فصل مدير بالتضامن لتستره على واقعة تعذيب أطفال بدار أيتام بالهرم.. وعقوبات تأديبية مشددة لـ11 مسؤول (فيديو)

حسمت المحكمة الإدارية العليا فحص قضية تعذيب الأطفال اليتامى بدار مكة للأيتام بالهرم بحكم رادع، حيث قضت بإجماع الاَراء برفض الطعن المقام من (س.س.ر) مدير عام إدارة المتابعة والتوجيه الفنى بالإدارة العامة للأسرة والطفولة التابعة للإدارة المركزية للرعاية الاجتماعية بوزارة التضامن الاجتماعى، وقضت بفصله من الخدمة لتستره على رئيس مجلس إدارة دار مكة المكرمة للأيتام فى تعذيب الأطفال، أربع سنوات لعدم اتخاذه الإجراءات ضد صاحب الدار.

وأوضح الحكم الذي صدر برئاسة المستشار صلاح هلال نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشارين الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي، ومحسن منصور نائبي رئيس مجلس الدولة، أن المتهم تواطأ مع رئيس مجلس الإدارة وأغلق الباب فى وجه رجال المباحث واللجنة لمنعهم من الدخول لمنعهم ضبط المخالفات واستلام الأطفال وقام باستغلال منصبه الوظيفى في ممارسة الإكراه المعنوى على أطفال دار أيتام مكة المكرمة بالتنبيه عليهم بالقول بعدم تعرضهم للتعذيب والإيذاء النفسى والبدنى الذى تعرضوا له فعلاً حال علمه.

وأضاف إلى جانب ذلك قبوله عطايا من رئيس مجلس إدارة الجمعية ودار الأيتام المذكورة مقابل تحريره بيانات على خلاف الحقيقة داخل سجل زيارة الدار متضمنة الشكر والتقدير للدار دون أن يذكر وجود ثمة مخالفات, ولم يتخذ الإجراءات اللازمة حيال تكشف المخالفات بالدار بهدف عدم مساءلة رئيس مجلس إدارتها خلال الفترة من 2011 حتى 2014 (عقوبات تأديبية على 11 مسؤلا آخر تصل إلى الوقف عن العمل ستة أشهر).

وقد أكدت المحكمة فى حكمها أن تعذيب الأطفال اليتامى تحطيم لمعنى الإنسانية وجريمة لا تسقط بالتقادم ولا يمحوها الزمان وأن مدير عام التضامن كان يتعين عليه حماية الأطفال اليتامى من قسوة وإنحراف رئيس مجلس إدارة الدار وهم الفئة التى أوصانا بها الدين الإسلامى الحنيف ورسوله الكريم , وأن الدولة المصرية أولت الأطفال الأيتام عناية خاصة ووسعت من نطاق شمول حالاته ليستظل به من يستحقه.

كما أكدت المحكمة أنه لا يكفى توافر الشروط القانونية لدور الأيتام بل يجب أن يكون القائمين عليها مؤهلين تربويا ونفسيا في التعامل مع هؤلاء الأطفال , وعلى وزارة التضامن وضع معايير قياسية للمعاملة القائمة على احترام كرامة الأطفال الأيتام وأن الإسلام الحنيف جعل رعاية الأيتام من أسمى الغايات وأنبلها وضمن لهم حقوقاً نفسية ومادية وتربوية تضمنتها الاَيات القراَنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة وأن القضاء الجنائى عاقب رئيس مجلس إدارة الدار بالحبس لمدة ثلاث سنوات وجاء الحساب لمن تستروا عليه ل12 من كبار العاملين بوزاة التضامن , ونوهت أن الأطفال اليتامى ينفرون من قسوة مؤسسات الرعاية الاجتماعية ولا يشعرون فيها بالأمان النفسى مما يعوق اندماجهم فى المجتمع وهم الفئة الأولى بالحماية والرعاية.

