اعلان

قصر شامبليون.. كنز أثري مهجور ضاع بين نزاعات الملكية (فيديو)

قصر سعيد باشا حليم
قصر سعيد باشا حليم

بوسط القاهرة وعلى بعد أمتار من ميدان التحرير وبالتحديد بشارع شامبليون يلفت أنظار المارة دائما القصر المهجور 'قصر شامبليون' الذى لا يعرف تاريخه ولا قيمته إلا القليل من المهتمين بالتراث المصرى القديم .

ويرجع هذا القصر إلى العصر العثماني فهو ملك الأميرسعيد باشا حليم حفيد محمد على باشا الكبير أحد أهم أمراء الأسرة العلوية ، ولد وعاش بمصر ، وتعلم في سويسرا العلوم السياسة ، وطلبته الدولة التركية للعمل في السلك الدبلوماسي ، وترقى حتى وصل إلى وزير خارجية تركية ، ويطلق عليه اسم قصر شامبليون نسبة لوجوده بشارع شامبليون بوسط البلد ولا علاقة للعالم جون فورنسوا شامبليون بهذا القصر لا من قريب ولا من بعيد.

بعد حدوث خلافات بين سعيد باشا و الأتراك عاد إلى مصر وقرر الزواج ، و أمر أهم المهندسين المعماريين في هذا الوقت وهو المهندس انطونيو لاشياك بتشييد قصر للزواج فيه ، ولاشياك هو أحد أهم وأمهر المهندسين المعماريين الايطاليين في هذا العصر حيث قام بتشييد وبناء العديد من القصور والمتاحف المصرية الهامة مثل قصر الخديوي توفيق ، وقصر المنتزه ،وقصر الطاهرة ، وقصر الدوبارة ، و أعاد بناء قصر عابدين بعد حرقه ، وفى عام 1895 بدء لاشياك ببناء القصر الذي يتكون من مبنى رئيسي وجناحين ، واستغرق بناء القصر ست سنوات ، وتم بنائه على مساحة تزيد عن 4781 مترا مربعا لتصل حدائقه إلى ميدان التحرير قبل اقتصاصه إلى مساحته الحالية.

وتم بناؤه على الطراز الإيطالي المسمى بـنيو باروك ويتميز هذا النوع من الفن المعماري بالاهتمام بالتفاصيل والمنحنيات و الزواية والتماثيل كما هوا واضح في بناء القصر ولقد وضع لاشياك خلاصة فنه وعلمه في هذا العمل نظرا لاهتمام وإشراف الأمير سعيد عليه بنفسه ليكون له عش ألزوجيه وتم كسوته بنوع ثمين جدا من الرخام الأحمر المستورد من بلجيكا حيث تم زخرفته بمزيج رائع من التماثيل التي تعبر عن الأساطير المصرية و ألرومانيه القديمة ويظهر بوضوح تمثال الملك ميداس صاحب الأسطورة الإغريقية الشهيرة الذي كان لديه القدرة على تحويل اى شئ يلمسه إلى ذهب ، وحوله العديد من الحوريات وكيوبيدات ، كما يتضح أيضا التشابه الكبير لوجه الإله ايزيس في بعض التماثيل وكأنها تبكي على هذا الإهمال و التردي الذي وصل إليه القصر و للأسف تم اقتصاص بوابة القصر ووضعها في قصر النحاس باشا وهى موجودة حتى الآن بقصر النحاس باشا بجاردن سيتي ، وبعد الانتهاء من البناء وفرشه بالكامل و لأسباب غير معروفة حتى الآن رفضت الأميرة ' انجي طوسون' زوجت سعيد باشا الإقامة به وفضلت العيش في قصر عين حلوان .

وبعدها طلب من سعيد باشا تولى منصب الصدارة العظمى بالدولة التركية أثناء الحرب العالمية الأولى وما لبث الأمر كثيرا حتى ظهرت الخلافات بينه وبين الإنجليز نظرا لاعتراضه على دخول تركيا الحرب ما تسبب في تقليص منصبه ، حتى انتهت الحرب وتمت محاكمته ضمن المتسببين في مذبحة الأرمن ليتم نفيه في عام 1919 إلى جزيرة مالطة لمدة عامين ليرحل بعد ذلك إلى رومه ليلقى مصرعه فور وصوله في حادثة اغتياله الشهيرة عام 1921ليموت صاحب القصر ويترك القصر يواجه مصيره المظلم المجهول .

وفي عام 1934 أصدر الملك فؤاد باشا مرسوما بتحويل القصر إلى مدرسة تابعة لوزارة المعارف و أطلق عليها اسم مدرسة الناصرية و التي تخرج منها العديد والعديد من الشخصيات العظيمة مثال مصطفى أمين وعلى أمين و إسماعيل سراج الدين وغيرهم من الشخصيات ألتاريخيه الهامة ، وتم تحويله في عام 1952 لمعسكر تدريب ضباط ألثوره في هذا الوقت ، وبعد ذلك أخلت المدرسة القصر وظل مهجورا لا يتم الاستفادة منه ، وفى بداية عام 200 قام الحزب الوطني بوضع يده على القصر لتحويله إلى مقر للحزب في المستقبل وتم استغلاله مخزن للدعاية الانتخابية للحزب ، وفى عام 2007 استطاعت وزارة الآثار استرداده إليها وكان من المقرر تحويله إلى متحف باسم ' متحف تاريخ ألقاهره' يجمع فيه جميع مقتنيات العائلة الخيديويه في مصر طبقا للمشروع الذي كانت تنوى وزارة الثقافة تنفيذه في هذا الوقت .

وما لبس الأمر طويلا حتى ظهر مالك جديد لهذا القصر وهوا رجل الأعمال الاسكندرانى المعروف 'رشاد عثمان' الذي اظهر عقود تفيد شرائه القصر من ورثة الأمير سعيد باشا ليدخل القصر في مرحلة النزاع القضائي لمدة ثلاث أعوام الأمر الذي افسد المشروع الذي كان يعتبر 'قبلة الحياة' لهذا القصر المشروع الذي قدمه المركز الفرنسي بمصر بالتعاون مع السفارة الفرنسية بالإنفاق وتحمل كافة مصاريف ترميم القصر وجعله مزار سياحي هام وسط القاهرة شاهد معالم جعبة هامة في التاريخ المصري ولكن بعد علمهم بالنزاعات القضائية على القصر تم إلغاء المشروع نهائيا .

وفي عام 2009 انتهت المحكمة بالفصل في تلك النزاعات بملكية القصر إلى رجل الأعمال رشاد عثمان الذي استلم القصر ليقوم بغلقه من هذا التاريخ وحتى الآن دون الاستفادة منه على اى وجه وضياع قيمته ألتاريخيه بين النزاعات القضائية .

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً