أثار قرار تصفية شركة الحديد والصلب حالة من الاستياء بين الخبراء الاقتصاديين ،الذين أكدوا أن هناك العديد من الحلول الاقتصادية بدلا من تصفية الشركة التي تعد من أهم الشركات القومية ، التي تأسست عام 1954، وتمتلك نحو 83% من أسهم شركة الحديد والصلب بموجب قانون شركات قطاع الأعمال العام رقم 203 لسنة 1991.
وكانت الجمعية العمومية للشركة في يناير 2021 قررت تقسيم الشركة إلى شركتين "شركة الحديد والصلب"، وسيتم تصفيتها وشركة" المناجم والمحاجر" والذي سيدخل القطاع الخاص شريكًا بها.
قال محمد محمود الخبير الاقتصادى، إن شركة الصناعات المعدنية القابضة لديها في حدود 15 شركة تابعة مثل شركة مصر للألومنيوم والمصرية للإنشاءات المعدنية "ميتالكو" وشركة الحديد والصلب المصرية والشركة العامة لمنتجات الخزف والصيني وغيرها من الشركات، وبالطبع هناك شركات واعدة وشركات تحقق أرباح وشركات أخرى لها وضع مالي متعثر حيث يوجد حوالي 7 شركات خاسرة وتحتاج إلى تدخل عاجل.
وأوضح الخبير الاقتصادى فى تصريحه الخاص لـ "أهل مصر"، أن خسائر الشركة بلغت 982 مليون جنيه في السنة المالية 2019-2020 مقابل 1.5 مليار تقريبا في العام المالي 2018-2019، ووفقاً للأرقام كانت هناك جهود لتطوير أداء الشركة وتقليل الخسائر وصولا الى تحقيق أرباح وهي الفترة التي كانت التي ترأس فيها مجلس إدارة الشركة القابضة الدكتور مدحت نافع إلى أن تقدم باستقالته وكانت الأمور تسير في طريق جيد.
موضحا أن ما حدث خلال الربع الأول من السنة المالية 2020-2021، وهو أن الشركة لم تستطع تغطية أسعار بيع جميع المنتجات لتكلفتها المتغيرة، كما لم تستطع الإنتاج بكميات اقتصادية والتي تسمح بتغطية تكلفتها على الأقل، وتكبدت خسائر بنحو 274 مليون جنيه في الربع الأول من السنة المالية 2020-2021 ، كما بلغت مديونيات الشركة 3 مليارات جنية في 30 سبتمبر 2020.
وأشار الى توقف الإنتاج بالشركة بشكل متكرر نتيجة تقادم الآلات والمعدات وعدم توافر الخامات اللازمة كما أن هناك أزمات أخرى مثل العمالة غير مؤهلة والبطالة المقنعة وكلها أمور تعاني منها معظم شركات القطاع العام ، كما ارتفعت مديونيات الشركة لدى البنوك والهيئات الحكومية " شركات الكهرباء والغاز" وبالتالي من الصعب إيجاد أي تسهيلات بنكية.
مشيرا الى أن القوة العاملة في الشركة بلغت أجور العاملين للشركة 827 مليون جنيه في السنة المالية الماضية 2019-2020 مقابل 844 مليوناً قبل عام، في حين وصل عدد العاملين بالشركة خلال السنة المالية 2019-2020 إلى 7114 عاملاً و قامت الشركة القابضة في نوفمبر 2019 حتى أغسطس 2020، إلى تسديد رواتب الموظفين ومنحة العاملين بنحو 417 مليون جنيه.
وأضاف أن شركة "الحديد والصلب" كان لها دور قومي كبير في الاقتصاد القومي حيث كان للمصنع دور رئيسي فى بناء السد العالى في أسوان أحد أعظم المشروعات في تاريخ مصر الحديث وذلك لتوفير الألواح والكمرات الصلب التى تم استخدامها فى بناء جسم السد العالي من الإنتاج المحلى لمجمع الحديد والصلب.
مضيفا الى أن رئيس الشركة القابضة السابق الدكتور مدحت نافع صرح في أوقات عديدة و مراراً وتكرارًا أن شركة الحديد والصلب لم تصفي وقال أن هناك مسارات لتطوير الشركة، وأن هناك شراكة مع شركة أوكرانية على ثلاث مراحل تنتهي بإنشاء مصنع لمكورات الحديد بالشراكة مع القطاع الخاص، بتكلفة نحو 65 مليون دولار، بإنتاجية تصل إلى مليون طن مكورات سنويا، مما يعطى الأمل فى انقاذ الشركة، وأضاف الى أن هذه الخطط تنافي تصريحات رئيس الشركة القابضة الحالي المهندس محمد السعداوي بخصوص استحالة استمرار عمل شركة الحديد والصلب ، صحيح أن هناك جهود تبذلها الدولة في شركات القطاع العام وخصوصاً لتأهيل شركة النصر للسيارات وشركات الغزل والنسيج ولكن من الضروري أيضا الحفاظ بشكل او بأخر علي كافة الشركات الحالية.
