'نجحت بامتياز'، هكذا وصف خبراء قانونيون، التجربة التي أطلقتها وزارة العدل قبل أيام قليلة، بتجديد حبس المتهمين احتياطيا عن بعد، داخل عدد من المحاكم والسجون بالتنسيق مع وزارتى الداخلية والاتصالات، مشيرين إلى توفير كثير من الجهد والنفقات في تلك التجربة الحاسمة في تاريخ القضاء المصري.
التجربة الجديدة شهدتها محكمة القاهرة الجديدة وسجون طرة العمومي و15 مايو والنهضة، وأعلنت عنها وزارة العدل، الأحد الماضي، من خلال تدشين المرحلة الأولى من مشروع تجديد الحبس الاحتياطي في جلسات عن بُعد باستخدام وسائل تقنية حديثة.
قال علاء علم الدين، المحامي بالنقض، والمتخصص في قضايا الإرهاب، يرى إن المرحلة الأولى من التجربة التي أطلقتها وزارة العدل قد نجحت بامتياز، وهو أمر محمود، نتائجة جيدة للغاية، وحقق نجاحات بنسبة كبيرة بما يعكس الأمل والهدف المنشود من تلك التجربة.
أضاف 'علم الدين' في تصريحات لـ 'أهل مصر'، أن جلسات المحاكم الموضوعية أكثر طلبا وضرورة لتطبيق هذا النظام عليها، لأننا أصبحنا نرى 'رول' الجلسة الواحدة يتخطى الـ 200 قضية في جلسات الجنح، ويصل في قضايا الأسرة إلى 400 قضية، وهو أمر أدعى بجدية للتفكير في تجربته وتدشينه بشتى الجلسات الموضوعية.
'تعميم التجربة الجديدة في القضايا الموضوعية يحتاج لتدخل تشريعي'، استطرد الخبير القانوني معلقا مؤكدا في الوقت نفسه أنه وقبل تدشين هذه التجربة في قضايا الجلسات الموضوعية، ينبغي على المُشرع إدخال عددا من التشريعات في نصوص القانون، لأن قانون الإجراءات الجنائية اشترط للمحكمة اتصالها مباشرة بالمتهم وألا يحول بينها وبينه شيئا تماما.
ووفقا للمحامي بالنقض، علاء علم الدين، فإننا رأينا في قضايا الإرهاب، اعتراضات من جانب محامي المتهمين قبل نحو 4 أعوام تقريبا، بسبب إنشاء القفص الزجاجي في المحكمة، بشكل يفصل اتصال المحكمة بالمحامي، إلا أن الأمر كان متروكا وقتها لقيادات وزارة العدل، التي رأت استمرار تجربة القفص الزجاجي، بعد تشويش عدد من المتهمين على هيئة المحكمة خلال جلسات محاكمتهم.
واختم الخبير القانوني حديثه مؤكدا أن عقد جلسات المحاكمة دون حضور المتهم بشخصه لقاعة المحكمة، يكتفي باتصاله بها من خلال دائرة تليفزيونية من مكانه في السجن.
واتفق معه أشرف زكي، نقيب محامين القاهرة الجديدة، والخبير القانوني مؤكدا أن التجربة التي اطلقت في محكمة القاهرة الجديدة لنظر تجديد حبس المتهمين احتياطيا عن بعد، شهدت نجاحا منقطع النظير، فأصبحت الجهود التي تبذلها أجهزة وزارة الداخلية قليلة إلى حد ما في هذا الشأن، وبات الأمر ميسر نوعا ما على هيئة المحكمة وكذا فريق الدفاع عن المتهمين، فالتقنية التي تعاونت فيها وزارة الاتصالات مع وزارة الداخلية والعدل، وفرت الكثير وأصبح القاضي يرى المتهم أمامه عبر شاشة عرض داخل غرفة المداولة أو قاعة المحكمة، على أن يقف المحامي لوحده يبدي طلباته ودفوعه أمام المحكمة ويتم إصدار القرار في ختام الجلسة.
وطالب 'زكي' في تصريحات خاصة لـ 'أهل مصر' بعدم إغفال حقوق المتهم حال تطبيق هذا النظام في الجلسات الموضوعية، من خلال حقه في الدفاع عن نفسه والحديث إلى هيئة المحكمة لإظهار براءته مثلا أو توضيح حقيقة اشتراكه في القضية من عدمه، مشيرا إلى ضرورة النظر في قانون الإجراءات الجنائية بحيث تتيح نصوص جديدة أو 'معدلة' هذه التجربة، دون أن يشوبها عوار دستوري أو قانوني، خاصة أن قنوات الجماعات المعادية تقف لأجهزة ومؤسسات الدولة بالمرصاد، وتنادي بحقوق الإنسان وضمانات محاكمات عادلة للمتهمين عامة، وهى نغمة تتشدق بها تلك الأفواه البذيئة التي تقف حائلا أمام التقدم الذي تشهده البلاد مؤخرا في عدد من المجالات.
وزارة العدل قالت في بيان سابق لها، إن المرحلة الأولى من هذه التجربة، يتم عن طريق اتصال القاضي بالمتهمين داخل محبسهم عبر قاعات مخصصة لذلك بكل سجن، في حضور محاميهم، وذلك باستخدام تقنيات حديثة عبر شبكات تليفزيونية مغلقة ومؤمنة يتم ربطها بين عدد من المحاكم وبعض السجون.
وقدم المستشار عمر مروان وزير العدل، الشكر والتقدير لوزارتي الداخلية والاتصالات لما بذلوه من جهد مثمر وتعاون بناء في مجال التطوير التكنولوجي القضائي.
وأشار خبراء القانون إلى الدوافع التي قادت أجهزة الدولة إلى التفكير في مصل هذه التجربة، هو توفير الجهد الأمني المبذول في ترحيل المتهمين من أماكن حبسهم إلى مقر محاكماتهم، والذي كان يستغرق جهدا ويستنزف أموالا هائلة وطاقات بشرية عظيمة من الضباط وأفراد الشرطة.
وأكدوا أن توفير كل هذا الكم الهائل من الطاقات البشرية من الممكن استغلاله في جانب آخر، وفي ذات الوقت فإن الاتجاه السائد دوليا في الآونة الأخيرة هو تطبيق التقاضي الإلكتروني، مطالبا بسرعة تجربة باقي مراحل المشروع على محاكم أخرى، دون إخلال بضمانات المتهم المحبوس احتياطيا أو السجين، وتعميمه من خلال الربط بين كافة المحاكم والسجون.
البيان الرسمي الذي أصدرته وزارة العدل، أكد أهمية هذا المشروع من ناحية سرعة الإنجاز والناحية الأمنية، وأيضا تقليل فرص انتشار فيروس كورونا بين المحبوسين والمواطنين، وأكد المستشار عمر مروان، وزير العدل، على ثقته في تعاون المحامين مع وزارة العدل لنشر التقنية تباعا في الإجراءات القانونية، والتحول إلى الوسائل العصرية في إدارة منظومة العدالة، بما تضمنه من حوكمة وسرعة وراحة لكل أطراف عملية التقاضي.