اعلان

ذكرى رحيل الشعراوي.. أسرار جديدة في علاقة إمام الدعاة بمشاهير الفن والمجتمع

الشيخ محمد متوالي الشعراوي
الشيخ محمد متوالي الشعراوي

تحل اليوم ذكرى رحيل الشعراوي، ففي مثل هذا اليوم الـ17 من يونيو عام 1998، رحل عن عالمنا إمام الدعاة، الشيخ الجليل محمد متولي الشعراوي، بعد حياة حافلة في خدمة الإسلام، فسر فيها آيات القرآن الكريم، بأسلوب عصري لم يسبقه إلى إنسان.

وفي ذكرى رحيل الشعراوي، الملقب بشيخ المفسرين، يبدو من المهم الكشف عن المزيد من الأسرار في علاقاته بالمشاهير من نجوم الفن والمجتمع، لما تحمله مواقفه معهم من دروس وعبر تؤكد تفرد هذا الرجل، واتساع علمه، وحب جماهير العالم الإسلامي له، على اختلاف طبقاتها.

نشأة إمام الدعاة

وُلد الشيخ الشعراوي، في قرية دقادوس مركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية، وحفظ القرآن الكريم في سن الـ 11، ثم التحق بمعهد الزقازيق الإبتدائي الأزهري عام 1922م ، وأظهر تفوقه منذ الصغر في حفظه للشعر والمأثور من القول والحكم، ثم حصل على الشهادة الإبتدائية الأزهرية سنة 1923م.

دخل الشيخ الشعراوي، المعهد الثانوي الأزهري وزاد اهتمامه بالشعر والأدب، وحظي بمكانة خاصة بين زملائه، فاختاروه رئيسًا لـ إتحاد الطلبة، ورئيسًا لجمعية الأدباء بالزقازيق، وكان معه في ذلك الوقت الدكتور محمد عبد المنعم خفاجى، والشاعر طاهر أبوفاشا، والأستاذ خالد محمد خالد، والدكتور أحمد هيكل، والدكتور حسن جاد، وكانوا يعرضون عليه ما يكتبون، كانت نقطة تحول في حياة الشيخ الشعراوي، عندما أراد والده إلحاقه بالأزهر الشريف بالقاهرة، وكان الشيخ الشعراوي يود أن يبقى مع إخوته لـ زراعة الأرض، ولكن إصرار الوالد دفعه لـ إصطحابه إلى القاهرة، ودفع المصروفات وتجهيز المكان للسكن.

والتحق الشعراوي بكلية اللغة العربية سنة 1937م، وانشغل بالحركة الوطنية والحركة الأزهرية، وتخرج عام 1940 م، وحصل على العالمية مع إجازة التدريس عام 1943م، فبعد تخرجه عين الشعراوي في المعهد الديني بطنطا، ثم انتقل بعد ذلك إلى المعهد الديني بالزقازيق ثم المعهد الديني بالإسكندرية، وبعد فترة خبرة طويلة انتقل الشيخ الشعراوي إلى العمل في السعودية عام 1950 ليعمل أستاذًا للشريعة في جامعة أم القرى.

وفي نوفمبر 1976م اختار ممدوح سالم، رئيس الوزراء آنذاك أعضاء وزارته، وأسند إلى الشيخ الشعراوي وزارة الأوقاف وشئون الأزهر، فظل الشعراوي في الوزارة حتى أكتوبر عام 1978م.

واعتبر الشعراوي أول من أصدر قرارًا وزاريًا بإنشاء أول بنك إسلامي في مصر وهو بنك فيصل، وأن هذا من اختصاصات وزير الاقتصاد أو المالية (د. حامد السايح في هذه الفترة)، الذي فوضه، ووافقه مجلس الشعب على ذلك.

قصة زواج الشعراوي

وتزوج الشعراوي وهو في الثانوية بناءً على رغبة والده الذي اختار له زوجته، ووافق الشيخ على اختياره، وكان الزواج بسبب 'أم فتحية'، بعدما أعطاه والده مهلة لمدة أسبوع وقاله له:'اختار لك عروسة يا ولد'.

'أم فتحية' كانت مالكة الغرفة التي كان يسكن بها الشعراوي، هو وصديقه أثناء دراسته، ويومًا ما طلبت 'أم فتحية' من الإمام وصديقه أن يساعد 'صفاء' في 'واجب الحساب'، وأقبلت الفتاة وجلست معهما في الغرفة ليساعدها، وفي هذه اللحظة دخل عليهم والد الشيخ 'الشعراوي' وسأله:' مين البنت دي'، رد: صفاء، فسأل والده:'وصفاء دى تبقى مين؟'، فرد: 'بنت أم فتحية'، وأخبر الشعراوي والده بأن 'أم فتحية' هي صاحبة البيت.

ورحل والد الشعراوي دون أن يبدي أية رد فعل، لكن عاد بفترة ووجد صفاء في غرفة الشيخ محمد متولي الشعراوي وصديقه، فلم يعجبه الأمر، وبعد سفر الشعراوي لـ بلدته في دقادوس اجتمع والده مع والدته وخالته وخاله 'عبده' وأخبرهم بضرورة زواج 'الشعراوي' قائلًا: 'أنا بقول لكم، الولد ده لازم يتجوز.. عايزة يتجوز، وبسرعة'.

