9 سنوات من التحقيقات المستمرة في القضية المتداولة إعلاميا بإسم 'التمويل الأجنبي'، أعقبها صدور قرار من قاضي التحقيق المنتدب من محكمة استئناف القاهرة، أمس السبت، أصدر المستشار على مختار، قاضي التحقيق المنتدب من محكمة استئناف القاهرة، قرارا بألا وجه لإقامة دعوى قضائية ضد 20 منظمة حقوقية، كما أمر برفع أسماء الممنوعين من السفر من أعضاء هذه المنظمات، لعدم كفاية الأدلة.
بقرار قاضي التحقيق، تُكتب كلمة النهاية بحق 20 منظمة حقوقية وسياسية، في واحدة من أكبر وأخطر القضايا التي مرت بها مصر وتعرضت بسببها لضغوطات خارجية، ويُغلق ملف التحقيقات بعد تسع سنوات من الجدل والتحقيقات الأمنية والقضائية.
مراحل وتطورات هامة بالقضية
مرت القضية بمراحل وتطورات هامة منذ بدء التحقيق فيها خلال 2011، عقب أحداث ثورة الخامس والعشرين من يناير، حتى انتهاءها رسميا، أمس السبت، بقرار قاضي التحقيق.
اتهمت الأجهزة الامنية نحو 43 ناشطا حقوقيا من مصر والولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا والنرويج ولبنان وفلسطين، بإنشاء جمعيات أهلية والحصول على تمويل أجنبي دون ترخيص.
كان من بين المتهمين سام آدم لحود، مدير مكتب المعهد الجمهوري الدولي في القاهرة، ونجل وزير النقل الأميركي السابق راي لحود، وصموئيل لدمرز لحود، مدير المعهد الجمهوري الدولي بمصر، وشيرين سيهاني، أميركية من أصل هندي، وكرستيان أنجل، نرويجية، ويان إيريك سورت تشاك، نرويجي، وهانز كريس هيوليزنن أميركي، وجون جورج توماس تفييكس أميركي مدير تدريب الأحزاب بالمعهد الجمهوري، ووريدة خضر عبد الهادي محمد البرعي فلسطينية، وبوديمير ميليتش صربي الجنسية وهو مدير فرع المعهد الديمقراطي بالإسكندرية وآخرين.
تمويلات لأنشطة غير مشروعة في مصر
ووفقا للتحقيقات التي أجريت في القضية، فقد حصل المعهد الجمهوري الدولي على 22 مليون دولار كتمويل لأنشطته في مصر، والمعهد الديمقراطي على 18 مليون دولار، وفريدوم هاوس على 4،4 مليون دولار، والمركز الدولي الأمريكي للصحفيين على 3ملايين دولار، كتمويلات مقابل تنفيذهم لأنشطة اعتبرتها السلطات تمس سيادة البلاد.
التمويل الأجنبيوقضت محكمة جنايات القاهرة، في وقت مضى، ببراءة 40 متهماً في القضية، والتي تضم أمركيين وعرب وأجانب من جنسيات أخرى.
وكشفت التحقيقات وفق أمر الإحالة الذي أصدرته النيابة قيام المتهمين بتنفيذ العديد من برامج التدريب السياسي غير المرخص به، وإعداد وتنفيذ استطلاعات الرأي وورش العمل والدورات التدريبية لبعض الأحزاب والقوي السياسية ودعمها إعلاميا لحشد الناخبين لصالحها وإجراء البحوث والدراسات.
تأسيس فروع لمنظمات دولية في مصر
وجهت النيابة إلى المتهمين اتهامات بتأسيس وإدارة فروع لمنظمات دولية بدون ترخيص من الأجهزة والجهات الأمنية المختصة، وتسلم وقبول تمويلات أجنبية من الخارج بغرض إدارة فروع هذه المنظمات الدولية بما يخل بسيادة الدولة المصرية.
أظهرت التحقيقات أن المتهمين في القضية أعدوا تقارير بنتائج أنشطتهم في مصر وأرسلوها للمراكز الرئيسية لتلك المنظمات، وقاموا بتمويل العديد من الأشخاص الطبيعيين والمنظمات والكيانات غير المرخص لها بالعمل المدني أو الحقوقية.
