"تنيس" مدينة السحر والجمال.. هل تعود قبلة للسياحة فى بورسعيد؟

تنيس بورسعيد المنسية هل ستعود قبلة للسياحة ببورسعيد
تنيس بورسعيد المنسية هل ستعود قبلة للسياحة ببورسعيد

لعبت تنيس 'إحدى المدن الأثرية الواقعة في قلب بحيرة المنزلة' والتابعة لآثار بورسعيد، دورًا حضاريًا كبيرًا فى تاريخ مصر الإسلامية، بما حفلت به من استيطان بشرى كبير، أدى إلى ازدهار مختلف أنواع التجارة والصناعات، كما نبغ فيها كثير من أهل العلم، فكانت عاصمة الإقليم الرابع، وكانت ثغرًا هامًا ومقرًا للأسطول وبها دار صناعة السفن.

كما كانت مركزاً هاماً من أهم مراكز صناعة النسيج الراقى الرفيع وبها كانت تصنع كسوة الكعبة المشرفة قرونًا طويلة لذلك كان معظم أهلها يشتغلون بصناعة النسيج والحياكة كما كانوا يمتهنون صيد الأسماك والطيور وكانت مدينة حصينة قوية تحيط بها الأسوار ذات القلاع والأبراج وكانت محطًا لأنظارالمغيرين من البيزنطيين والصليبين.

وكثرت الغارات على تنيس، وتعددت إلى أن أمر الملك الكامل محمد بن العادل الأيوبى بتحطيم أسوارها وقلاعها، فى أوائل القرن السابع الهجري 624ۿ، فهجرها أهلوها وتهدمت أسوارها ومصانعها ودور طرازها، وبذلك انتهى دور تنيس، وبقى اسمها فى كتب التاريخ يحمل ذكريات مدينة كبيرة نهضت بدور بارز طوال ستة قرون سجلت نشاطًا حضاريًا يفوق حجمها فى مختلف الميادين الاقتصادية والاجتماعية والفكرية.

وتكشف أهل مصر فى الجزء الرابع، بعض الصناعات الزجاجية والمعدنية بتنيس، واستعراض وثائق هامة تعتبر الأقدم من نوعها في الآثار الإسلامية بمصر.

الصناعات الزجاجية فى تنيس

قال طارق إبراهيم مديرعام الآثار ببورسعيد وبحيرة المنزلة، إن الحفائر أكدت أن تنيس كانت واحدة من مراكز صناعة الزجاج في العصر الإسلامي، مثلها مثل الإسكندرية والفسطاط والمدن الأخرى، التي اشتهرت بصناعة الزجاج، خاصة وأنه يتوافر بها وبالقرب منها المواد الخام اللازمة للصناعة، وقد امدتنا حفائر المدينة بمجموعة متنوعة من الأوانى الزجاجية كالقوارير والكؤوس، وأطباق ومكاحل وقنينات متنوع الألوان الأخـضر والأزرق والبنى والعسلي والأسود والأبيض.

قونية من الزجاج ترجع الى العصر الفاطمى

وتابع 'إبراهيم' أن أكثر ما عثر عليه من هذه الأواني، ربما يرجع للقرنين الثاني والثالث الهجري، وهى عبارة عن قنينات لحفظ العطور ومكاحل تعرف عند المتخصصين باسم ذات القاعدة المضرسة، ذلك لما يوجد بين قاعدتها وبين جذور الأضراس شبه كبير، هذا بالإضافة إلى الصنج الزجاجية المختلفة هى تحمل كتابات تعبر عن العيار أوالوزن بلفظ (مثقال) أو(ميزان).

وأضاف 'إبراهيم' أنه الأقباط حذقوا صناعة هذه الأعيرة، والذى يصعب العبث به بقصد الغش، وكتبوا عليها ما يوضح تاريخها ويبين ثقلها، ومن الثابت أن صنج من الزجاج لا تميل للزيادة ولا للنقصان قد صنعت علي يد عبد الملك بن مروان، لتقدير أوزان السكة علي وجه التحديد وكانت تصنع علي شكل أقراص مستديرة، كما أثبتوا عليها أسماء الولاة والحكام المسلمـين ومقدار الثقل.

الصناعات المعدنية فى جزيرة تنيس

وتابع مدير الآثار، أنه بالنسبة للصناعات المعدنية، وما أمدتنا به حفائر المدينة، فقد تم الكشف عن مجموعة من الآلات الجراحية والطبية المصنوعة من النحاس والبرونز، يمكن إرجاع بعضها إلى بداية العصر الإسلامى، والبعض الآخر إلي العصر الفاطمي، وهى تتشابه إلى حد بعيد مع بعض الأدوات الجراحية، التى عثر عليها بالفسطاط، وبعضها الآخر يتشابه مع بعض الأدوات التي وصفها الزهراوي، في كتابه التصريف وهى عبارة عن مجموعة من المكاوي والمشارط وبعض الملاقط والجفوت.

قرط من الذهب بزخارف مفرغة من العصر الفاطمي منتصف القرن الخامس الهجري

كما كشف عن قرط من الذهب، مطعم باللؤلؤ، شكل علي هيئة أهلة وجاءت الزخارف عليه مفرغة كـ'الدانتلا'، إذ كونت الأسلاك الممتدة والمجدولة أشكالًا، لا تنتهي من الزخارف النباتية والهندسية المضفرة والمفرغة، وزين الإطار الخارجي لشكل الهلال حبات من اللؤلؤ، كما يمكن إرجاعه إلي منتصف القرن الخامس الهجري، لتشابه الزخارف مع دلايه بمتحف 'المتروبلتان ' وقرط من الفضة المطعمة بالذهب بالمتحف الإسلامي بالقاهرة.

مرود للكحل رأسه على شكل طائرين متدابرين ومشط من العظم

وأشار مدير آثار بورسعيد، إلى أنه بالنسبة للعظم والعاج، فقد كشفت الحفائرعن العديد من الحليات والمقابض زخرفت بالخرط وحشوات ودمى زخرفت بطريقة الحزوالحفر، أما أهم ما تم العثورعليه، كانت بعض أدوات صناعة النسيج ونعنى بها المغازل ورؤوسها والمواكيك والمكرات، وترجع أهمية هذه الأدوات ليست لقيمتها الفنية في صناعة العظم بل لكونها الدليل المادي علي شهرة المدينة في صناعة المنسوجات، والمغزل يتكون من قطعتين، القرص 'فلكه المغزل' والسرسور نصل المغزل Spindle، وهو قضيب أسطواني سميك من أسفل مدبب الطرف من الأمام، ونحت بهذا الشكل ليتلاءم مع قرص المغزل، وهو في العادة علي شكل نصف قبة، وذو ثقب نافذ في الوسط، وزخرف بطريقة الحز أوالحفر الغائر بزخارف هندسية ونباتية، واستخدم النحت في نصل المغزل وكلاهما من العظم واستخدم في زخرفتها النحت والحز.

مجموعة من المغازل ورؤوسها عليها زخارف الهندسية من دوائر ومثلثات ومعينات

ولفت مدير الآثار، إلى أن هناك المواكيك مفرد مكوك 'الو شيعة 'Shuttle' وهي عبارة عن قطعة من العظم الجيد مستطيلة الشكل مدببة الطرفين ناعمة الملمس يلف عليها خيوط اللحمة، وتنحصر زخرفتها في تهذيب أطرافها بالنحت وثقل سطحها.

مجموعة من المواكيك بينها احدى المكرات

لوحة من الرخام من جزئين تشير الي دار عبد العزيز الجروى القائد

وثيقة هامة ترجع الى نهاية القرن الثاني الهجري

وأكد مدير الآثار ببورسعيد، أن من أهم ما تم الكشف عنه من خلال حفائر تنيس من التحف المنقولة، لوحة من الرخام الأبيض مكونة من جزئيين هلاليا الشكل، تشكل بجزئيها شكل دائري غير منتظم الحواف حفر عليها كتابات بالخط الكـوفي البسيط ونفذ بطريقة الحفر الغائر في أربعة أسطرتقرأ: '.... له بركة ...ﻫ ..ذه الدار لعبد ... العزيز بن الوزير.... الجروي القائد ....'.

وأكد أنه ليس هناك شك في أن الخط والكتابة علي اللوحة، لها دور تسجيلي علي مستوي عالي من حيث القيمة التاريخية والعلمية والأثرية، حيث تعتبر إضافة ووثيقة هامة لنص على إحدى دور بيوت مدينة تنيس في نهاية القرن الثاني الهجري، كما أنها تعتبر الأقدم من نوعها في الآثار الإسلامية، بمصر ذلك أن يتم العثور على لوحة تحمل اسم صاحب الدار فهي نموذج فريد لهذا العصر، كما تلقى الضوء على بعض المظاهر الاجتماعية من حرص علية القوم على أبراز أهمية بيته أوداره عندما قرر وضع لوحة تحمل اسمه ولقبه على المنزل كما نفعل نحن الآن.

حفائر تنيس

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
بعد توقفها 15 عامًا.. «مدبولي» يشهد احتفالية بدء الإنتاج والتشغيل بشركة «النصر للسيارات»