في ذكرى وفاته .. خالد صالح "الشيطان" الذي خدع الملايين فأحبوه

خالد صالح
خالد صالح
كتب : أهل مصر

في ذكرى وفاة الفنان الكبير خالد صالح الثامنة، لا يمكننا أن نمر مرور الكرام على واحدا من أهم الأدوار التي برع فيها هذا الفنان ، وهو دور الريس عمر حرب، والذي حمل الفيلم نفس اسمه .

إذ لم يكن الدور الذي أداه صالح في هذا الفيلم، عاديا أو حتى اعتياديا ، جسد فيه بعض الشخصيات الإنسانية المتداولة في الحياة ، لكنه نال هذا الاستثناء بعدما اتضح أنه كان يلعب دور شيطان في صورة إنسان .

ولمن لا يعرف الفيلم فالفيلم تدور أحداثه داخل صالة قمار ووصف طريقة حياة الأشخاص الذين يعملون في هذا المكان ويناقش الفيلم العديد من القضايا الاجتماعية والسياسية.

ومن أبرز ما كتب عن هذا الدور والفيلم بشكل عام ، والذي كانت شخصية عمر حرب تمثل عموده الفقري، حيث اعتبر أنه إذا ما كانت الخطوط المتوازية لا تلتقي أبداً، جاء خالد صالح في فيلمه هذا وجعلها تتقاطع وتتلاقي، فالرئيس هو الشيطان، فإذا كانت علاقة الإنسان الفاسد بالشيطان هي علاقة خضوع تام، فإن علاقة الإنسان برئيسه هي علاقة احترام يحكمها القانون، لأن الإنسان، وفقاً لنظرية العقد الاجتماعي، تنازل بمحض إرادته عن جزء من حريته للسلطة مقابل توفير الرعاية والحماية.

ولكن فيلم «الريس عمر حرب» صاغ نظرية العقد السلطوي وجعل من الريس شيطاناً، فكل شيء في الكازينو (الدنيا) مدبر، والريس هو الذي يضع القوانين وينفذها ويحرك الجميع، وفقاً لمشيئته، حتي إذا ظن أحدهم (هاني سلامة) أنه يمكن أن يلعب منفرداً، اكتشف أنه مراقب ويسرع خاضعاً للاعتراف لرئيسه، وفي هذا الكازينو وهذا المناخ كان من الطبيعي أن تكون كل الشخصيات فاسدة.

وفقاً لقانون الريس عمر حرب، فهو الذي صنع المصفاة ليغربل بها من حوله ومن يمر منها يصبح مكسور الجناح والكرامة لينتهي به المطاف عبداً للرئيس أو ابناً للشيطان، ومن يرتض بقواعد اللعبة ويدخلها بإرادته فمكتوب عليه أن يمارسها للنهاية وهو منزوع الكرامة، ومن حق زبون الكازينو أن يفعل به ما يشاء وليس من حقه الاعتراض أو حتي الدفاع عن نفسه، وجاءت جرعة الجنس في مباراة شرسة بين (جوز الخيل) غادة عبدالرازق وسمية الخشاب علي الديلر هاني سلامة وهي علاقة شيطانية أكثر منها علاقة جنسية.

والفيلم كان ممتلئ بالإيحاءات والرموز بدءاً من اسمه ليجعل المشاهد يفكر في اتجاه الرئاسة والتوريث حينها ، ثم اختيار لعبة الروليت «روسية الأصل»، وكان من الطبيعي اختيار رمز يفهمه المشاهد مثلما كان يفعل يوسف إدريس ونجيب محفوظ في روائعهما، ولا توجد أي محاولة للعودة أو التوبة فالأبواب موصدة، ومن أكل من الشجرة لا يمكنه أن يعود إلي جنة البيت والعائلة مثلما غوي الشيطان آدم، وهو تحد للناموس الطبيعي ورحمة الله التي وسعت كل شيء، وهكذا أغلق الفيلم أي بارقة أمل للتوبة وليس أمام من يدخل جهنم الكازينو سوي التعفن للأبد بداخله.

والأمر المؤكد أن خالد يوسف لايزال يعيش في جلباب يوسف شاهين بالاستغراق في الرمزية والسوداوية، فجعل من الكنيسة مكاناً لعقد الصفقات المشبوهة، والأم تبيع ابنتها، ولكن الشرف موجود طالما لم تفقد عذريتها، والزوجة تضحي من أجل رعاية زوجها بالخيانة.. وفي نهاية الأمر يخرج المشاهد من قاعة العرض ليكتشف أنه دخل بتذكرة وكر الشيطان عمر حرب!

وتدور أحداث الفيلم داخل «كازينو» لنكشف أن هذا العالم ما هو الا صورة مصغرة من الحياة التي نعيشها في عالمنا.. صراع الخير والشر..شهوة الربح..شهوة الجنس.. البقاء للأقوى.. الخ كل هذه المعادلات التي تحكم حياة الكازينو هي نفسها التي تحكم الحياة التي نعيشها خارج الكازينو.

الفيلم يطرح أسئلة منها : من يدير الكازينو أو كل من الذي يدير هذا الكون ومن المنتصر في عالمنا؟ هل هواجس الخير الموجودة بداخل كل منا هي التي تنتصر ام أن نوازع الشر هي التي تحكم وتنتصر؟ هل القناعة والرضا هي الأقوى ام أن شهوة الربح هي التي تحكم افعالك وتقودك إلى المقامرة بكل شيء في حياتك أسئلة كثيرة يطرحها الفيلم من خلال تتبع حياة شاب «خالد» الذي يدخل عالم القمار ليعمل «ديللر» في أحد نوادي القمار في مصر.

قصة الفيلم

كازينو للقمار للأجانب يديره «عمر حرب» وهو ذو حضور طاغ، يلتحق بالعمل لديه شاب هادئ يريد نقود لاتمام زواجه، فتهجره خطيبته واسرته لعمله بالكازينو. يتفوق في عمله فيعجب به المدير ويصطفيه برغم قيامه بالغش لكى يوفر نقود لفاتنة تتردد على المكان ويحبها وفي نفس الوقت يقيم علاقة مع غانية تعمل بالكازينو. تعذبه اخطاوءه فيقرر الاعتراف للمدير الذي يصرح له ان كل مايحدث انما هو بعلمه وانه المتحكم في كل من حوله.

وعلى الرغم من الانتقادات العديدة التي تلقاها هذا العمل بسبب المشاهد الجنسية الصريحة التي احتواها الفيلم، والتي أثارت حفيظة الكثير من الجمهورـ لكن الدور الذي قام به خالد صالح في هذا الفيلم مثل محطة مهمة للغاية في مشواره الفني ، بسبب الأداء المبهر .

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً