ads

مفكر مصري: قناة السويس ليست ممرًا خيريًا ولا هبة لأحد.. والمصريون يرفضون منطق الاستعلاء الملاحي

قناة السويس
قناة السويس

في تحدٍّ سافر للسيادة المصرية وخرق فاضح للقانون الدولي، فجّر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عاصفة سياسية دولية جديدة بتصريح فجٍّ طالب فيه بعبور السفن الأمريكية التجارية والعسكرية مجانًا عبر الممر المائي المصري – قناة السويس – ضاربًا عرض الحائط بالقانون الدولي، ومُتجاهلًا أن هذا الشريان الحيوي يقع تحت السيادة الكاملة لمصر.

تصريحٌ يعكس ذهنية استعمارية قديمة، ويكشف عن عقلية ترى في ثروات العالم وممراته الاستراتيجية حقًا مكتسبًا لواشنطن دون حسيب أو رقيب، مما أثار حالة من الاستياء الدولي والعربي، لما ينطوي عليه من مساس بسيادة الدول على ممراتها المائية.

ونعرض الجزء الثاني من دراسة المفكر والمؤرخ القضائي المصري، المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي، نائب رئيس مجلس الدولة، والمعروف بأبحاثه الوطنية في الشأن العام، بعنوان: 'ترامب يتحدى القانون الدولي بالدعوة المجانية لسيادة الممر المائي المصري قناة السويس'.

وقد راعى الفقيه المصري أن عالم اليوم يقوم على التعايش والتعاون، ويشكّل احترام القانون الدولي والأعراف المتفق عليها بين الدول أساسًا لحفظ الأمن والاستقرار، مما يجعل من هذه الدعوة المجانية تجاوزًا خطيرًا، ليس فقط على السيادة المصرية، بل أيضًا على قواعد القانون الدولي التي تنظم حركة الملاحة وحقوق الدول.

تصريح ترامب يخالف مبدأ السيادة ويهدد الأمن القانوني الدولي

يؤكد الدكتور محمد خفاجي أن 'تصريح الرئيس الأمريكي ترامب بشأن مطالبته بإعفاء السفن الأمريكية التجارية والعسكرية من الخضوع للرسوم المفروضة عند عبورها قناة السويس، يُعد خرقًا لمبدأ السيادة، ويهدد الأمن القانوني الدولي'.

ويُوضح أولًا: أن ادعاء المرور المجاني يتناقض مع مبدأ السيادة الإقليمية للدولة المصرية على قناة السويس.

ثانيًا: أن منح دولة امتياز المرور المجاني دون غيرها يُشكّل إخلالًا بمبدأ المساواة، ويُعد خرقًا لقاعدة عدم التمييز في المعاهدات الدولية، وقد تؤدي مثل هذه التصريحات السياسية غير المؤسسة قانونيًا إلى زعزعة الاستقرار في تنظيم استخدام الممرات الدولية.

ثالثًا: أن هذه التصريحات تمثل تهديدًا للأمن القانوني الدولي؛ فتسييس الممرات المائية الدولية، خصوصًا تلك ذات الأهمية الاستراتيجية والاقتصادية مثل قناة السويس، يُضعف ثقة الدول في النظام الدولي، ويعزز ممارسات القوة على حساب الشرعية القانونية.

ويؤكد الدكتور خفاجي أن 'تصريح ترامب يُمثل خروجًا عن قواعد القانون الدولي العام، ويجب مواجهته بموقف قانوني مصري صلب، مدعوم بنصوص الاتفاقيات الدولية وأحكام محكمة العدل الدولية. فالقناة ليست فقط مرفقًا استراتيجيًا، بل رمزًا للسيادة والكرامة الوطنية'.

قناة السويس ليست ممرًا خيريًا ولا هبة لأحد — المصريون يرفضون منطق الاستعلاء الملاحي

يقول الدكتور محمد خفاجي:'في لحظة مفصلية يتقاطع فيها القانون الدولي مع مطامع القوى الكبرى، تعود قناة السويس لتتوسط مشهدًا سياديًا بامتياز. فالتصريحات المنسوبة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي تُلمح إلى وجوب مرور السفن الأمريكية عبر قناة السويس مجانًا، ليست مجرد رأي سياسي عابر، بل انتهاك ضمني لسيادة وطنية اكتسبت مشروعيتها بكفاح التاريخ ونصوص القانون الدولي'.