تفاصيل حيثيات الإدارية العليا لحماية الأطفال اليتامى بدور الأيتام :

قالت المحكمة أن الطفل يعد معرضاً للخطر، إذا وجد في حالة تهدد سلامة التنشئة الواجب توافرها له، إذا تعرض أمنه أو أخلاقه أو صحته أو حياته للخطر، وإذا كانت ظروف تربيته في الأسرة أو المدرسة أو مؤسسات الرعاية أو غيرها من شأنها أن تعرضه للخطر أو كان معرضاً للإهمال أو للإساءة أو العنف أو الاستغلال أو التشرد، إذا تعرض داخل الأسرة أو المدرسة أو مؤسسات الرعاية أو غيرها للتحريض على العنف أو الأعمال المنافية للآداب أو الأعمال الإباحية أو الاستغلال التجاري أو التحرش أو الاستغلال الجنسي أو الاستعمال غير المشروع , ورصد المشرع عقوبة جنائية لكل من عرض طفلاً لإحدى حالات الخطر , وهذه الحماية القانونية للطفل تسرى على الطفل الذى ينعم في كنف أسرة أو الطفل اليتيم الذى يعيش حياة بلا أسرة ينتمى إليها ترعاه بل أسرة بديلة أو دار للأيتام . إذ للطفل العديد من المبادئ والحقوق على قمتها حق الطفل في الحياة والبقاء والنمو في كنف أسرة متماسكة ومتضامنة , والرعاية البديلة وفي التمتع بمختلف التدابير الوقائية, وحمايته من كافة أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو المعنوية أو الجنسية أو الإهمال أو التقصير أو غير ذلك من أشكال إساءة المعاملة والاستغلال.

وأضافت المحكمة أن الدولة المصرية أولت الأطفال الأيتام عناية خاصة ووسعت من نطاق شمول حالاته ليستظل به من يستحقه على نحو ما تضنته المادة الأولى بالقانون رقم 15 لسنة 2015، بتعديل بعض أحكام القانون الضمان الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 2010 التى استبدلت نص البند (ج) من قانون الضمان الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 2010، بأن 'اليتيم : كل من تُوفى والداه أو تُوفى أبوه ولو تزوجت أمه، أو مجهول الأب أو الأبوين'، وهذا الشمول يهدف إلى تعديل النظرة والثقافة المجتمعية السلبية تجاه الأطفال الأيتام لبناء لبنة اجتماعية لصرح مجتمع صحيح يقوم على بث روح التسامح والاندماج للأطفال الأيتام والاحتفاظ لهم بهويتهم الإنسانية لمواجهة ما اطبقت عليهم الحياة ظلاما نتيجة تصرفات غير إنسانية بتخلى أبائهم عن الاعتراف بهم أيا كانت الأسباب والظروف .

وأوضحت المحكمة أنه إذا كان الدستور جرَم التعذيب وجعله بجميع صوره وأشكاله جريمة لا تسقط بالتقادم فإن التعذيب الذى يمارس على الأطفال خاصة الأيتام من عديمى الإدارك والتمييز هو الذى لا يسقطه تقادم ولا يمحوه زمن لأنه يصحب الطفل طيلة حياته غائراً في نفسيته حتى مماته بحسبانه من أحلك أنواع التعذيب وأكثرها وحشية وأبشعها قسوة وتحطيما للإنسانية .

وأشارت المحكمة أن الثابت في الأوراق أنه نسب إلى الطاعن (س.س.ر) مدير إدارة المتابعة والتوجيه الفنى بالإدارة العامة للأسرة والطفولة التابعة للإدارة المركزية للرعاية الاجتماعية بوزارة التضامن الاجتماعى أنه تواجد في دار مكة المكرمة للأيتام بالهرم يوم 3/8/2014 عقب مواعيد العمل الرسمية حال عدم تكليفه من قبل رئاسته بذلك وامتنع عن تمكين رجال المباحث وأعضاء اللجنة المشكلة من وزارة التضامن من الدخول إلى الدار لضبط المخالفات الموجودة بها واستلام الأطفال بقيامه بغلق أبواب الدار لمدة تجاوزت نصف ساعة وعدم السماح لهم بالدخول وذلك بالتواطؤ مع رئيس مجلس إدارة جمعية مكة المكرمة ودار أيتام مكة المكرمة وقيامه بالتنبيه على الأطفال بعدم ذكر تعرضهم للتعذيب أمام أعضاء اللجنة المشكلة من الوزارة , وقام باستغلال منصبه الوظيفى في ممارسة الإكراه المعنوى على أطفال دار أيتام مكة المكرمة بالتنبيه عليهم بالقول بعدم تعرضهم للتعذيب والإيذاء النفسى والبدنى الذى تعرضوا له فعلاً من قبل رئيس مجلس إدارتها حال علمه بها , واصطحب كريمته للدار الأيتام المذكورة حال عدم تكليفه بالتوجه لها ورغم كون الدار خاضعة لإشراف جهة عمله , وقبوله عطايا من رئيس مجلس إدارة الجمعية ودار الأيتام المذكورة مقابل تحريره بيانات على خلاف الحقيقة داخل سجل زيارة الدار متضمنة الشكر والتقدير للدار دون أن يذكر وجود ثمة مخالفات , ولم يتخذ الإجراءات اللازمة حيال تكشف المخالفات بالدار بهدف عدم مساءلة رئيس مجلس إدارتها خلال الفترة من 2011 حتى 2014 , وهى مخالفات ثابتة في حقه ثبوتا يقينيا بشهادة كل من السيدة (ع.م.ع) رئيس الإدارة المركزية للرعاية الاجتماعية بوزارة التضامن الاجتماعى , والسيدة (ف.ح.م) مدير إدارة الرعاية البديلة بالوزارة , والطبيب النفسى (م.ع.ع) بالإدارة المركزية للرعاية الاجتماعية بالوزارة , والسيد (أ.ص.م) مدير إدارة التخطيط بالإدارة العامة للدفاع الاجتماعى, والسيدة (ع.إ.م) مدير عام الإدارة العامة للأسرة والطفولة والسيد (أ.م.م) مراجع مالى بوزارة التضامن الاجتماعى . خاصة وقد قضت محكمة جنح العمراني بمعاقبة رئيس مجلس إدارة الدار المتهم بتعذيب الأطفال بالحبس لمدة ثلاث سنوات , عامين مع الشغل والنفاذ لاستخدام العنف على الأطفال بدار الأيتام، وحبس سنة عن الضرب والسلاح وجاء الحساب لمن تستروا عليه ل12 من كبار العاملين بوزاة التضامن

واستطردت المحكمة أن الاتهام ثبت في حقه ثبوتا قطعيا لا شك فيه مشكلا ذنبا إداريا جسيما و مسلكا معيبا لا يتفق وكرامة الوظيفة ويعد ما اقترفه بحسبانه مسئولاً عن الإشراف والرقابة على مؤسسات دار الأيتام كافياً أن يفقده الصلاحية للعمل في هذه المهنة التى تتعامل مع فئة من الأطفال محل الحماية القانونية والاجتماعية فى دور المؤسسات التى تأوى الأيتام وتقوم على تربيتهم تربية تعوضهم عدم معرفة أسرهم أو تخليها عنهم , إذ كان يتعين عليه أن يتحلي بالفضائل لا التستر عن وقائع تعذيب الأطفال طوال أربع سنوات أو حماية القائم على الدار من قسوته وإنحرافه عن الأهداف التى تغياها المشرع من انشاء مؤسسات لدار الأيتام وهم الفئة التى أوصانا بها الدين الإسلام الحنيف ورسوله الكريم, بما يشكل في حقة إخلالا جسيما بكرامة وظيفته وانحدارا بمسلكه إلي الدرك الأسفل , وإثماً تأديبيا يستوجب بتره من وزارة التضامن بالإحالة إلى المعاش ، فمن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بذلك قد أصاب وجه الحق وصادف صحيح حكم القانون ، ويضحى الطعن الماثل مقاماً على غير سند من الواقع أو القانون جديراً بالرفض بإجماع الاَراء.

