بدأ عمدة مدينة نيويورك المنتخب، زهران ، رسم ملامح إدارته الجديدة بخطوات أثارت جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية والإعلامية، تزامنًا مع الاستعدادات لتنصيب يُوصف بأنه غير مسبوق في تاريخ المدينة، وسط انقسام واضح في ردود الفعل، خصوصًا داخل أوساط من الجالية اليهودية في الولايات المتحدة.
وأعلنت إدارة ممداني تعيين أستاذ القانون والحقوقي الأمريكي من أصل سوري، رمزي قاسم، في منصب المستشار القانوني الرئيسي لرئيس البلدية، في خطوة اعتُبرت ذات دلالات سياسية وقانونية تعكس توجهات الإدارة المقبلة في ملفات العدالة وحقوق الأقليات.
ويُعد رمزي قاسم من أبرز الأكاديميين القانونيين في مدينة نيويورك، حيث قاد لسنوات مبادرات قانونية ركزت على الدفاع عن حقوق المهاجرين والمسلمين، إضافة إلى متضررين من سياسات الأمن القومي التي فُرضت عقب هجمات الحادي عشر من سبتمبر، كما ارتبط اسمه بعدد من القضايا المثيرة للجدل في المشهد القانوني الأمريكي.
وأثار الإعلان عن تعيينه انتقادات من دوائر إعلامية وسياسية محافظة، ركزت على سجله في الدفاع عن متهمين في قضايا مرتبطة بتنظيم القاعدة، إضافة إلى توليه قضايا قانونية لطلاب وناشطين شاركوا في احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين داخل جامعات أمريكية.
في المقابل، دافعت أصوات أخرى عن القرار، معتبرة أن تعيين قاسم ينسجم مع رؤية ممداني لإعادة الاعتبار لمن تصفهم الإدارة الجديدة بأنهم تعرضوا للتهميش داخل النظام القضائي، وأن الخطوة تعكس التزامًا واضحًا بقضايا العدالة الجنائية وحقوق الأقليات في مدينة متعددة الأعراق والثقافات مثل نيويورك.
ويعود أصل رمزي قاسم إلى سوريا، حيث وُلد في بيروت، وتنقل خلال طفولته بين عدد من العواصم العربية، من بينها بغداد ودمشق وعمان، قبل انتقاله إلى سويسرا لإتمام تعليمه الثانوي، ثم إلى الولايات المتحدة حيث واصل دراساته القانونية وحصل لاحقًا على الجنسية الأمريكية.
وفي سياق متصل، تتواصل الاستعدادات لتنصيب زهران ممداني وسط احتفالات جماهيرية واسعة متوقعة في مانهاتن، بمشاركة عشرات الآلاف، حيث من المقرر أن يؤدي اليمين الدستورية على المصحف الشريف، في سابقة لافتة بتاريخ المدينة، وبحضور شخصيات سياسية بارزة من التيار التقدمي.
ويحظى تنصيب ممداني بمتابعة دقيقة خارج الولايات المتحدة، في ظل مواقفه السابقة المنتقدة للسياسات الإسرائيلية، وعلاقاته مع شخصيات ومنظمات معروفة بدعمها للقضية الفلسطينية، وهو ما أثار مخاوف واعتراضات داخل أوساط من الجالية اليهودية.
كما لفتت تقارير إلى غياب رئيس البلدية المنتهية ولايته عن مراسم التنصيب، في خطوة غير معتادة، بعد ولاية شهدت جدلًا واسعًا على خلفية قضايا سياسية وإدارية.
ويرى مؤيدو ممداني أن فوزه يمثل بداية “مرحلة جديدة” في إدارة نيويورك، تعكس تحولات سياسية واجتماعية عميقة داخل المدينة، بينما يعتبره منتقدوه مؤشرًا على تغير مقلق في مواقف نيويورك التقليدية، خاصة في ما يتعلق بعلاقتها بإسرائيل وبالجالية اليهودية، في واحدة من أكبر المدن احتضانًا لليهود في العالم.