شهدت السنوات الثلاثة الأخيرة توترًا بين الدول العربية ودولة قطر، والتي أثرت سلبًا علي الحركة التجارية فيما بينهم، ولعل المصالحة العربية خلال الشهر الماضي قد تعد بمثابة إنفراجة جديدة ومرحلة مختلفة من التعاون المشترك، بهدف عودة للاستثمارات خلال الفترة المقبلة، بعد تجميدها بفعل العلاقات المتوترة والاتهامات المتبادلة واختلاف الرؤى السياسية.
و أكد خبراء الاقتصاد أن المصالحة العربية التي تم توقيعها خلال القمة الخليجية الـ41، ستفتح آفاقًا جديدة من العلاقات الاقتصادية المشتركة، وخاصة العلاقات المصرية القطرية، والتي سرعان ما شهدت افتتاح فندق سانت ريجيس بكورنيش النيل القاهرة والمملوك لشركة الديار القطرية، وتبلغ استثمارات المشروع أكثر من 1.3 مليار دولار، ويضم المشروع برجين بإجمالي 515 وحدة بإجمالي مساحة 9360 متر مربع.
2.2 مليار دولار إجمالي الاستثمارات القطرية بنحو 229 شركة
وتحتل قطر المركز التاسع بين الدول المستثمرة في مصر من بين 229 شركة باستثمارات تقدر بـ 2.2 مليار جنيه مصري (حوالي 138 مليون دولار)، وفقًا لأحدث الإحصاءات الصادرة عن الهيئة المصرية العامة للاستثمار والمناطق الحرة المملوكة للدولة في مايو 2019، ولكن لم يتضح بعد عما إذا كانت هناك شركات غادرت السوق المصري منذ ذلك الوقت.
قطاع الخدمات يستحوذ على 80% من إجمالي الاستثمارات القطرية
وتتركز الاستثمارات القطرية في مصر بعدة قطاعات اقتصادية تتصدرها الاستثمارات في قطاع الخدمات التي تستحوذ على نحو 80 % من إجمالي استثماراتهم في البلاد تليها الصناعة والمقاولات وتحتل الاستثمارات الزراعية المرتبة الأخيرة.
قطر أكبر الخاسرين من المقاطعة العربية الأخيرة
وفي السياق ذاته، قال الدكتور تامر ممتاز، الخبير الاقتصادي، إن الدولة القطرية أكبر الخاسرين من المقاطعة العربية، نتيجة احتجاج بعض الدول العربية ومن بينها مصر، نتيجة لدعمها وتمويلها للمنظمات الإرهابية، مما ساهم في حدوث حالة من الانعزال شبة التام، نظراً لاعتبارها جزء أصيل من الإرهاب العالمي ضد الدول العربية الشقيقة.
وأضاف ممتاز في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر"، أن قطر لن تستطيع تضيق الخناق على الدولة المصرية، سواء من خلال تجميد استثماراتها أو تسريح الموظفين أو عدم التزامها بتنفيذ المشروعات، التي تتعلق معظمها بشركة "الديار"، والتي تمكنت من الحصول على نحو 40 مليون متر مربع في القاهرة الجديدة والبحر الأحمر، مؤكدًا أن دعم قطر للإرهاب ساهم في تأثير على تراجع علاقاتها التجارية مع الدول الخليج العربي والأسيوي.
تراجع العلاقات التجارية القطرية مع مصر
و كانت السعودية والإمارات والبحرين ومصر أعلنا في يونيو من عام 2017 قطع علاقاتها الدبلوماسية والتجارية مع قطر، وسط اتهامات لها بدعم الإرهاب والتدخل في شئون دول المنطقة العربية.
وأوضح الخبير الاقتصادي، أن المصالحة العربية التي وقعتها وزارة الخارجية المصرية مع قطر خلال القمة الخليجية الـ41، تأتي في إطار تعزيز التضامن مع الدول العربية الشقيقة ولكن مع ضمان أمان البشرية والتصدي للخلايا السرطانية الإرهابية.
السياحة و التعدين أبرز الاستثمارات المقترحة
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أبرز القطاعات الاستثمارية المقترحة ما بين مصر وقطر خلال المرحلة المقبلة، هما الاستثمار في المنشآت السياحية في المدن الساحلية مثل الغردقة وشرم الشيخ والعالمين الجديدة، بالإضافة إلى الاستثمار في القطاع التعديني، ومنها القطاعات البتر وكيماويات التي يتم تصنيعها من مشتقات البترول عند استخراجه، مؤكدًا أن تلك الصناعات هي المستقبل، نظرًا لأنها تحقق عائد من الإيرادات كبير، مشيرًا إلى مساهمة قطر للبترول عبر شركة التكرير العربية باستثمارات في مشروع مصفاة الشركة المصرية للتكرير الذي ينتج 4.7 مليون طن سنويًا من المنتجات البترولية، لافتًا إلى الصناعات الخاصة بالغاز الطبيعي في مصر لاعتبارها إحدى الدول الإستراتيجية والمحورية في صناعات الغاز في البحر المتوسط.
6.9 مليون دولار تراجعًا في حجم التبادل التجاري بين مصر وقطر
قال محمد محمود، الخبير الاقتصادي، أنه لا تزال الرؤية غير واضحة بشكل كبير بشأن المصالحة العربية مع قطر، مشيرًا إلى أنه لا يمكن فصل السياسة عن الاقتصاد إلا أن الاستثمارات الأجنبية تبقى بعيدة عن الصراعات السياسية إلى حد كبير، بسبب تشجيع الدولة لكافة الاستثمارات الملكية الخاصة للأفراد واحترام الدولة، موضحًا أن الجهات المعنية في مصر لم تمس أي استثمارات قطرية رغم الأزمة السياسية بين البلدين.
المصالحة العربية تشترط محاربة الإرهاب
وأضاف "محمود" في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر"، أن الدولة المصرية ترحب بكافة الاستثمارات الأجنبية وفقًا للقانون والدستور، كما أن الاستثمارات القطرية بالأساس ليست كبيرة بما يكفي، وبالتالي لم يحدث تطور ملحوظ في حركة التجارة والاستثمار بين مصر وقطر خلال السنوات الماضية، نتيجة الخلافات السياسية العميقة، موضحا أنه لا يمكن الحكم علي مدي انتعاش الاستثمارات القطرية في مصر خلال الفترة الحالية، وخصوصاً في ظل عدم الالتزام بشروط المصالحة العربية المتعلقة بمحاربة دعم الإرهاب.
تدهور العلاقات التجارية القطرية
وأوضح الخبير الاقتصادي، أن حجم التبادل التجاري بين البلدين تدهور بشكل كبير خلال فترة المقاطعة العربية، ووفقًا للأرقام الرسمية الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بلغت صادرات مصر لقطر خلال عام 2019 بقيمة 171 ألف دولار مقابل 7.1 مليون دولار خلال عام 2018، حيث قدرت قيمة التراجع بنحو 6.9 مليون دولار خلال عام واحد، وذلك يوضح تضاؤل عمليات التبادل التجاري بين البلدين بسبب المقاطعة.