تحل اليوم ذكرى رحيل الفنان محمود المليجي أو كما لقب بـ 'أنتوني كوين الشرق' حيث إنه توفى في ذلك اليوم 6 يونيو من عام 1983 أي من 40 عام إثر أزمة قلبية حادة، برع المليجي في أدوار الشر وكان بارعا أيضا في أدوار الطبيب النفسي، كرس حياته من أجل الفن فهو لم ينجب، وقدم قرابة ال 500 عملا فنيا، منها 21 فيلما تم اختياره في قائمة أفضل 100 فيلم بذاكرة السينما المصرية حسب استفتاء النقاد عام 1996، وفي ذلك التقرير نتحدث عن أهم محطات في حياة شرير الشاشة 'محمود المليجي'.
بدايته الفنية وأول مرتب يتقاضاه
ولد محمود المليجي في 22 ديسمبر من عام 1910 ، بحي المغربلين في القاهرة. ترجع أصوله لقرية مليج بمحافظة المنوفية، تميز بأدوار الشر التي أجادها بشكل بارع، تميز في أدوار رئيس العصابة الخفي، كما قدّم أدوار الطبيب النفسي، ومثّل أدوارًا أمام عظماء السينما المصرية رجالا ونساء ، وانضم المليجي في بداية عقد الثلاثينيات من القرن الماضي إلى فرقة الفنانة فاطمة رشدي، وبدأ حياته مع التمثيل من خلالها، حيث كان يؤدي الأدوار الصغيرة، مثل أدوار الخادم على سبيل المثال، وكان يتقاضى منها مرتباً قدره 4 جنيهات.
ولاقتناع الفنانة فاطمة رشدي بموهبته المميزة رشحته لبطولة فيلم سينمائي اسمه (الزواج على الطريقة الحديثة) بعد أن انتقل من الأدوار الصغيرة في مسرحيات الفرقة إلى أدوار الفتى الأول، إلا أن فشل الفيلم جعله يترك الفرقة وينضم إلى فرقة رمسيس الشهيرة، حيث عمل فيها ابتداءً في وظيفة ملقّن براتب قدره 9 جنيهات مصرية.
قدم سبعمائة وخمسين عملا فنيا
قدَّم أكثر من سبعمائة وخمسين عملاً فنياً، ما بين سينما ومسرح وتليفزيون وإذاعة. وكما يموت المحارب في ميدان المعركة، مات محمود المليجي في مكان التصوير وهو يستعد لتصوير آخر لقطات دوره في الفيـلم التليفزيوني «أيـــوب».. فجـأة، وأثناء تناوله القهوة مع صديقه «عمر الشريف»، سقط المليجي وسط دهشة الجميع. أطلق عليه الفنانون العرب لقب «أنتوني كوين الشرق»، وذلك بعد أن شاهدوه يؤدي نفس الدور الذي أداه أنتوني كوين في النسخة الأجنبية من فيلم القادسية بنفس الإتقان بل وأفضل.. وأيضا أداؤه في فيلم الأرض في المشهد الذي قام به المليجي أو «محمد أبو سويلم» وهو مكبـَّل بالحـبال والخـيل تجـرُّه على الأرض محـاولاً هـو التـشـبث بجذورها. ولم تكن روعة المليجي في فيلم الأرض تكمن في الأداء فقـط، بل في أنه كـان يؤدي دوراً معبراً عن حقيقته، خصـوصاً عندما رفض تنفـيذ هذا المـشـهد باسـتخدام بديل «دوبلير»، وأصَّـر على تنفـيذه بنفسه. قدّم المليجي دروساً في الحياة من خلال فنه العظيم. كانت معظم أدواره، حتى أدوار الشر، تهدف إلى مزيد من الحب والخير والإخـلاص للناس والـوطن.
محمود المليجي يتحدث عن التمثيل في المدرسة
يتحدث المليجي عن أيام التمثيل بالمدرسة، فيقول: في السنة الرابعة جاء عزيز عيد ليدربنا، جذبتني شخصيته الفذة وروعة إخراجه وتطور أفكاره، وكنت أقف بجانبه كالطفل الذي يحب دائما أن يقلد أباه... وقد أعجب بي عزيز عيد وأنا أمثل، ومع ذلك لم يعطن دورا أمثله، وكان يقول لي دائما... (أنت مش ممثل... روح دور على شغلة ثانية غير التمثيل)... وفي كل مرة يقول لي فيها هذه العبارة كنت أحس وكأن خنجرا غرس في صدري، وكثيرا ما كنت أتوارى بجوار شجرة عجوز بفناء المدرسة وأترك لعيني عنان الدموع، إلى أن جاء لي ذات يوم صديق قال لي: إن عزيز عيد يحترمك ويتنبأ لك بمستقبل مرموق في التمثيل، فصرخت فيه من قال لك ذلك؟ أجاب إنه عزيز عيد نفسه... وعرفت فيما بعد أن هذا الفنان الكبير كان يقول لي هذه الكلمات من فمه فقط وليس من قلبه، وإنه تعمد أن يقولها حتى لا يصيبني الغرور، وكان درسا لا ينسى من العملاق عزيز عيد.
يوسف شاهين عن المليجي "أدى الأدوار بتلقائية"
وقد تحدث يوسف شاهين عن المليجي، فقال: (كان محمود المليجي ممن يؤدون الأدوار بتلقائية ، كمـا أنني شـخصـياً أخـاف من نظـرات عينيه أمام الكاميرا...).
محمود المليجي في المسرح
وقد ترك المليجي بصماته في المسرح أيضا منذ أن عمل مع «فاطمة رشدي»، حيث التحق فيما بعد بفرقة «إسماعيل ياسين»، وبعدها عمل مع فرقة «تحية كاريوكا»، ثم فرقة المسرح الجديد... وبذلك قدم أكثر من عشرين مسرحية، أهمها أدواره في مسرحيات: يوليوس قيصر، حدث ذات يوم، الولادة، ودور « أبو الذهب» في مسرحية أحمد شوقي «علي بك الكبير».