ويضيف: 'إن قناة السويس ليست ممرًا خيريًا، وليست هبة من مصر للعالم. هي مرفق سيادي، أُنشئ بدماء المصريين، وأُمّم بإرادتهم، ويُدار وفق قوانينهم، ويخضع لاتفاقيات دولية تُقرّ جميعها بحق الدولة المصرية في فرض الرسوم وتنظيم المرور'.

محاولة فرض المرور المجاني لسفن دولة بعينها تهدد بانهيار منظومة القانون الدولي البحري

يُوضح الدكتور خفاجي:'إن محاولة فرض المرور المجاني لسفن دولة بعينها لا تُخلّ فقط بمبدأ المساواة، بل تهدد بانهيار منظومة القانون الدولي البحري. وإذا سُمح بهذا التجاوز، فما الذي يمنع دولًا أخرى من المطالبة بامتيازات مماثلة مخالفة للقانون الدولي؟ بل ما الذي يحمي أي دولة من تدخل مماثل في ممراتها ومرافقها؟'.

ويُشير إلى أن 'قناة السويس اليوم ليست فقط ممرًا مائيًا، بل رمز لسيادة لا تُنتقص، وكرامة لا تُشترى، وشرعية لا تُباع. والرأي عندي أن الرد المصري لا يحتاج إلى ضجيج إعلامي بقدر ما يحتاج إلى موقف دبلوماسي وقانوني ثابت: السيادة أولًا، والمجانية وهمٌ لا مكان له في الواقع أو في النصوص. وفي زمن التحديات الجيوسياسية، لا مجال للتنازل عن حق تنظيم المرور عبر قناة السويس وفرض الرسوم وفق السيادة الوطنية'.

قناة السويس ليست هبة بل حق مصري خالص، و"المرور الحر" ليس مجانيًا

ويقول:'بينما يتغير شكل العالم من حولنا، وتُعاد صياغة خرائط النفوذ السياسي والاقتصادي، خرج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتصريح ناري يدعو – في ما يشبه الفرض – إلى أن تمر السفن الأمريكية عبر قناة السويس مجانًا، وكأن مصر دولة بلا سيادة، أو كأن التاريخ توقف عند زمن الهيمنة الاستعمارية الذي ولى بلا رجعة'.

ويضيف المفكر المصري:'ليعلم الجميع: قناة السويس ليست ممرًا مجانيًا، بل شريانًا سياديًا بُني بدماء المصريين، ودُفع ثمنه من قوتهم وكرامتهم. هي ليست قطعة من المياه الدولية كما يُروّج البعض، بل مرفق سيادي، محكوم بنصوص القانون الدولي، وقرارات الأمم المتحدة، واتفاقية القسطنطينية، التي ضمنت لمصر حق إدارة وتنظيم المرور في هذا الشريان الحيوي، وفرض الرسوم على كل سفينة تمر فيه'.

تصريح الرئيس الأمريكي لا يعكس فقط جهلًا فادحًا بالقانون الدولي، بل يكشف عن عقلية استعلائية

ويختتم الدكتور محمد خفاجي: 'في مشهد يُعيد للأذهان زمن الغطرسة الاستعمارية، خرج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتصريح يطالب بمرور السفن الأمريكية عبر قناة السويس مجانًا. وهو تصريح لا يعكس فقط جهلًا فادحًا بأبجديات القانون الدولي، بل يكشف عن عقلية استعلائية لا تزال تعيش في أوهام القرن الماضي. لكن مصر، الدولة ذات السيادة، تقولها بوضوح: قناة السويس ليست هبة، ولا منحة، ولا خضوعًا لقوة عظمى، بل هي شريان مصري خالص، دُفع ثمنه بدماء أبناء الوطن'.

ويُتابع:'تصريحات ترامب ليست زلة لسان، بل امتداد لعقلية استعلائية ترى أن ما لا تملكه يمكن أخذه بالقوة أو الضغط أو التهديد. لكن مصر اليوم ليست مصر الأمس؛ فهي دولة تملك أدواتها، وتدرك موضعها، وتتحرك وفق منظومة قانونية دولية تمنحها الحق الكامل في رفض هذا الخطاب الصفيق'.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً