أكدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي ومحافظ مصر لدى البنك الدولي، أن نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي للحكومة خلال السنوات الماضية، ساهم في الحد من صدمة كورونا على الوضع الاقتصادي وانعكس بشكل إيجابي على توقعات النمو الاقتصادي للدولة فى 2020 على عكس الكثير من الدول الأخرى وفقًا لتقارير المؤسسات الدولية، مضيفة أن برامج الإصلاح الاقتصادي وتعزيز البنية التحتية مستمرة لدعم تعافي مرن ومستدام من جائحة كورونا، مؤكدة أن المشروعات التي تمت في البنية التحتية والمشروعات القطاعية في النقل والطاقة والكهرباء والتعليم وغيرها هي التي ساعدت مصر علي الاستمرار في النمو.
جاء ذلك خلال مشاركة الدكتورة رانيا المشاط، في اجتماع رفيع المستوي، عبر الإنترنت، بعنوان: 'نحو تعافي مرن وشامل ومستدام وفعال في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا'، والذي ترأسه فريد بلحاج نائب رئيس مجموعة البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وشارك في الاجتماع، يورجن فوجيل نائب الرئيس للتنمية المستدامة في البنك الدولي، وريتشارد دامانيا كبير الاقتصاديين في البنك الدولي، وإيل يونج بارك وزارة المالية الكورية، وعزيز أخنوش وزير الفلاحة المغربي، وهالة عادل الزواتي وزيرة الطاقة والثروة المعدنية بالأردن، والدكتور عبد الله بلحيف النعيمي وزير التغير المناخي والبيئة بدولة الإمارات العربية المتحدة، والدكتور مصطفى العروي وزير الشؤون المحلية والبيئة في تونس، وماسيج بوبوسكي المدير العام بالإنابة للجوار الأوروبي ومفاوضات التوسع بالمفوضية الأوروبية، والدكتور محمود محيي الدين المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي.
وأضافت الدكتورة رانيا المشاط، أن 2020 كان متوقعًا له أن يكون العام الذى سيشهد نموًا اقتصاديًا على مستوى العالم، ولكن 'كورونا' أثرت على الاقتصاد العالمى؛ وعلي الرغم من ذلك، فإن مصر الدولة الوحيدة في المنطقة التي ما زال النمو الاقتصادى الخاص بها إيجابياً، وفقاً للتقارير الدولية الصادرة مؤخرًا عن البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، والبنك الدولي، حول الاقتصاد المصري، والتي رجحت أن يحقق الاقتصاد المصري نموًا منفردًا بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث توقعا أن يحقق الاقتصاد المصري نموًا بنسبة 2% و3.5% خلال العام الجاري، بفضل مشروعات البنية التحتية التي نفذتها الدولة، وبرنامج الإصلاح الاقتصادي الناجح، فضلاً عن الاستجابة الطارئة لأزمة كورونا من خلال إجراءات حماية اجتماعية ودعم للقطاع الخاص مع الحفاظ على مسيرة العمل في المشروعات القومية الكبرى.
وقالت 'المشاط'، إن هناك استمرارية في استثمارات البنية التحتية، ففي قطاعات النقل تم إطلاق الإستراتيجية الوطنية لتطوير الطرق في عام 2014 بهدف بناء وتحديث 7000 كيلومتر من الطرق بتكلفة 10.9 مليار دولار أمريكي؛ تم الانتهاء من حوالي 4500 كيلومتر حتى الآن، ويجري ربط المحافظات النائية عن طريق تحديث نظام السكك الحديدية، كما تم تنفيذ مشروعات تطوير سكك حديدية بقيمة 40 مليار جنيه خلال السنوات الست الماضية، وتستثمر مصر حاليًا حوالي 86 مليار جنيه في السكك الحديدية لتقديم خدمات نقل أفضل للمواطنين.
وأوضحت 'المشاط'، أن الحكومة المصرية تعمل على إنشاء الموانئ الجافة التي ستوفر من خلال مشروعها الأول 3500 وظيفة شاغرة مباشرة وغير مباشرة، بالإضافة إلى المساهمة في تطوير المنطقة الصناعية والمناطق المجاورة، كما أشارت إلي تنفيذ مشروعات مترو الأنفاق بإجمالي 22 مشروعًا وبإجمالي تكلفة 512 مليار جنيه (32 مليار دولار)، حتى عام 2024، وتم الانتهاء من تنفيذ 8 مشروعات بإجمالي تكلفة 33.1 مليار جنيه، بينما يجري تنفيذ 6 مشروعات بأكثر من 200 مليار جنيه.
وفيما يتعلق بقطاع الطاقة، أشارت 'المشاط' إلي مشروع الطاقة الشمسية بنبان أسوان، والذي يدعم الهدف السابع من أهداف التنمية المستدامة بتوفير طاقة نظيفة وبأسعار معقولة، فى ظل خطة الحكومة لتوليد 20% من الكهرباء من الطاقة النظيفة بحلول عام 2022، كما يدعم الهدف الثالث عشر من أهداف التنمية المستدامة وهو العمل المناخي، بما يعكس التزام مصر دولياً بتعهداتها بشأن الاتفاقات الدولية لتغير المناخ.
وأوضحت 'المشاط'، أن مصر تمكنت خلال السنوات الأخيرة من توسيع نطاق مشاركة القطاع الخاص في البنية التحتية وتطوير نماذج شراكة ناجحة بين القطاعين العام والخاص، بفضل السياسة الوطنية التي تشجع الاستثمارات الخاصة، مشيرة إلي أن المشروع يمثل نموذجًا ناجحًا للتمويل المختلط، حيث يتألف من اتحاد يضم عددًا من شركاء التنمية ، وهم مؤسسة التمويل الدولية ، وبنك التنمية الأفريقي ، والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية مع كل من وزارة التعاون الدولي ووزارة الكهرباء والطاقة المتجددة.
ولفتت 'المشاط'، إلي أن هناك 13 شركة من القطاع الخاص تشارك في المشروع، الذي يضم 32 محطة طاقة، تنتج مجتمعة 1،650 ميجاوات من الكهرباء تكفي لتزويد مئات الآلاف من المنازل والشركات بالطاقة، وهذا يساعد على تزويد مصر ، وهي دولة سريعة النمو، بالطاقة النظيفة التي تحتاجها لدفع عجلة النمو، كما يوظف المشروع أكثر من 10000 شخص؛ مشيرة إلي أن المشروع يقلل من البصمة الكربونية لمصر من خلال خفض مستويات انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، ومن المتوقع أن يتجنب المشروع 2 مليون طن من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري سنويًا ، أي ما يعادل إبعاد حوالي 400 ألف سيارة عن الطريق.
وحول التنمية الرقمية، قالت وزيرة التعاون الدولي، إن تطوير بيئة ريادة الأعمال وتقويتها ينعكس بشكل إيجابي على خلق مزيد من فرص العمل كما يحفز الاقتصاد الدائري، مؤكدة أن ريادة الأعمال والابتكار التكنولوجي عاملات أساسيان للازدهار في عصر ما بعد كورونا لاسيما وأن وباء كورونا دفع العالم لتبني التكنولوجيا كحل وحيد لاستمرار العمل والتعلم عن بعد؛ مشيرة إلي أن مصر أظهرت مرونة كبيرة في التعامل مع جائحة كورونا من خلال استغلال البنية التحتية لدعم استمرارية الأعمال والتعليم عن بعد؛ فبالنظر إلى عدد الطلاب الضخم في مصر وإمكانية التعلم عبر الإنترنت كان أمرًا يحتاج لتجهيزات ضخمة قبل الجائحة، ولكن مع انتشار الوباء تم التعامل بشكل سريع مع الأمر، ونجحت الدولة في استكمال العام الدراسي عن بعد.
وأشارت وزيرة التعاون الدولي، إلي تبني رؤية ولغة مشتركة للتعاون بين القطاعين العام والخاص من خلال اعتماد نظام اقتصادي واجتماعي جامع الأطراف ذات الصلة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والذى تم الإعلان عنه فى المنتدي الاقتصادي العالمي، من خلال مجموعة العمل الإقليمية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا والذي يتضمن صياغة سياسات اقتصادية شاملة وعقد اجتماعي جديد، وتحفيز التكامل الاقتصادي، وإعادة تشكيل النظم التعليمية، وتسخير الثورة الصناعية الرابعة، وتعزيز الاستدامة البيئية، والتخفيف من المخاطر الصحية العالمية، والالتزام بالحوكمة الرشيدة والمرنة. وهو فرصة لإعادة تشكيل مجتمعاتنا واقتصاداتنا، مما يسمح لنا بالخروج من أزمة هذه الجائحة بشكل أقوى وأكثر توحيداً وأكثر مرونة من ذي قبل.
وكانت الدكتورة رانيا المشاط، كتبت مقالاً نشر في صحيفة الشرق الأوسط 20 يونيو الماضي، تحت عنوان' إعادة تشكيل النظامين الاقتصادي والاجتماعي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا-نظام اقتصادي جامع الأطراف ذات الصلة: القدرة على التكيف والصمود'، تطرقت خلاله إلي تشكيل النظامين الاقتصادي والاجتماعي لمنطقة الشرق الأوسط ،بتقديم طرح إقليمي مبني على أربع محاور رئيسية لتحديد جهود المشاركة بين القطاع العام والقطاع الخاص، ينتج عنه نظام اقتصادي جامع الأطراف ذات الصلة.
ونوهت 'المشاط'، إلي اهتمام الدولة بملف استدامة الدين العام وهو ما انعكس فى تقرير مؤشرات برنامج الاستعداد الائتماني مع صندوق النقد الدولى، حيث استطاعت الوزارة -فى ظل التشديد المالي للحفاظ على حدود الأمان لاستدامة الدين العام- أن تتفق على تمويلات تنموية، مع شركاء التنمية مُتعددى الأطراف والثنائيين، بقيمة 7.3 مليار دولار خلال الفترة من يناير إلى أكتوبر 2020.