ويرى الخبير الاقتصادي أنه من الممكن تقديم حلول أخرى ،حيث أن الشركة عانت من سوء إدارة خلال فترات طويلة وكان من الممكن الاستعانة بمستثمر شريك محلي او أجنبي دون التصفية والتي لم تكن الحل الوحيد والامثل بكل تأكيد ، خاصة أن المبدأ العام في عالم الشركات والأعمال أن الشركة وجدت لتبقى وأن التصفية هي آخر الحلول المتاحة خصوصا مع شركة قدمت إسهامات بارزة في الاقتصاد الوطني ، كما أن عملية التصفية تفتح باب اسئلة حول تقييم أصول الشركة حيث تواجه معظم الشركات التي توقف نشاطها سواء القطاع العام او الخاص مشكلات في تقييم أصولها ، كما أنه لابد من النظر إلى أوضاع العمالة في الشركة.
ومن جانبه يرى د.محمد عبد الهادى الخبير الاقتصادى، أن من أكثر القرارات الاقتصادية خلال هذا العام هو تصفية شركة الحديد والصلب التي أقيمت سنة 1954 أي منذ حوالي 67 عاما والتي تكونت برأس مال مصري بقيمة اسمية للسهم تقدر بحوالي 2 جنيه، وقد فشلت كل محاولات انقاذ المصنع بعد خسائر تقدر بحوالي 8.2 مليار جنيه وقد ارتفعت قيمة المديونيات بالتتابع ( 4.5 مليار جنيه سنة 2018 و 5.3 مليار جنيه سنة 2019 ثم 6 مليار جنيه سنة 2020 ) ، وتلك المديونيات لشركات الغاز بقيمة 4 مليار جنيه والكهرباء 1.5 مليار جنيه و241 مليون لشركه الكوك و165 مليون لشركه مياه وأخيرا 116 مليون لشركة السكك الحديد.
وأوضح الخبير الاقتصادى أن تصفية الشركة هي إجراءات تجريها الشركة من أجل تسوية الحقوق وسداد الديون وفق أولوياتها وتوزيع الباقي من قيمة الشركة على الشركاء (المساهمين) أن وجد وبالتالي كانت على وزارة قطاع الأعمال وحفاظا على حقوق المساهمين القيام بفصل نشاط الحديد والصلب إلى شركتين أولهما شركة الحديد والصلب المناجم والمحاجر وشركة الحديد والصلب الرئيسية ولذلك بعد الفصل يكون للمساهم الحديد والصلب أسهم في الشركة الجديدة بقيمة اسمية 20 قرش، والأخرى يتم تصفيتها وسداد كافة مديونيتها.
موضحا أن المشكلة ليست بإيجاد حلول للمستثمرين ولكن تعد من الشركات المرتبطة بالمواطن المصري بعد ثورة 1952 ومن مساهمات مصرية لأول مرة ، بالإضافة أنها كانت تصنع الحديد لبناء السد العالي بخلاف أنها من أكثر الشركات التي تمتلك أراضي ( 790 فدان بحوزته الشركة بالتبين و654 فدان بالواحات البحرية و 54 فدانا مشتراه من الشركة القومية و45 ألف متر مربع بأسوان بخلاف أرض المصنع) وكان من المخطط أن يتم بيع 270 فدان بالتبين و325 فدان داخل أسوار الشركة تقدر بحوالي 1.23 مليار جنيه لسداد جزء من مديونيات الشركة ، وبالتالي في وجود شركة عريقة بكفاح المصريين وتمتلك أراضي كثيرة في ظل أن الصناعة في مجملها تحقق مكاسب كبيرة بالمقارنة بالشركات الأخرى ، وكلها شركات رابحة.
وأشار الخبير الاقتصادى إلى انه لابد من اعاده وتقدير وعرض الحلول ومنها ما يكتشفه أن أكثر مديونيات الشركة مديونية متعلقة بشركة الغاز التي تقدر بحوالي 4 مليار جنيه وللأسف سوف تواجه عدة شركات نفس مصير شركة الحديد والصلب إذا لم يتم إعادة النظر في تخفيض سعر الغاز للمصانع من 4.5 $ الى 3 $ ) على الأقل وكذلك إسناد الشركة إلى مؤسسة كبيرة لإعادة هيكلتها أو عمل مناقصة عالمية لتطوير الشركة، حتى لا نخفق حلم من احلام جمال عبد الناصر والشعب المصري بأكمله.
وقال د.رمزى الجرم الخبير الاقتصادى، أن صناعة الحديد والصلب؛ تُعد أحد أهم الصناعات الاستراتيجية في كافة الاقتصادات على اختلاف ايديولوجيتها السياسية والاقتصادية، بالشكل الذي لا يُمكن تَصور وجود ثورة صناعية في أي اقتصاد؛ بدون الاعتماد على الحديد والصلب، باعتباره عصب الحياة الاقتصادية؛ قديماً وحديثاً؛ إلا أن تَراخي الحكومات المتعاقبة منذ عام 2005 وحتى الآن، في شأن المشاكل المتوطنة التي تهدد شركة الحديد والصلب بحلوان بالانهيار؛ كما حدث بالقومية للإسمنت؛ سيكون له تداعيات سلبية على الاقتصاد العام بشكل غير مسبوق؛ بل ربما يَعصف بكثير من الانجازات على صعيد المشروعات التنموية التي حدثت في الفترة الحالية.
وأكد الخبير الاقتصادى فى تصريحه لـ "أهل مصر" أن الحديد والصلب؛ يُعد سلعة وسيطة تُغذي العديد من الصناعات المختلفة بالخامات اللازمة للإنتاج؛ وبما يؤدي إلى تدهور طائفة كبيرة من الصناعات المرتبطة؛ هذا في ظل سَعي الدولة الحثيث؛ نحو زيادة المكون الصناعي في أرقام الناتج المحلي الإجمالي، ودمج القطاع الخاص الصناعي؛ ليضطلع بدوره التنموي في زيادة معدلات النمو الاقتصادي، والذي يستهدف نمواً يُقدر بنحو 3.6٪ من الناتج المحلي الإجمالي، خلال العام آمالي 2020 /2021، للعمل على إحداث تنمية اقتصادية واجتماعية مستدامة، والقضاء على البطالة، وزيادة فرص العمل، ودمج الاقتصاد غير الرسمي في الاقتصاد الرسمي من خلال استراتيجية الشمول المالي والنمو الصناعي.
وأوضح أن الجدوى الاقتصادية، كانت تتمثل في توفير موارد مالية لتنمية النشاط الجاري للشركة، من خلال استيراد معدات وآلات حديثة تواكب التطور الذي لحق بتلك الصناعة؛ وتخصيص جزء من الأموال المخصصة لإنقاذ 5184 من المصانع المتعثرة في إطار مبادرة البنك المركزي المصري لدعم القطاع الصناعي باعتباره قاطرة النمو للاقتصاد المصري خلال الفترة المقبلة، بعد تهيئة البيئة الملائمة للانطلاق والنمو المستدام، فضلاً عن توفير الآليات التي تَدفع مشاركة القطاع الخاص في عملية التطوير، وتقديم حِزمة من الإعفاءات الضريبية وغيرها، وحَل المشاكل المتعلقة بفحم الكوك؛ والتي تتسبب في تعطل الشركة لأكثر من 15 يوما كل شهر، مع العمل على بيع كميات كبيرة من الخردة؛ وسداد مديونية الشركة لشركات الكهرباء والغاز ومستحقات شركة الكوك، خصوصاً إذا ما علمنا أن الشركة قامت في الفترة الأخيرة وخلال أقل من شهرين؛ ببيع ما قيمته 3 مليار جنيه من الخردة، وسداد جزء من الديون المتراكمة.
موضحًا أنه كان من الأجدى اقتصاديا، أن يتم بيع الأراضي المملوكة للشركة ؛ إذا ما علمنا أن الشركة تمتلك أصول ضخمة غير مستغلة، تتمثل في قطعة أرض وضع يد بمساحة 790 فدان بمنطقة التبين، ومساحة 654 فدان وضع يد بالواحات البحرية، ومساحة 54 فدان مشتراه من الشركة القومية للأسمنت عام 1979، ومساحة 45 ألف متر مربع بأسوان ؛ نتيجة تسوية نزاع مع شركة الصناعات الكيماوية (كيما)، فضلاً عن كميات كبيرة من الخردة تصل لنحو 600 ألف طن، وجبل التراب الذي يحتوي على خردة تقدر بنحو 700 ألف طن، تُقدر بنحو 5 مليار جنية على أقل تقدير؛ على أنه وفقاً لأخر تطورات الوضع بشأن أوضاع الشركة في الفترة الأخيرة؛ هو السير قدماً في إجراءات تقييم أوضاع عدد (3) قطع أراضي تقدر بنحو 1500 فدان في التبين والواحات البحرية السابق ذكرهما؛ للاستفادة منها في تسوية عدد من المديونيات المستحقة.
وأكد أن شركة الحديد والصلب، ليست كأي كيان يمكن التصرف فيه بالتصفية مهما بلغ الأمر؛ نظراً لأنها أهم الصناعات الاستراتيجية في كافة الاقتصادات، وعلى الرغم من طرح ثلاث سيناريوهات، لوقف نزيف الخسائر المتراكمة، سواء خلال ضخ استثمارات جديدة لإحياء الشركة، أو تأسيس شركة جديدة، أو التوقف مؤقتاً، لحين حسم الديون المتراكمة، ولكن سيناريو التصفية كان هو الأبعد في تلك السيناريوهات، بل أسوأها على الإطلاق.