استسلم 'الشعراوي' للأمر، وقال: 'ما دام أنا حتجوز غصب عني، يبقى جوزوني أنتم، اللي على كيفكم'، اختار والد الشعراوي ابنة شقيقه، ورضى الشيخ الراحل عن الاختيار، عبر قائلًا: 'كان اختياره طيبًا، ولم تتعبني في حياتي، وهكذا تزوجت'.

رفضت والدة الشعراوي الفكرة، ورفض الشيخ الراحل، لكن والده أصر على زواجه، وخلال أسبوع 'قدامك أسبوع، تشوف بنات البلد، وتختار واحدة، وتقولي مين؟'.

يحكي الشيخ الراحل في كتاب 'الشعراوي الذي لانعرفه'، أن محاولات الأم والخال والخالة في إقناع والده بتأجيل الزواج كانت فاشلة، واختار له والده العروسة، ودفع له المهر وكانت قيمته 30 جنيهًا، لينجب ثلاثة أولاد وبنتين، الأولاد: سامي وعبد الرحيم وأحمد، والبنتان فاطمة وصالحة، وكان الشيخ يرى أن أول عوامل نجاح الزواج هو الاختيار والقبول من الطرفين والمحبة بينهما.

كان الشيخ الراحل يرى أن المبلغ كان كبيرًا بمقاييس الفترة التي تزوج فيها، ويبرر المغالاة بأن العروسة كانت وحيدة والديها، وكانوا يسمونها 'الحكومة' قال ضاحكًا: 'تزوجت الحكومة بثلاثين جنيهًا'.

تجمع حول الشيخ الشعراوي المصريون لينتظروا مشاهدة حديثه كل جمعة، وقبل أذان المغرب خلال شهر رمضان ليكون علامة من علامات الشهر الكريم، فيستمعون إلى أحاديثه وتفسيره المُبسط لآيات القرآن، الذي كان يُعبر عن موهبته الشديدة في التفسير.

حذر الإرهابيين من استهداف مصر، مؤكدًا أنها ستظل في رباط إلى يوم الدين، وكان الشيخ الشعراوي رمزًا من رموز الدعوة فترك مكتبة للأحاديث نفع بها جميع المسلمين في شتى بقاع الأرض، والتي فسر فيها القرآن بطريقة مُبسطة يستطيع فهمها العلماء والبسطاء، فبقي أثره لخدمة الإسلام وهداية المسلمين.

رثاء الشعراوي للرئيس الراحل جمال عبد الناصر

رثى الشيخ الشعراوي الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وقال فيه: 'قد مات جمال وليس بعجيب أن يموت، فالناس كلهم يموتون، لكن العجيب وهو ميت أن يعيش معنا، وقليل من الأحياء يعيشون وخير الموت ألا يغيب المفقود وشر الحياة الموت في مقبرة الوجود، وليس بالأربعين ينتهى الحداد على الثائر المثير'.

مواقف الشعراوي مع المشاهير

بعد وفاة الفنان عبد الحليم حافظ بالخارج، كان من المقرر وصوله إلى المطار فجرًا على أن يتم نقله إلى مستشفى المعادي، ويُنقل في الصباح إلى مسجد عُمر مكرم، ولكن الشيخ الشعراوي طلب من وزير الأوقاف أن يتم فتح مسجد عُمر مكرم طوال الليل، ليوضع فيه الجثمان، ليُحمل إلى مثواه الأخير في الـ11 صباحًا.

من المواقف الطريفة التي وقعت في حياة الشيخ الشعراوي، حينما التقى أمير الشعراء أحمد شوقي، فقال الشيخ رحمه الله: 'كنت في سن الشباب، وجئنا إلى القاهرة بصحبة صديق لي لديه علم دائم بمكان تواجد أمير الشعراء أحمد شوقي الذي كنت معجبًا به وبشعره أيما إعجاب، فاصطحبني ومعي أصدقاء إليه في عش البلبل عند الهرم، وقال لأمير الشعراء: هؤلاء شبان من أشد المعجبين بك ويحفظون شعرك كله، ويأملون فقط في رؤيتك، فسألني شوقي: ما الذي تحفظه عنى؟ فذكرت له ما أحفظ له من شعر، فسألني: وما الذي أجبرك على حفظ كل هذه القصائد؟، فقلت له: لأن والدي كان يمنحني ريالًا عن كل قصيدة أحفظها لك'.

وفي يوم 17 يونيو عام 1998 توفى 'الشعراوي'، وبحسب ما روى أحد أبنائه، أنه كان على فراشه يحتضر، وابنه يلقنه الشهادة فيقول له: 'يا شيخ محمد قل أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله، فيقول الشيخ الشعراوي: أشهد أن لا إله إلا الله، ويصمت، فيقول له ابنه: قل الشهادة كاملة يا شيخ، فيكررها ويطلب منه ابنه نفس الأمر، فيقول الشيخ الشعراوي: أشهد أن لا إله إلا الله، ثم يلتفت بوجهه ويشير إلى الحائط بإصبعه وقال: وأشهد أنك رسول الله'.

WhatsApp
Telegram
عاجل
عاجل
بث مباشر مباراة ليفركوزن و روما (1-0) في الدوري الأوروبي (لحظة بلحظة) | خطيرة من ضائعة من روما