حالة من الجدل شهدتها مواقع التواصل الاجتماعي حول ما يسمى بمبادرة زواج البارت تايم أو مبادرة سلفيني جوزك، حيث نالت العديد من الانتقادات واعتبره البعض أنه بوابة لضرب المجتمع وعاداته وإثارة الفتن، بل اعتبره البعض الآخر أنه حل من الحلول المقترحة لمواجهة شبح ارتفاع نسب الطلاق في المجتمع المصري.
دار الإفتاء: اشتراط التأقيت في الزاوج يبطله
وفي هذا الصدد أصدرت دار الإفتاء المصرية بيانًا توضيحيًا للوقوف على الحكم الشرعي لمبادرة زواج 'البارت تايم'، لافتًة إلى إنه لا ينبغى الانسياق وراء دعوات حداثة المصطلحات فى عقد الزواج التى ازدادت فى الآونة الأخيرة، والتى يَكْمُن فى طياتها حب الظهور والشهرة وزعزعة القيم، مما يُحْدِث البلبلة فى المجتمع، ويؤثِّر سَلْبًا على معنى استقرار وتماسك الأسرة التى حرص عليه ديننا الحنيف وراعته قوانين الدولة.
وأضافت دار الإفتاء في فتوى لها، أن ما يقوم به بعض الناس من إطلاق أسماء جديدة على عقد الزواج مثل 'البارت تايم' أو 'سلفيني جوزك' واشتراطهم فيه التأقيت بزمنٍ معينٍ ونحو ذلك يؤدى إلى بطلان صحة هذا العقد؛ فالزواج الشرعى هو ما يكون القصد منه الدوام والاستمرار وعدم التأقيت بزمنٍ معينٍ، وإلَّا كان زواجًا مُحرَّمًا ولا يترتب عليه آثار الزواج الشرعية.
أحمد كريمة: زواج "البارت تايم" لا نقول أنه حرام مطلق ولا حلال مطلق
من جانبه قال الدكتور أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر الشريف، إن زواج 'البارت تايم' فكرته تنسب لأحد المحامين، وليس للأزهر الشريف صلة بهذا الأمر من قريب أو بعيد، ليس بسنة تُتبع ولا بـ بدعة تُجتنب.
وأضاف كريمة في تصريح خاص لـ 'أهل مصر' أننا في دولة تتحدث باللغة العربية فلماذا نقول زواج البارت تايم ولا نقول زواج بعض الوقت، كما أن العبارات الشعبية مثل 'سلفيني جوزك' أو 'زوج سلف' الغرض منها إثارة الفتن وبلبلة الرأي العام.
وتابع كريمة، أن نظام الأسرة هو جزء من التشريع الإسلامي والمتحدث عنه هو الأزهر الشريف فقط، وصاحب المبادرة غير متخصص في التشريع الإسلامي، متسائلًا: أين المؤسسات المعينة بالمرأة؟، ولماذا تلتزم الصمت حتى الآن؟ فهو أمر يهم الأسرة المصرية.
واستكمل أستاذ الفقه المقارن، أن زواج البارت تايم لا نقول أنه حرام مطلق ولا حلال مطلق، ولكن ما يهمنا هو عقد الزواج الشرعي إذا استجواب الأركان والشروط ما بين وجود والي وتوافق الرضا بين الطرفين، والإشهاد، وتسمية الصداق أو المهر، وإذا توافرت هذه الشروط، فهذا يعني أن الزواج شرعي، ويترتب عليه حقوق مشتركة من التوارث والمعاشرة بالمعروف، والاستمتاع على الوجه المشروع.
وأوضح كريمة أن المرأة إذا ارتضت أن تكون زوجة ثانية وارتضت لنفسها أن تتنازل مثلا عن نفقتها أو المبيت ففي هذه الحالة الزواج مباح ولا يجرؤ فقيه أن يُحرم ذلك، ولكن لا يجب أن نعمم هذا الزواج لأن ليس كل الأسر تقبل بهذا الأمر.
واختتم كريمة: لا نستطيع أن نحرم زواج البارت تايم أو نجرمه، طالما استوفى عقد الزواج الشروط والأركان، وهذا ليس زواج متعة، لأن هذا الزواج يكون محدد المدة بشهر أو شهرين أو أكثر، وفي هذه الحالة يكون الزواج باطلاً، كما أن هناك فرقًا بين تحديد المدة وتحديد الوقت فالأول ليس موجودًا في مصر لأنه ينص في عقد الزواج على أنه غير مؤبد ومدة محددة فهذا باطل، أما تحديد الوقت جائز.
صاحب مبادرة زواج البارت تايم: الإفتاء وافقت.. والمكالمة مُسجلة
وعلق أحمد مهران المحامي المتخصص في قضايا الأسرة وصاحب مبادرة زواج البارت تايم على بيان دار الإفتاء الصادر بتحريم الفكرة، قائلًا: أنا أتفق بشدة مع ما قالته الإفتاء إن الزواج محدد المدة حرام شرعًا، لكنها لم تقر بإن زواج البارت تايم حرام.
وتابع مهران: أنا تواصلت مع أحد شيوخ دار الإفتاء، عبر الخط الساخن، وقلت لهم: أنا مواطن أسكن بالقاهرة، وأريد الزواج من سيدة تعيش بمرسى مطروح، وهي رفضت السفر للعاصمة، فعرضت عليها الزواج بشرط أن أتوجه لزيارتها يوم أو يومين في الشهر، وهي وافقت.. فهل هذا حرام؟.. فرد أحد شيوخ دار الإفتاء قائلا: ليس حرام.. مادام هي ارتضت بذلك.
وأوضح مهران، أن الترجمة الحرفية لزواج البارت تايم هى زواج 'بعض الوقت'، مشيرًا إلى أنه هو مسمى لفكرة قديمة وقائمة منذ زمن طويل لكن لم يكن معروف لها اسم.
وأضاف مهران، أن زواج البارت تايم هو زواج شرعي مكتمل الشروط والأركان من وجود ولى وتوافر العلانية والإشهار، وغير محدد المدة وبمهر، كما أنه زواج شرعي يحفظ الحقوق الشرعية للمرأة، ولكن قد لا تسمح ظروف الزوج أو الزوجة أو الأثنين معا بتوافر منزل للزوجية يقيمان فيه معا إقامة دائمة، أو أن يكون الزوج يعمل في مكان بعيد وطبيعة عمله تجعله يعود للبيت أوقات قليلة، ولذلك يتفقان أن لقائهم سيكون لبعض الوقت، وبصورة أقل من المعتاد أو أن يكون للزوج بيت وزوجة أولى وأولاد فيتفق مع الزوجة الثانية الجديدة أن تتنازل عن حقها في المبيت وتقبل أن يعودها الزوج يوم واحد في الأسبوع.
واستكمل: 'هو مش اختراع جديد ولا نوع زواج جديد وهو زواج مسيار ولا زنا'، وأوضح أن الهدف من مبادرة زواج البارت تايم هي لمساعدة المطلقات والأرامل على أن يعيشوا حياه كريمة، والمساعدة علة إنخفاض معدلات الطلاق في المجتمع وصعوبة مواجهة الحياة للسيدة المطلقة ويعتبر تنازل الزوجة عن حقها في المبيت شرط عقد الزواج وهو شرط صحيح ويجوز الإتفاق عليه ولا يؤثر على صحة الزواج ولا يمنع من وجود أطفال من هذة الزيجة مستقبلا أو يكون من شأنه أن يضيع حقوق المرأة أو الأبناء.
وأطلق أحمد مهران مبادرة بعنوان آخر 'زوج سلف' أو 'سلفيني جوزك'، مقترحا على المتزوجات أن تشارك صديقتها المطلقة في زوجها: 'سلفي صاحبتك زوجك يتجوزها بالحلال وتشاركك الحياة، ولو صاحبتك غالية عليكي ومن غير جواز اتجوزوا سوا راجل واحد، يكون ليكى وليها ظهر وزوج وسند، المهم الحياة تستقر بينكم'.