مكتبه.
وتتصدر الحرب على غزة جدول أعمال اللقاء بين نتنياهو وترامب، ولا سيما ملف الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار. وكانت إسرائيل وحركة «حماس» قد توصلتا، في العاشر من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، إلى اتفاق من مرحلتين لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، بوساطة مصر وقطر وتركيا، استنادًا إلى خطة من 20 نقطة طرحها ترامب لإنهاء الحرب.
ودخلت المرحلة الأولى من الاتفاق حيز التنفيذ في اليوم التالي، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي خرق بنوده مئات المرات، بحسب مصادر فلسطينية، ولم يلتزم خصوصًا بالشق الإنساني المتعلق بإدخال المساعدات، رغم التزام حركة حماس ببنود الاتفاق. وأسفرت هذه الخروقات، وفق وزارة الصحة في غزة، عن استشهاد أكثر من 400 فلسطيني.
ويربط الاحتلال الإسرائيلي بدء المفاوضات الخاصة بالمرحلة الثانية من الاتفاق بتسلّمه جثة الأسير الإسرائيلي الأخير في غزة، ران غفيلي، في حين تؤكد حركة حماس أن استخراج الجثة قد يستغرق وقتًا بسبب الدمار الواسع الذي خلّفته العمليات العسكرية في القطاع.
وتتضمن المرحلة الثانية من الاتفاق ملفات شديدة الحساسية، أبرزها تشكيل لجنة تكنوقراط مؤقتة لإدارة قطاع غزة، وملف إعادة الإعمار، وإنشاء ما يُعرف بـ«مجلس السلام»، إلى جانب نشر قوة دولية، وانسحاب إضافي للجيش الإسرائيلي من القطاع، فضلًا عن مطلب نزع سلاح حركة حماس، وهو بند يثير خلافات عميقة بين الأطراف المعنية.
وإلى جانب ملف غزة، من المنتظر أن يبحث نتنياهو مع ترامب قضايا إقليمية أخرى، تشمل التطورات في سوريا ولبنان، إضافة إلى الملف الإيراني. ويأتي ذلك في ظل تصاعد الحديث في وسائل الإعلام العبرية عن استعدادات إسرائيلية محتملة لشن هجوم جديد، بدعوى استمرار طهران في تطوير برنامجها للصواريخ الباليستية.
وتعكس زيارة نتنياهو، التي تأتي في ظل ملاحقة قانونية دولية وضغوط سياسية داخلية، محاولة لإعادة تثبيت موقعه على الساحة الدولية عبر البوابة الأميركية، مستندًا إلى علاقته الوثيقة بترامب، في وقت تتشابك فيه ملفات الحرب والسلام والقانون الدولي في مشهد إقليمي بالغ التعقيد.