وسردت المحكمة أن الحكم المطعون فيه الصادر بتوقيع عقوبات على أثنى عشر موظفا مسئولا بوزارة التضامن الاجتماعى بتوقيع عقوبة الإحالة إلى المعاش على الطاعن وتوقيع عقوبات تأديبية على 11 من كبار المختصين بإدارة الأسرة والطفولة وبإدارة العمرانية بمديرية الشئون الاجتماعية بالجيزة (9 سيدات ورجلين فضلا عن الطاعن ) بعقوبات تأديبية متنوعة تراوحت بين الوقف عن العمل لمدة ستة أشهر مع صرف نصف الأجر والخصم من الراتب شهرين وشهر ونصف وشهر وغرامات تعادل ثلاثة أضعاف وضعفين الأجر الوظيفى الذى كانت تتقضاه بعضهن فى الشهر عند انتهاء الخدمة , تشير المحكمة أنها لا تعتد بتقاير مكتب صحة الهرم المحررة بتاريخ 22/4/2013 حتى اكتشاف وقائع التعذيب لأنها صادرة من المحال الثانى عشر بصفته مدير مكتب صحة الهرم أول لكونه غير مختص بإصدار التقارير الطبية وفقا لشهادة مدير إدار الطب الوقائى بمديرية الصحة بالجيزة قاصدا استخدام التقرير الطبى المغاير للحقيقة الخارج عن حدود ولايته فى التستر على أفعال التعذيب المرتكبة ضد أطفال دار مكة المكرمة والتى تم اكتشاف أثار وقائع تعذيب أطفال الدار بالتقرير الطبى المقدم من مستشفى أم المصريين العام التابعة لمديرية الصحة بالجيزة بتاريخ 26/8/2014 الذى أجراه الطبيب حسين فهمى محمد أخصائى جراحة بالمستشفى وورد به تعرض الأطفال للتعذيب على النحو المفصل الوارد بتلك التقارير المرفقة التى أثبتت أن الإصابات والجروح الموجودة ببعض الأطفال تعود لمدة تزيد عن العام والنصف وباقى الإصابات يرجع حدوثها لمدة تزيد عن العام .

واختتمت المحكمة أن الطعن كشف عن ظاهرة الإساءة والتعذيب للأطفال الأيتام في دار الأيتام , وهى التى تتعارض مع الإسلام الحنيف الذى جعل رعاية الأيتام من أسمى الغايات وأنبلها فالإسلام ضمن للأيتام حقوقاً نفسية ومادية وتربوية تضمنتها الاَيات القراَنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة , وهو ما دعا وزارة التضامن الاجتماعى بالتحقيق الفورى مع الطاعن ومعه إحدى عشر مسئولا الذى أسفر عن إحالتهم للمحاكمة التأديبية وسحب الأطفال من الدار ودعا محافظ الجيزة إلى إصدار قراره رقم 14111 لسنة 2014 بحل جمعية مكة المكرمة الخيرية المقيدة برقم 2760 لسنة 2006 الكائنة 58 شارع الهرم وتعيين لجنة للقيام بأعمال التصفية, ذلك أن هؤلاء الأطفال يعيشون فى حدود مكانية بحكم حرمانهم من الرعاية الأسرية المتاَلفة ليس لهم تجاوز حدودها مما يجعل الطفل اليتيم ينفر من مؤسسات الرعاية الاجتماعية ولا يشعر فيها بالأمان النفسى الذى تحتاجه الشخصية السوية ويصاب بأثار نفسية سيئة تجعله يشعر بالوحدة والعزلة مما يعوق اندماجهم فى المجتمع , والمحكمة تسجل في حكمها أنه لا يكفى توافر الشروط القانونية لدور الأيتام بل يتعين أن يكون القائمين عليها مؤهلين تربويا ونفسيا في التعامل مع هؤلاء الأطفال , بأن تعقد لهم دورات فى كيفية التعامل مع هؤلاء الأطفال من حيث الاَداء الفنى والمهنى والسلوكى من ناحية , ووضع معايير قياسية تكفل تلبية المتطلبات الأساسية لهم من ناحية أخرى للوقوف على المعاملة القائمة على احترام كرامة الأطفال الأيتام .

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً