قال محمد محمود عبد الرحيم، الخبير الاقتصادي، إن أسعار الغاز في مصر غير تنافسية بالمقارنة مع الدول الأخرى، مما يساهم في تراجع الفرص التصديرية لبعض المنتجات التي تعتمد بشكل رئيسي على الغاز لاعتبارها أحد المكونات الهامة في العديد من الصناعات المختلفة، خاصة الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة مثل الحديد والصلب والمسبوكات وبعض صناعات الأسمدة والسيراميك، ويعد الغاز مصدرًا للطاقة في كثير من المصانع بشكل عام.
وأضاف عبد الرحيم، في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر"، أن أسعار الطاقة تعد أحد العوامل المؤثرة في تسعير وتكلفة المنتج النهائي للمصانع، موضحا أن تسعير الطاقة يلعب دورًا بارزًا في القدرة التنافسية للصادرات المصرية في بعض القطاعات، حيث تأثرت القدرة التصديرية للصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة، ويظهر ذلك من خلال هبوط صادرات مصر من الحديد والصلب بنسبة 37% لتسجل الصادرات 252 مليون دولار بالنصف الأول من 2020 مقارنة بـ402 مليون دولار بالعام السابق 2019.
وأوضح عبد الرحيم أن القطاع الصناعي يحتاج إلى تدعيم لزيادة مساهمته في الاقتصاد الوطني خلال الفترة الحالية، وذلك في ظل أزمة كورونا وتوقف الطاقة الإنتاجية في بعض الصناعات، مشيرًا إلى أن التوجيهات الرئاسية بتقديم الحلول المناسبة للوصول بصادرات مصر إلى رقم 100 مليار دولار لا يمكن تحقيقها إلا عن طريق مجموعة من الحوافز التصديرية للمستثمرين ومنها ضبط أسعار الطاقة.
وأكد الخبير الاقتصادي أنه بالفعل خفضت أسعار الغاز للصناعة إلى 4.5 دولار بعدما كان يقدر بنحو 5.5 دولار سابقًا، ولكن يمكن القول أن هذا السعر لا يزال مرتفعًا نسبياً خلال الفترة الحالية، على الرغم أن متوسط السعر العالمي للغاز حاليًا يصل إلى 2.5 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية، في حين أن أرض الواقع يصل سعر الغاز بقيمة 4.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية، وهو أمر يقلل من فرص تنافسية المنتج المصري سواء في التصدير أو منافسة المنتجات المستورة.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن خفض سعر الغاز للمصانع هو مطلب جماعي من المستثمرين ورجال الأعمال، في ظل ارتفاع التكاليف بشكل عام، مضيفًا أن من المتوقع أن الحكومة لن تتأخر في الإعلان عن خفض أسعار الغاز الطبيعي للمصانع قريبًا، ولكن لا بد من وجود نقطة توازن تسعيرية بين الحكومة والمصانع، حيث ينبغي أن يكون التخفيض مدروس وله عوائد إيجابية للطرفين.
وأكد عبد الرحيم أن تخفيض سعر الطاقة من أهم محفزات الاستثمار في كافة أنحاء العالم، ويعتبر أحد أنواع الدعم الحكومي الغير مباشر للصناعة الوطنية، خاصة في وجود بعض التوجيهات الحكومية نحو ترشيد الاستيراد وإحلال المنتجات الوطنية محل المنتجات المستوردة، موضحًا أن هناك جهودًا على أرض الواقع ودراسات مستمرة لأسعار الطاقة، حيث تم تثبيت أسعار الكهرباء للقطاع الصناعي 5 سنوات، في حين يرى البعض أن تكلفة الكهرباء ببعض الصناعات كثيفة استخدام الكهرباء لا تزال مرتفعة وتحتاج إلى مراجعة أيضًا، ومن ثم لا بد من وضع آليات مستقرة وثابتة؛ لضمان التسعير العادل بمحتلف أنواع الطاقة للمصانع في مصر، بهدف تشجيع أصحاب المصانع والمستثمرين من أجل تحقيق أقصى طاقة إنتاجية بأقل تكاليف مع ضبط الأسعار في السوق المحلي واختراق الأسواق الدولية في التصدير.