تحويلات وحسابات بنكية خاصة
وأضافت التحقيقات أن المتهمين تسلموا أموالا من هيئات خارج مصر بطريق التحويل المباشر على حسابات بنكية خاصة بهم، وباستخدام بطاقات ائتمان خاصة متصلة مباشرة بحسابات بنكية خارج مصر يتم إيداع الأموال فيها لهذه الأغراض، كما تلقوا أموالا من خلال إحدى الشركات العالمية لتحويل الأموال عبر الدول.
في يونيو من العام 2013 أصدرت محكمة جنايات القاهرة أحكاما تراوحت ما بين السجن 5 سنوات غيابيا تجاه 27 متهما، ومعاقبة 5 متهمين بالحبس لمدة عامين مع الشغل، ومعاقبة 11 متهما بالحبس لمدة سنة واحدة مع إيقاف التنفيذ، وحل فروع منظمات المعهد الجمهوري والمعهد الديمقراطي ومنظمة فريدوم هاوس والمركز الدولي الأميركي للصحافيين ومؤسسة كونراد الألمانية، وإغلاق مقارهم بمصر ومصادرة الأموال المضبوطة وكافة الأوراق و الأدوات.
وفي عامي 2016، و2017، أيدت محكمة الجنايات التحفظ على أموال عزة سليمان ،مؤسسة ورئيسة مجلس أمناء مؤسسة قضايا المرأة المصرية، ومزن حسن، مدير مركز 'نظرة' للدراسات النسوية ومنعهما من السفر.
التمويل الأجنبي
جمال عيد وحسام بهجت
وفي 17 سبتمبر الماضي، أيدت محكمة جنايات القاهرة، قرار منع الناشطين الحقوقيين 'جمال عيد وحسام بهجت' و5 آخرين من التصرف في أموالهم، لارتباطها بالقضية 173 لسنة 2011 والمعروفة بقضية 'التمويل الأجنبي'، بينما رفضت طلب التحفظ على أموال زوجاتهم وأولادهم.
النقض تبريء 40 متهما
وفي أبريل من 2018، ألغت محكمة النقض الأحكام الصادرة وقررت إعادة محاكمتهم من جديد، وانتهت بصدور حكم محكمة جنايات القاهرة يقضي ببراءة 40 من المتهمين.
واستمرت التحقيقات فيما يتعلق بالشق الجنائي الخاص بالتحفظ على أموال المتهمين من قيادات وأعضاء تلك المنظمات، ووضعهم على قوائم الممنوعين من السفر وترقب الوصول.
لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية ضد 20 منظمة حقوقية
وعقب استلام التقارير الفنية اللازمة وانتهاء التحقيقات، أصدر المستشار علي مختار، قاضي التحقيق المنتدب من محكمة استئناف القاهرة للتحقيق في القضية ١٧٣ لسنة ٢٠١١، بيانا بشأن التصرف في عدد من المنظمات والجمعيات الأهلية، قرارًا ضد 20 منظمة حقوقية وجمعية أهلية متهمة بتلقي تمويل أجنبي، وعدد من الشخصيات الممنوعين من السفر.
وأكد قاضي التحقيق، في بيان له: أنه لا وجه لإقامة دعوى قضائية ضد 20 منظمة حقوقية، كما أمر برفع أسماء الممنوعين من السفر من أعضاء هذه المنظمات.
التمويل الأجنبي
وأوضح: 'بمناسبة التحقيقات في تقرير لجنة تقصى الحقائق الخاصة بالتمويل الأجنبي لعدد من منظمات وكيانات وجمعيات المجتمع المدني والتي عهد بالتحقيق فيها إلى قاضي التحقيق من محكمة استئناف القاهرة وتعاقب على تحقيق هذه الوقائع الخاصة بالتقرير المذكور عدد من قضاة التحقيق بذلوا جهدًا كبيرًا للوقوف بدقة على صحة ما هو منسوب إلى كل منظمة أو كيان أو جمعية محل التحقيق، وذلك من خلال تجميع المعلومات المتوافرة لدى الجهات ذات الصلة مثل أجهزة الأمن، ووزارتي المالية والتضامن الاجتماعي، والبنوك وغيرها، وتشكيل اللجان الفنية لمراجعة الحسابات والتصرفات المالية للمنظمات والكيانات والجمعيات محل التحقيق وقد بلغت أوراق الدعوى أكثر من عشرين ألف ورقة حتى تاريخه'.
