كشفت التحقيقات التي تجريها النيابة العامة مع تشكيل إجرامي بتهمة نقل وبيع وزراعة الأعضاء البشرية (الكُلى)، داخل مستشفى خاص شهير كائنة بقطاع شرق القاهرة، تابعة لإحدى الوزارات، عن مفاجأة مدوية، إذ تبين أن بلاغ قديم تقدمت به صحية إلى نيابة مصر الجديدة الجزئية - تم حفظه مُسبقا - كان الخيط الأول لسقوط المتهمين ومن بينهم أساتذة للكلى بكليات الطب، في قبضة ضباط مباحث الأموال العامة.
تبين من التحقيقات أن المتهمين استغلوا حاجة المتبرعين للأموال، وأقنعوهم بإجراء عمليات بيع الكلى الخاصة بهم، بالمخالفة للقانون رقم 5 لسنة 2010، وذكرت أن دنيا أشرف، حاصلة على بكالوريوس تجارة، تقيم بشبين القناطر - بحسب مستندات القضية التي حصلت «أهل مصر» على نسخة منها - بحثت عبر مواقع التواصل الإجتماعي عن إحدى الجمعيات الخيرية، للحصول على قرض بسيط للإنفاق على معيشتها بعد تعثرها ماديا، ظلت تبحث السيدة هنا وهناك على جهة تعطيها قرض بسيط، حتى راسلها أحد الأشخاص، وطلب منها بعض الأوراق التي تثبت شخصيتها لمساعدتها في الحصول على القرض، وبعد فترة من الزمن، أخبرها أنه ينبغي وجود (ضامن) أى موظف حكومي لتحصل على القرض.
لم تجد السيدة من يضمنها بغية الحصول على القرض، فعاود نفس الشخص، الاتصال بها مُجددا، وعرض عليها فكرة بيع إحدى كليتيها، وأقنعها بأنه شخصيًا كليته، ويعيش بصحة جيدة، وظل يومهما بضرورة بيع كليتها كى تتحصل على المبلغ المطلوب، فوافقت السيدة، وباعت إحدى كليتيها، بواسطة هذا (السمسار)، مقابل مبلغ لم يتخط الـ 35 ألف جنيه، بحسب ما جاء في بلاغها للنيابة.
تابعت الضحية موضحة أنها اكتشفت أن العصابة الإجرامية تحصلت على كليتها التي تعمل بكفاءة أعلى، ما أصابها بتدهور في حالتها الصحية، وبعد سماع أقوال السيدة، اتخذت النيابة العامة قرارها بحفظ البلاغ، لأنها أصبحت مدانة بسبب حصولها على أموال، بعد بيع إحدى كليتيها، لأن القانون يحظر التعامل المادي في بيع وزراعة الكُلى.
قالت التحقيقات، إنه وبعد فترة زمنية وجيزة، تقدمت ضحية أخرى إلى جهات التحقيق، يتضمن ذات موضوع البلاغ الأول بسرقة الكُلية مقابل مبلغ مادي، فتحركت جهات التحقيق، وتم تشكيل فريق بحث موسع من ضباط مباحث الأموال العامة، لكشف تفاصيل الواقعتين، والتوصل لأطراف التشكيل الإجرامي، بعد الحصول على إذن من النيابة العامة بالقبض عليهم فور تحديد هوياتهم، وبالفعل أصدرت النيابة العامة قرارًا بسرعة القبض على المتهمين.
التحريات الأمنية التي أجراها رجال مباحث الأموال العامة، أثبتت صحة المعلومات التي تم جمعها عن أفراد التشكيل، وتبين أنه قام بإجراء نحو 100 عملية بيع وزراعة الكُلى بالمخالفة للقانون، بعد حصول الفريق الطبي على مبلغ 250 ألف جنيه من المتبرع إليه، على أن يحصل المتبرع على مبلغ لم يتخط الـ 25 ألف جنيه.
نجحت مأموريات أمنية مكبرة في الإيقاع بالمتهمين وعددهم 10، وتبين أنهم الدكتور 'محمود.ص'، رئيس وحدة زراعة الكُلى بالمستشفى، استشاري الجراحة القائم على زرع ونقل الكُلي بالمستشفى وهو أيضا أستاذ ورئيس قسم زراعة الكلى بإحدى كليات الطب، استشاري التخدير، مدير وردية بمعمل تحاليل طبية شهير، موظفة بالمعهد القومى للكلى والمسالك البولية بالمطرية وتدعى 'سامية'، واثنين من السماسرة وهما 'أحمد.م.ن' وشقيقه 'محمود.م.ن'، وشاب سوداني يدعى 'محمد. ي'، طالب بكلية الهندسة يعمل سكرتيرًا في العيادة الخاصة لرئيس وحدة زراعة الكلى بالمستشفى، ممرض بالمستشفى.
تحقيقات عصابة لبيع وزراعة الكُلى بمستشفى خاص شهير بالقاهرة
حصلت «أهل مصر» على التفاصيل الكاملة للقضية، ونص شهادة ضابط مباحث الأموال العامة وأقوال إحدى الضحايا في القضية، وتبين من التحقيقات التي جرت في القضية أن العصابة الإجرامية المنظمة أجرت ما يقارب الـ 100عملية خلال الفترة من 2019 وحتى 2022.
تمثل القضية تعدٍ صارخ على اللوائح الطبية المنظمة لعمليات زرع ونقل الأعضاء البشرية، وكذا إهدار حقوق الإنسان وكرامة البلاد بالخارج.
ركن التزوير في المحررات الرسمية، كان حاضرا وبقوة، إذ نجح رئيس وحدة زراعة وبيع الكلى بالمستشفى الخاص الشهير، في تزوير التحاليل الطبية والأشعة اللازمة، من أجل الحصول على موافقة اللجنة العليا لنقل وزراعة الكلى بوزارة الصحة وحتى موافقة اللجنة الثلاثية الكائنة بالمستشفى، لإجراء العمليات الطبية للمتبرعين، ضحايا العوز المالي.
وبحسب التحقيقات، فقد تحصل الفريق الطبي والفريق المعاون لهم من أفراد العصابة الإجرامية، على موافقات كتابية من الضحايا المجني عليهم من «المتبرعين»، إضافة إلى ذلك تصويرهم فيديو أثناء توقيعهم كتابة على الموافقة على التبرع بدون مقابل مادي، للتهرب من أية مساءلات قانونية.