طفرة غير مسبوقة تشهدها السجون في مصر، كل شيء بداخلها يعلن عن سياسة عقابية بمنظور حديث، فلا وجود لمشهد إمساك السجين بمطرقة ثقيلة لتكسير الأحجار الضخمة وسط الشمس الحارقة كما كنا نشاهد في الأفلام القديمة، كنوع من العقاب خلال فترة سجنه، لكن الواقع الحقيقي الآن هو برنامج تثقيفي تعليمي وتأهيلي يقوم على مبدأ تحقيق أكبر استفادة للسجين من فترة حبسه خلال قضائه سنوات عقوبته خلف الأسوار.
'أهل مصر ' رصدت على أرض الواقع وجود أكبر مصنع لإنتاج الحلاوة الطحينية والزيوت داخل سجن المرج العمومي، المصنع انتشر داخله السجناء متعددي التهم وسنوات العقوبة الصادرة ضدهم، وتراهم كخلية نحل منظمة، يقف كلا منهم يؤدي دوره على ' مكنته' وأمام شريط السير على الآلات، ليصنعوا بأنفسهم ويخرج من تحت أيديهم منتجات الحلاوة الطحينية والزيوت.
قال 'أحمد ' المحبوس في قضية إيصالات أمانة: أنا اتعلمت أقف على مكنة تنعيم الحلاوة، في مهندسين هنا في السجن دربوني عليها، وبعرف أشغلها واضيف المكونات زي عرق الحلاوة والملح الليمون والزيوت، واظبط تيمر التشغيل، وبعدها تبدأ عملية الخلط والتنعيم، استفدت اني تعلمت مهنة هتنفعني لما أخرج من السجن.
'مسعد ' محبوس في قضية شروع في قتل، يقف إلى جواره على مكنة التعبئة، قائلا: بنبدأ شغل الساعة 9 الصبح، وحبيت اني اقف على مكن التعبئة هي مرحلة سهلة ومش متعبة براقب كويس انتظام عملية تفريغ عجينة الحلاوة داخل عبواتها، وعند ملاحظة أي عطل بعيد ظبط المكن.
وأما الضابط المهندس 'شهدي' المشرف على العمال من السجناء فشرح كيف يدور العمل داخل المصنع وسط روح الفريق بينه وبين السجناء العاملين فيه بكامل رغبتهم، وكيف ينتظمون في وردياتهم من التاسعة صباحا وحتى الرابعة عصرا، مع ساعة راحة للغداء، وكأنهم يمارسون عملهم في حياتهم الطبيعية في خارج السجن، وشرح كذلك أن طاقة انتاج المصنع تصل لـ 3,5 مليون عبوة حلاوة طحينة وزجاجة زيوت يوميا بمعدل 120 طن شهريا، وان هذه المنتجات يتم بيعها بمعارض السجون وتوزيعها أيضا على متاجر الجملة، وأن رواتب العمال من السجناء تبدأ من 2500 فيما أعلى.