وسط تصاعد الاضطرابات في السودان، يبرز المصباح أبو زيد كقائد لكتائب "البراء" المسلحة، في محاولة يعتقد خبراء أنها تهدف لتكرار تجربة أحمد الشرع وجبهة النصرة في سوريا.
هذه الظاهرة ليست مجرد تشكيل مسلح، بل نموذج متطور لكيفية استغلال الفوضى لتعزيز النفوذ العقائدي والميداني خارج الدولة النظامية. فيلق البراء، الذي يضم آلاف الشباب المتطوعين، يعمل ضمن تنسيق مع الجيش السوداني في مناطق النزاع الساخنة مثل الخرطوم ودارفور وبعض ولايات الوسط.
وقد تلقى عناصره تدريبات عسكرية سريعة على يد ضباط سابقين، ما منحهم قدرة قتالية شبه منظمة على الرغم من غياب البنية النظامية الكاملة. المصباح أبو زيد، قائد كتائب البراء، في العقد الرابع من عمره، وله تاريخ سابق في مبايعة تنظيم القاعدة، ما يعكس ارتباطه بالعقيدة الجهادية وتجربة التنظيمات المسلحة الدولية.
المصباح ابو زيد يقود اليوم عشرات الآلاف من المسلحين الذين يرتدون زي الجيش السوداني، ما يمنحه نفوذًا فعليًا على الأرض وقدرة كبيرة على التأثير في مناطق النزاع
. رغم هذه القوة الميدانية، لم يُدرج اسم المصباح أبو زيد على قوائم الإرهاب الدولية، وهو ما يبرز التناقض بين قوته المحلية الملموسة وغياب الاعتراف الدولي الرسمي به. ويعكس هذا الوضع تعقيدات المشهد السوداني، حيث يمكن لشخصيات غير نظامية أن تصبح لاعبًا مؤثرًا على الأرض دون أن تواجه قيودًا قانونية دولية مباشرة، مما يطرح تساؤلات حول قدرة الدولة والمجتمع الدولي على احتواء هذا النوع من القوى المسلحة في المستقبل..
ويخشى مراقبون من أن يسعى أبو زيد إلى إقامة نموذج مشابه للنصرة في سوريا: قوة عقائدية شبه مستقلة، تعمل ضمن الدولة، تبني قاعدة شعبية مسلحة وتستفيد من الفوضى لتعزيز نفوذها، وهو ما قد يهدد استقرار السودان مستقبلاً ويضع الدولة المدنية على المحك.
. يرى مؤيدو كتائب البراء فيها قوة مقاومة محلية أسهمت بشكل ملموس في دعم الجيش السوداني خلال اللحظات الحاسمة من النزاع. ويصف هؤلاء أن مساهمة الكتائب لم تقتصر على القتال فحسب، بل شملت تنظيم الصفوف وتوفير الدعم اللوجستي والمعلوماتي، ما مكّن الجيش من السيطرة على نقاط استراتيجية في مناطق النزاع الساخنة.
ويعتبر المؤيدون أن تدخل الكتائب كان حاسمًا في تعزيز القدرات الميدانية للقوات النظامية، حيث ساعدت خبراتهم في تحفيز الشباب وتعبئة المجتمعات المحلية لدعم الجهود العسكرية.
هذه الديناميكية أعطت كتائب البراء دورًا بارزًا على الأرض، ومنحتها شعبية قوية بين فئات المجتمع التي ترى فيها حاميًا ومساندًا للجيش في مواجهة التحديات الأمنية. لكن في المقابل، يحذر محللون وخبراء من مخاطر عسكرة المجتمع وعودة التشكيلات المسلحة ذات الطابع العقائدي، التي يمكن أن تقوض سلطة الدولة المدنية وتزعزع استقرار القوات النظامية. فهم يرون أن تزايد نفوذ كتائب البراء قد يؤدي إلى انقسامات سياسية وأمنية داخل السودان، خصوصًا إذا ما تحولت هذه الميليشيات إلى قوة شبه مستقلة لها أجندتها الخاصة بعيدًا عن إشراف الدولة
. ويشير المراقبون إلى أن فيلق البراء أصبح مؤشرًا على صعود التشكيلات المسلحة غير النظامية في البلاد، وأن استمرار هذا النموذج دون ضبط سريع قد يعيد سيناريو الصراعات الطويلة والمفتوحة كما حدث في سوريا. وبذلك، يبقى التحدي الأكبر أمام السلطات السودانية هو احتواء هذه القوى ودمجها ضمن هيكل الدولة النظامية قبل أن تتحول إلى تهديد حقيقي للأمن والاستقرار الداخلي.
في المقابل، يحذر خصوم كتائب البراء من مخاطر عسكرة المجتمع وإعادة ظهور التشكيلات المسلحة ذات الطابع العقائدي. ويرون أن هذا النهج قد يقود إلى انقسام أمني وسياسي داخلي، ويضع الدولة المدنية أمام تحديات كبيرة تتعلق بفرض سلطة القانون وتنظيم القوات النظامية.
ويشير النقاد إلى أن سيطرة مجموعات شبه مستقلة على مساحات من الأرض وامتلاكها لقوة عسكرية شبه منظمة يمكن أن يؤدي إلى تفكك مؤسسات الدولة وزعزعة استقرارها على المدى الطويل. اليوم، يُنظر إلى فيلق البراء ليس كمجرد ظاهرة عابرة، بل كمؤشر ملموس على صعود التشكيلات المسلحة غير النظامية في السودان.
ويخشى محللون من أن استمرار هذا النموذج دون احتواء سريع قد يعيد سيناريو سوريا إلى البلاد، حيث التحولات الميدانية والعقائدية أدت إلى صراعات طويلة الأمد وانقسامات عميقة في المجتمع والدولة.