وأضاف: 'قد باشرنا التحقيق استكمالا لجهود قضاة التحقيق السابقين منذ قرابة العشرة أشهر وتم تحديد الموقف القانوني لعدد من المنظمات محل التحقيق، وقد تضمنت الأوراق العديد من الوقائع لأشخاص مختلفين لا ارتباط بينهم، وكانت بعض تلك الوقائع قد انتهينا من التحقيقات فيها وأضحت معدة لإبداء الرأي، فكان لزامًا علينا الفصل فيها دون إرجاءٍ لحين الانتهاء من التحقيقات بشأن باقي الوقائع.
واختتم قاضي التحقيق البيان الرسمي الصادر بقوله: 'انتهينا من التحقيقات بشأن 20 منظمة وكيان وجمعية، ونظرًا لتباين المراكز القانونية واختلاف الطبيعة القانونية والدلائل فقد ارتأينا إصدار أمرًا بأنه لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية قبل 6 منهم لعدم وجود الجريمة وهي، (انتر نيوز نت وورك)، المؤسسة الدولية للنظم الانتخابية، جمعية يلا نشارك للتنمية المجتمعية، مؤسسة النقيب للتدريب ودعم الديمقراطية، جمعية الأسرة المسلمة بدمنهور، جمعية الامل الخيرية بالمنيا'.
التمويل الأجنبيكما أصدر قاضي التحقيق أمرًا بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية تجاه 14 منظمة وجمعية منهم لعدم كفاية الأدلة من أبرزها، مركز ماعت للدراسات الدستورية والقانونية، جمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء، المركز المصري للتنمية والدراسات الديمقراطية، المعهد الديمقراطي المصري، المعهد الديمقراطي القومي للشئون الدولية، المركز المصري لحقوق الانسان.
أشار قاضي التحقيق، في بيانه، إلى أنه قد أصدر هذا الأمر منتجا لما يترتب عليه من آثار وأخصها رفع أسماء من تضمنهم أمرنا هذا من على قوائم الممنوعين من السفر وترقب الوصول، وكذا قوائم المنع من التصرف في أموالهم سواء السائلة أو المنقولة فيما يخص ما تضمنه أمرنا هذا من وقائع فحسب دون مساس بثمة وقائع أخرى قد تكون محلا للتحقيق سواء في القضية الماثلة أو غيرها من القضايا.
قاضي التحقيق: المجتمع المدني جزء من قاطرة التنمية
وفي كلمة مؤثرة لقاضي التحقيق المنتدب للتحقيق في تلك القضية، ذكر المستشار علي مختار، 'نؤمن بأن المجتمع المدني هو جزء من قاطرة التنمية المستدامة ولا غنى عنه لدعم وإقرار مفاهيم سامية مثل التكافل والسلام الاجتماعي التي لا تؤتي ثمارها الطيبة دون دور فاعل وفعال للمجتمع المدني طالما كان دوره في إطار قانوني صحيح دون حيد ووفقا للضوابط القانونية المحددة من قبل المشرع.
أضاف قاضي التحقيق ' ولما كان القضاء المصري بصفته أحد السلطات الثلاثة مسئول عن إرساء ركائز العدل، وتتمرفق مسئوليته على محورين أساسيين: الأول منها هو ضمان سيادة دولة القانون وذلك بإعمال صحيح القانون على ما يعد مساسًا بالسيادة الوطنية والثاني هو الحيلولة دون أن تلقى التهم جزافًا على الأشخاص وذلك بمراقبة صحة تطبيق القانون عليها، وذلك كله من خلال تمحيص الوقائع التمحيص الكافي ووزن الأدلة ثم التصرف في الأوراق حسبما تبين من التحقيقات وإصدار القرارات السابقة.